حلب تتنفس أملاً: أكثر من 426 مليون دولار لإعادة إعمار المدينة خلال أيام
شهدت مدينة حلب، قلب سوريا النابض، دفعة أمل قوية بعد جمع حملة تبرعات واسعة النطاق لأكثر من 426 مليون دولار أمريكي خلال ثلاثة أيام فقط. هذه المبالغ الضخمة، التي أعلنت عنها محافظة حلب، تُعد بمثابة شهادة على التضامن الشعبي والرغبة الصادقة في إعادة بناء ما دمره الصراع. وتُعتبر هذه الحملة، التي أطلق عليها اسم “حلب ست الكل”، إيذاناً ببداية فصل جديد من النهضة في هذه المدينة التي عانت كثيراً، وستساهم بشكل كبير في إعادة إعمار حلب وتأهيل بنيتها التحتية المتضررة.
حملة “حلب ست الكل”: تعبير عن الوفاء والتضحية
وصف محافظ حلب، عزام الغريب، الحملة بأنها “فعالية رد الجميل” للمدينة وأهلها، مؤكداً أن حلب قدمت الكثير خلال سنوات الثورة السورية. وأضاف أن المدينة دفعت ثمناً باهظاً من الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل، بالإضافة إلى خسائر بشرية كبيرة. هذه التبرعات تمثل أكثر من مجرد مساعدة مالية؛ إنها تعبير عن الوفاء والتقدير لتضحيات أهل حلب في سبيل تحقيق العدالة والحرية والكرامة.
تجاوز حصيلة التبرعات لحملات سابقة
تجاوزت حصيلة التبرعات لحلب تلك التي تحققت في حملات مماثلة بمحافظات أخرى. ففي الشهر الماضي، جمعت حملة “فداء لحماة” أكثر من 210 مليون دولار، وهو رقم قياسي في حد ذاته. لكن “حلب ست الكل” استطاعت أن تضاعف هذا الإنجاز، مما يؤكد على مكانة حلب الخاصة في قلوب السوريين. ويعكس هذا التجاوز إحساساً عميقاً بالمسؤولية تجاه إعادة بناء هذه المدينة الحيوية.
حلب: البوابة الاقتصادية لسوريا الجديدة
شدد الرئيس السوري، أحمد الشرع، على أهمية حلب الاستراتيجية، واصفاً إياها بـ “البوابة الاقتصادية لنهضة سوريا”. وأكد أن حلب ستلعب دوراً قيادياً في تنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية في البلاد خلال الفترة القادمة. وأضاف الرئيس الشرع خلال كلمته التي ألقاها عن طريق الفيديو كونفرنس، أن حلب كانت دائماً “المفتاح والبوابة لكل سوريا”، وأن استعادتها يمثل نقطة تحول رئيسية في مسيرة البلاد نحو الاستقرار والازدهار. ويهدف التركيز على إعادة تأهيل البنية التحتية إلى توفير الأساس اللازم للنمو الاقتصادي المستدام.
سلسلة مبادرات لإحياء حلب
لم تكن حملة “حلب ست الكل” الأولى من نوعها، بل هي امتداد لسلسلة من المبادرات التي هدفت إلى النهوض بالمدينة. شملت هذه المبادرات حملة “لعيونك يا حلب” التي ركزت على تحسين الظروف المعيشية، وحملة “المليون غرسة” التي استهدفت إعادة تأهيل المساحات الخضراء، وحملة “منورة حلب” التي عملت على إنارة الشوارع الرئيسية.
خطط مستقبلية لتطوير المدينة
بالإضافة إلى هذه المبادرات، هناك خطة شاملة لتأهيل الطرقات في حلب خلال العام القادم 2026. هذه الخطط المتكاملة تؤكد على العزم القوي لإعادة حلب إلى سابق عهدها، بل وتحويلها إلى مدينة أكثر حداثة وتطوراً. وتسعى هذه الجهود الرامية إلى التنمية المستدامة في حلب إلى تحقيق تحسينات ملموسة في حياة المواطنين.
تكامل الجهود الوطنية والمجتمعية
تأتي هذه الحملات في إطار تكامل الجهود الوطنية والمجتمعية لإعادة بناء ما دمره الصراع. شهدت العديد من المحافظات السورية إطلاق مبادرات مماثلة، مثل “أربعاء حمص” و “أبشري حوران” و “دير العز” و “الوفاء لإدلب”، والتي حظيت بدعم كبير من مختلف شرائح المجتمع. وحرص الرئيس الشرع على حضور العديد من هذه الحملات، مما يؤكد على اهتمامه الشخصي بهذه المبادرات ودعمه لها.
إن نجاح حملة “حلب ست الكل” يعكس القوة الكامنة في التكاتف والتعاون بين السوريين، والرغبة في بناء مستقبل أفضل لأجيالهم القادمة. ويتطلب الأمر استمرار هذه الجهود، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لضمان تحقيق تطوير حلب الحضري المستدام والشامل.
في الختام، إن جمع أكثر من 426 مليون دولار لإعادة إعمار حلب خلال ثلاثة أيام فقط يمثل إنجازاً تاريخياً وبداية واعدة لفصل جديد من النهضة في هذه المدينة العريقة. هذا الإنجاز يدعو إلى مواصلة الدعم والمساهمة في جهود إعادة البناء والتنمية، لكي تستعيد حلب مكانتها كبوابة اقتصادية وثقافية لسوريا. ندعو الجميع إلى المشاركة الفعالة في هذه المبادرات، وكلنا أمل بأن نشهد حلب وهي تعود أجمل وأقوى مما كانت عليه.



