أعلنت هيئة تقويم التعليم والتدريب عن قفزة نوعية في جودة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية، حيث أصدرت خلال عام 2025 أكثر من 500 قرار اعتماد أكاديمي للبرامج والمؤسسات التعليمية. وتهدف الهيئة من خلال هذه القرارات إلى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تطوير جودة التعليم ورفع كفاءة مخرجاته. هذا التقدم يعكس التزام المملكة بتوفير تعليم عالي الجودة يلبي احتياجات سوق العمل.

وبحسب تصريحات الدكتور بندر بن عبدالرحمن الخيال، المدير العام للاعتماد البرامجي بالهيئة، ارتفعت نسبة البرامج الأكاديمية المعتمدة في المملكة إلى 44%، بينما بلغ عدد المؤسسات الأكاديمية الحكومية والأهلية المعتمدة 51 مؤسسة، وهو ما يمثل 76% من إجمالي مؤسسات التعليم العالي. وقد شمل تطبيق اختبارات الجاهزية أكثر من 40 ألف طالب وطالبة في أكثر من 570 برنامج بكالوريوس في 50 جامعة.

تطورات الاعتماد الأكاديمي في السعودية

هذا الإنجاز يمثل تحولًا ملحوظًا في قطاع التعليم الجامعي، بحسب مراقبين، وينطوي على جهود كبيرة بذلتها الهيئة والجامعات على حد سواء. يأتي هذا في سياق سعي المملكة لتحقيق أهدافها الطموحة في رؤية 2030، والتي تولي أهمية قصوى لتطوير رأس المال البشري.

دور القيادة الرشيدة ورؤية المملكة 2030

أكد الدكتور الخيال أن هذا التقدم الملموس يعكس الدعم الكبير الذي تحظى به منظومة التعليم من قبل القيادة الرشيدة. وكانت رؤية المملكة 2030 قد أسهمت في تطوير “النموذج السعودي لجودة التعليم”، والذي تعتمده الهيئة الآن كإطار عمل رئيسي لعمليات التقويم والاعتماد.

يُركز النموذج السعودي على التقويم الشامل، وتوظيف البيانات، والتحسين المستمر، وذلك بالشراكة الوثيقة مع الجامعات والجهات المعنية. وتشمل أدواته الرئيسية الاعتماد الأكاديمي، واختبارات القبول والجاهزية، ومبادرة التصنيف، بالإضافة إلى تبادل البيانات لتعزيز التطوير والارتقاء بالمستوى التعليمي.

جامعة تبوك نموذجًا للتميز

في هذا الإطار، سلط الدكتور الخيال الضوء على إنجاز جامعة تبوك الاستثنائي بحصول جميع برامج البكالوريوس بها على الاعتماد الأكاديمي بنسبة 100%. واعتبر هذا الإنجاز نموذجًا يُحتذى به في العمل المؤسسي وتطبيق معايير الجودة الوطنية.

وبينما تُعد جامعة تبوك مثالًا ملهمًا، تسعى الهيئة إلى تعميم هذا النموذج على جميع المؤسسات التعليمية في المملكة. يشير هذا إلى أن المؤشرات الحالية قد تكون مجرد بداية لعملية تحسين مستمرة تهدف إلى رفع مستوى التعليم العالي في جميع أنحاء البلاد. وتشمل الجهود المستمرة تطوير معايير الجودة الأكاديمية، وتقديم الدعم الفني والمالي للجامعات، وتشجيع البحث العلمي والابتكار.

غرفة حالة التعليم والتدريب: مرصد وطني

علاوة على ذلك، تعمل الهيئة على تطوير “غرفة حالة التعليم والتدريب” لتكون بمثابة مرصد وطني. يهدف هذا المرصد إلى دعم صُنّاع القرار من خلال توفير بيانات دقيقة وموثوقة حول أداء قطاع التعليم. كما ستمكن الغرفة الجامعات من الاستفادة من مؤشرات الجودة في تحسين برامجها وخدماتها.

وتعتبر مبادرة غرفة حالة التعليم والتدريب خطوة استراتيجية نحو تحقيق رؤية المملكة 2030 في مجال التعليم، حيث تتيح للجهات المعنية اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على أدلة قوية، مما يزيد من فرص نجاح برامج الإصلاح والتطوير.

مستقبل الاعتماد الأكاديمي والتحديات المحتملة

من المتوقع أن تواصل الهيئة جهودها في مجال الاعتماد البرامجي بوتيرة متسارعة خلال السنوات القادمة. وتركز الهيئة حاليًا على تطوير آليات جديدة للاعتماد تتناسب مع التطورات المتلاحقة في مجال التعليم. كما تعمل على تعزيز التعاون مع المؤسسات التعليمية الدولية للاستفادة من أفضل الممارسات العالمية.

ومع ذلك، قد تواجه الهيئة بعض التحديات في المستقبل، مثل الحاجة إلى زيادة عدد المقومين المؤهلين، وتوفير التمويل الكافي لتنفيذ برامج الجودة، والتغلب على المقاومة المحتملة للتغيير من بعض المؤسسات التعليمية. ومن المهم مراقبة قدرة الهيئة على التغلب على هذه التحديات، والتأكد من أن جهودها تؤدي إلى تحسين ملموس في جودة التعليم العالي في المملكة.

في الختام، تمثل هذه التطورات خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال التعليم. ويتوقع أن تعلن الهيئة عن المزيد من القرارات المماثلة في المستقبل القريب، مما سيعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي للتميز الأكاديمي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version