اختتم حي حراء الثقافي في مكة المكرمة فعاليات “صُنّاع الحِرف” بنجاح كبير، مسجلاً إقبالاً واسعاً من الزوار المحليين والدوليين. استمرت الفعاليات خمسة أيام، من 22 إلى 26 نوفمبر، وقدمت منصة تفاعلية للاحتفاء بـالحرف التقليدية السعودية وتسليط الضوء على أهميتها الثقافية والاقتصادية. تضمنت الفعالية مجموعة متنوعة من الأنشطة والورش التي تهدف إلى إحياء التراث وتعزيزه.
تأتي هذه الفعاليات في سياق الاهتمام المتزايد في المملكة العربية السعودية بالفنون والحرف اليدوية، والسعي إلى دعم الصناعات الإبداعية كجزء من خطط التنويع الاقتصادي. وقد شهد حي حراء الثقافي خلال هذه الأيام، حضوراً كبيراً من العائلات والأفراد الذين حرصوا على التعرف على مختلف جوانب التراث الوطني.
أهمية الحرف التقليدية السعودية وتعزيز الهوية الوطنية
تعتبر الحرف التقليدية السعودية جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمملكة. فهي تعكس تاريخاً طويلاً من الإبداع والمهارة، وتجسد قيم وعادات وتقاليد الأجداد. وترتبط هذه الحرف بمختلف مناطق المملكة وتنوعها الجغرافي، حيث لكل منطقة حرفها المميزة التي تعبر عن أصالتها.
وتنقسم هذه الحرف إلى عدة أنواع رئيسية، مثل النسيج والسدو، والنجارة، وصناعة الفخار، وصناعة المجوهرات، وغيرها الكثير. وتعتمد هذه الحرف على مواد خام طبيعية متوفرة في البيئة المحلية، مما يضفي عليها طابعاً فريداً ومستداماً.
ورشة الحرفي الصغير.. تجربة تعليمية ممتعة
حظيت ورشة “الحرفي الصغير” بإقبال كبير من الأطفال وأسرهم، حيث أتاحت للأطفال فرصة تعلم مهارات الحرف اليدوية بطريقة مبسطة وممتعة. ركزت الورشة بشكل خاص على فن “السدو”، وهو أحد أقدم وأشهر الحرف النسيجية في المنطقة.
شملت الورشة تدريباً عملياً على تقنيات السدو الأساسية، وتعليم الأطفال كيفية استخدام الخيوط الملونة لإنشاء تصاميم تقليدية. وقد أشاد أولياء الأمور بهذه المبادرة، مشيرين إلى أنها تساهم في غرس حب التراث في نفوس الأجيال الجديدة وتعزيز تقديرهم للحرف اليدوية. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الورشة فرصة لقضاء وقت ممتع ومفيد مع العائلة.
وخلال الفعاليات، تم عرض مجموعة متنوعة من المنتجات الحرفية التي تعكس مهارة وإبداع الحرفيين السعوديين. وشملت المعروضات السجاد والأقمشة المنسوجة، والأعمال الخشبية، والتحف الفخارية، والمجوهرات التقليدية، وغيرها. وقد لاقى هذه المنتجات إعجاب الزوار الذين حرصوا على اقتناء بعضها كتذكار من الفعالية.
كما تضمنت الفعاليات العديد من المسابقات والألعاب التفاعلية التي استهدفت جميع الفئات العمرية. وقد تم توزيع جوائز قيمة على الفائزين في المسابقات، مما أضفى المزيد من الحماس والمرح على الأجواء. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم توفير منطقة مخصصة للأطعمة الشعبية التي استمتع بها الزوار.
تأتي هذه الفعاليات في إطار جهود وزارة الثقافة ووزارة السياحة والهيئة العامة للسياحة والتراث لدعم الحرفيين المحليين وتشجيعهم على الاستمرار في ممارسة حرفهم. وتهدف هذه الجهود إلى الحفاظ على التراث الثقافي للمملكة وتعزيزه، وتحويله إلى مصدر من مصادر الدخل الاقتصادي المستدام. منصة السعودية للزوار تُركز بشكل متزايد على التجارب الثقافية الأصيلة كجزء من عروضها السياحية.
وشهد اليوم الختامي تفاعلاً كبيراً من الحضور، حيث شارك الزوار في الأنشطة المتبقية واستمتعوا بالعروض التراثية والمأكولات الشعبية. وقد عبر المنظمون عن سعادتهم بنجاح الفعاليات والإقبال الكبير الذي حققته، مؤكدين على أهمية استمرار هذه المبادرات في المستقبل.
وأشار منظمو “صُنّاع الحِرف” إلى أنهم يخططون لإطلاق المزيد من البرامج والمبادرات المماثلة في مختلف مناطق المملكة. وتشمل هذه الخطط تنظيم ورش عمل تدريبية للحرفيين، وإنشاء منصات تسويقية لعرض منتجاتهم، وتوفير الدعم المالي والفني لهم.
وفي المستقبل القريب، تتجه الأنظار نحو تقييم شامل لنتائج هذه الفعاليات، ووضع خطة عمل تفصيلية لتطويرها وتحسينها. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هذه الخطة في بداية العام القادم، مع تحديد جدول زمني واضح لتنفيذها. وزارة الثقافة لم تصدر بعد تقريراً مفصلاً عن الفعاليات، لكنها أكدت على أهمية دعم الحرفيين.
ويبقى الإقبال الكبير على “صُنّاع الحِرف” مؤشراً إيجابياً على اهتمام المجتمع السعودي بالتراث والثقافة. ويعكس هذا الاهتمام رغبة في الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيزها، ونقلها إلى الأجيال القادمة. ويُعد دعم الحرفيين المحليين جزءاً أساسياً من هذه الرؤية.


