شهدت أسواق الذهب العالمية تراجعًا طفيفًا في أسعارها خلال تعاملات آسيا المبكرة اليوم الثلاثاء، بعد ارتفاع ملحوظ في الجلسة السابقة وصل إلى أعلى مستوى له منذ ستة أسابيع. يأتي هذا الانخفاض وسط عمليات جني أرباح حذرة من قبل المستثمرين، بالتزامن مع ترقبهم الشديد لتصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى بيانات اقتصادية رئيسية من شأنها أن تؤثر على توقعات خفض أسعار الفائدة في المستقبل. هذا التذبذب في أسعار الذهب يعكس حالة عدم اليقين السائدة في الأسواق.
وبحسب وكالة رويترز، انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% ليصل إلى 2322.93 دولارًا للأوقية، بعد أن سجل يوم الاثنين أعلى سعر له منذ 21 أكتوبر. كما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم شهر ديسمبر بنسبة 0.4% لتسجل 2356.30 دولارًا. هذه التحركات تشير إلى أن السوق قد تكون في مرحلة تصحيح بعد الارتفاع الأخير.
تراجع أسعار الذهب وتأثير البيانات الاقتصادية
يعزو المحللون هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها رغبة المستثمرين في تأمين الأرباح بعد سلسلة الارتفاعات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك، يترقب السوق عن كثب صدور بيانات اقتصادية مهمة هذا الأسبوع، والتي قد تقدم رؤى حول مسار السياسة النقدية الأمريكية. تعتبر هذه البيانات حاسمة في تحديد توقعات أسعار الفائدة.
بيانات التوظيف ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي
أهم هذه البيانات هي أرقام التوظيف لشهر نوفمبر، والمقرر إصدارها غدًا الأربعاء. من المتوقع أن تعكس هذه الأرقام مدى قوة سوق العمل في الولايات المتحدة، وهو عامل رئيسي يؤثر على قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
كما يترقب المستثمرون بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر سبتمبر، والتي ستصدر يوم الجمعة. يعتبر مؤشر PCE مقياسًا للتضخم المفضل لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي فإن أي تغييرات فيه قد تؤثر بشكل كبير على توقعات أسعار الفائدة.
تعتبر أسعار الفائدة من العوامل الرئيسية التي تؤثر على جاذبية الذهب كأصل استثماري. عادةً ما يرتفع سعر الذهب عندما تنخفض أسعار الفائدة، حيث يصبح الاحتفاظ بالذهب أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات ذات العائد الثابت.
تصريحات باول ومستقبل السياسة النقدية
من المتوقع أن تلقي تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الضوء على رؤية البنك المركزي بشأن الاقتصاد والسياسة النقدية. سيراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات حول متى قد يبدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة. توقعات خفض الفائدة تدعم عادةً أسعار الذهب.
يشير بعض المحللين إلى أن البنك المركزي الأمريكي قد يكون أكثر حذرًا بشأن خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وذلك بسبب استمرار التضخم فوق الهدف المحدد. هذا التحفظ قد يحد من المكاسب المحتملة لأسعار الذهب.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر التوترات الجيوسياسية العالمية على أسعار الذهب. غالباً ما يعتبر الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات، مما يؤدي إلى زيادة الطلب عليه وارتفاع أسعاره. على سبيل المثال، أثرت الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط على أسعار الذهب في فترات سابقة.
فيما يتعلق بالمعادن النفيسة الأخرى، انخفض سعر الفضة إلى 75.40 دولارًا للأوقية. شهد البلاتين تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.3% ليبلغ 1652.05 دولارًا للأوقية، بينما شهد البلاديوم ارتفاعًا بنسبة 0.22% ليصل إلى 427.22 دولارًا. تتأثر هذه المعادن أيضًا بظروف السوق الكلية والتغيرات في أسعار الفائدة.
توقعات أداء الذهب في المدى القصير
بشكل عام، يعتبر أداء الذهب جيدًا في عام 2023، مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، فإن تقلبات الأسعار قد تستمر في المدى القصير، خاصة مع قرب صدور البيانات الاقتصادية المهمة وتصريحات المسؤولين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
يرجح أن تظل أسعار الذهب حساسة لأي تغييرات في توقعات أسعار الفائدة والتطورات الجيوسياسية. قد يشهد سعر الذهب ارتفاعًا إذا أظهرت البيانات الاقتصادية تباطؤًا في النمو أو إذا تبنى البنك المركزي الأمريكي موقفًا أكثر تساهلاً بشأن السياسة النقدية.
يتوقع المحللون أن يتراوح سعر الذهب بين 2300 و 2380 دولارًا للأوقية في الأيام القليلة المقبلة، وذلك قبل صدور بيانات التوظيف ومؤشر PCE. وتبقى الرؤية حول اتجاه الأسعار على المدى الطويل غير مؤكدة، وتعتمد على مجموعة واسعة من العوامل الاقتصادية والسياسية.



