أطلق المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية منظومة شاملة من 21 برنامجًا متخصصًا في إكثار الأنواع الفطرية المهددة بالانقراض وإعادة تأهيلها في بيئاتها الطبيعية. تأتي هذه الخطوة ضمن جهود وطنية واسعة النطاق تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي وتعزيز استدامة النظم البيئية في جميع أنحاء المملكة. بدأ المركز بتنفيذ سبعة برامج في عام 2021، وتوسع نطاق العمل تدريجيًا ليصل إلى 21 برنامجًا بحلول عام 2025.

تستهدف هذه البرامج المتنوعة مجموعة واسعة من الحيوانات البرية، بدءًا من الثدييات الكبيرة مثل المها العربي والنمر العربي، وصولًا إلى الطيور مثل الحبارى والنعام، وحتى الأرانب البرية. يمثل هذا الجهد استجابة مباشرة للتحديات التي تواجهها الحياة الفطرية في المملكة، بما في ذلك فقدان الموائل والصيد الجائر والتغيرات المناخية.

برامج إكثار الأنواع الفطرية: تفاصيل وأهداف

تعتمد برامج الإكثار على منهجية علمية دقيقة تتضمن عدة مراحل رئيسية. وفقًا للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، تبدأ العملية بجمع الأصول الوراثية النقية وتوثيق السلالات المحلية، ثم إدارة المجموعات الوراثية بشكل يضمن التنوع الوراثي. تشمل المراحل اللاحقة التطعيمات، وبرامج السلامة الأحيائية، والإكثار في منشآت متخصصة.

الأنواع المستهدفة وتوزيعها

تغطي البرامج ستة أنواع من الظلفيات، بما في ذلك المها العربي وظبي الريم. بالإضافة إلى ذلك، هناك ستة برامج مخصصة للمفترسات مثل الذئب العربي والضبع المخطط. كما يركز المركز على الطيور، مع سبعة برامج تستهدف أنواعًا مثل الحبارى والنعام والعقعق العسيري. ويشمل النطاق أيضًا برامج للأرانب البرية في مناطق مختلفة من هضبة نجد.

لا تقتصر هذه البرامج على الأنواع المهددة بالانقراض بشكل مباشر. بل تشمل أيضًا الأنواع المحلية التي تعاني من ضغوط بيئية متزايدة. يهدف هذا النهج الشامل إلى تعزيز استقرار النظم البيئية بشكل عام، وليس فقط حماية الأنواع الأكثر عرضة للخطر. يُعد هذا التوجه جزءًا من استراتيجية أوسع للحفاظ على التنوع البيولوجي في المملكة.

عمليات إعادة التوطين والمتابعة

بعد مرحلة الإكثار، يتم تأهيل الحيوانات قبل إطلاقها في الموائل المناسبة. تُجرى عمليات إعادة التوطين ضمن نطاق التوزيع التاريخي لكل نوع في المملكة. بعد الإطلاق، تتم متابعة حالة الأنواع من خلال برامج رصد مستمرة لتقييم قدرتها على الاندماج في البيئات الطبيعية وتكوين مجموعات متكاثرة ذاتيًا. تساعد هذه البيانات في تحسين فعالية برامج الإكثار وإعادة التوطين في المستقبل.

يُذكر أن برنامج إكثار النمر العربي انتقل من المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية إلى الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، مع استمرار الجهود لتطوير هذا البرنامج الحيوي. يعكس هذا الانتقال التعاون بين مختلف الجهات الحكومية في المملكة لتحقيق أهداف مشتركة في مجال الحفاظ على البيئة.

أهمية برامج الإكثار ودورها في استدامة البيئة

تعتبر منظومة الإكثار ركيزة أساسية في جهود المملكة للحفاظ على الأنواع الفطرية. تلعب هذه البرامج دورًا حاسمًا في دعم الأنواع المهددة وتعزيز حضورها في مواطنها الطبيعية. كما تساهم في استعادة التوازن البيئي وحيوية النظم البيئية. يؤكد المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على أهمية التطوير المستمر لهذه البرامج وتوسيع نطاقها وتمكينها علميًا وميدانيًا.

بالإضافة إلى الحفاظ على الأنواع المهددة، تساهم هذه البرامج في تعزيز الاستدامة البيئية بشكل عام. من خلال إعادة بناء المجموعات الحيوانية وتعزيز التنوع الوراثي، تساعد هذه البرامج في جعل النظم البيئية أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التغيرات البيئية. يعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي يشهدها العالم.

من المتوقع أن يستمر المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في تطوير هذه البرامج وتوسيع نطاقها في السنوات القادمة. سيتم التركيز بشكل خاص على تحسين التقنيات المستخدمة في الإكثار وإعادة التوطين، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات البحثية والمنظمات البيئية المحلية والدولية. سيتم تقييم فعالية البرامج بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات والفرص الجديدة التي قد تظهر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version