جميل حسن، مهندس القمع في سوريا: مطاردة دولية ومحاولات لإعادة إحياء شبكة دعم في لبنان

تتصاعد الضغوط الدولية على جميل حسن، المدير السابق للمخابرات الجوية السورية، المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال فترة الثورة السورية وما تلاها. وتأتي هذه الضغوط في ظل تقارير تشير إلى محاولات منه ومن عناصر موالية للنظام السابق لإعادة بناء شبكة دعم له داخل الأراضي اللبنانية. هذه القضية تلقي الضوء على المساعي الدولية لتحقيق العدالة للضحايا السوريين، وتعقيدات الوضع السياسي والأمني في لبنان.

مطالبة سوريا وفرنسا باعتقال جميل حسن: تفاصيل القضية

أعلنت كل من سوريا وفرنسا عن مطالبتهما بلبنان باعتقال جميل حسن، الذي يُعتبر من أبرز المسؤولين الأمنيين في نظام بشار الأسد. وتستند هذه المطالبات إلى اتهامات خطيرة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتحديداً دوره المحوري في قمع المظاهرات السلمية التي اندلعت في عام 2011.

وقد أدانت المحكمة الفرنسية حسن غيابياً لدوره في هذه الجرائم، بينما أصدرت ألمانيا مذكرة توقيف بحقه. بالإضافة إلى ذلك، يلاحقه مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI) بتهمة اختطاف وتعذيب مواطنين أمريكيين. هذه الاتهامات المتعددة تجعل من جميل حسن شخصية محورية في جهود المساءلة عن الانتهاكات التي ارتكبت في سوريا.

دور المخابرات الجوية في القمع السوري

لطالما عُرفت المخابرات الجوية السورية بأنها الجهاز الأمني الأكثر وحشية وسرية في البلاد، خاصة خلال فترة حكم عائلة الأسد. تولى جميل حسن قيادة هذا الجهاز في عام 2009، وشهدت فترة إدارته تصعيداً حاداً في عمليات القمع والتنكيل بالمعارضين.

هندسة القمع: وثيقة سرية تكشف عن الخطة

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن وثيقة أمنية سرية تعود إلى عام 2011، تكشف عن اجتماع جمع جميل حسن وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى في دمشق. خلال هذا الاجتماع، تم التخطيط لحملة تضليل وقمع عنيفة ضد المتظاهرين والمعارضين.

تضمنت الوثيقة تعليمات صريحة لقمع الاحتجاجات بالقوة الغاشمة، مع الإشارة إلى ضرورة محاكاة أساليب القمع التي استخدمها الرئيس الراحل حافظ الأسد في حماة عام 1982، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص. كما نصت الوثيقة على استخدام القناصة لإطلاق النار على الحشود، مع الحرص على إخفاء مصدر إطلاق النار وتقليل عدد الضحايا في كل عملية لتجنب إلقاء اللوم بشكل مباشر على الدولة.

جرائم حرب وتعذيب ممنهج: سجل جميل حسن

لا يقتصر دور جميل حسن على التخطيط للقمع، بل يمتد ليشمل الإشراف المباشر على عمليات التعذيب والقتل التي استهدفت المدنيين السوريين. فقد لعب دوراً أساسياً في الحملة المتوحشة التي تعرضت لها مدينة داريا في عام 2012، حيث أرسل قوات النظام السابق مدعومة بدبابات ورجال مخابرات الجوية لاعتقال وتعذيب المدنيين.

وكان لدى جهاز مخابرات القوات الجوية محكمة عسكرية ميدانية خاصة في منطقة المزة بدمشق، تقوم بإصدار أحكام بالإعدام أو إرسال المحكومين إلى سجن صيدنايا سيئ السمة. بالإضافة إلى ذلك، عُثر على مقبرة جماعية خاصة بالجهاز في موقع القوات الجوية، مما يؤكد حجم الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري.

وتتهم وزارة العدل الأمريكية جميل حسن بتدبير حملة تعذيب وحشية شملت أساليب لا إنسانية مثل جلد المعتقلين بالخراطيم، وخلع أظافرهم، وضربهم حتى العجز، وسحق أسنانهم، وحرقهم بالسجائر والأحماض.

الوضع الحالي ومحاولات إعادة التموضع في لبنان

على الرغم من سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، لا يزال مكان اختباء جميل حسن مجهولاً. ومع ذلك، يشتبه العديد من المسؤولين السوريين والغربيين في وجوده في لبنان، حيث يسعى مسؤولو المخابرات السابقون في النظام إلى إعادة بناء شبكة دعم له.

هذا التطور يثير قلقاً بالغاً في الأوساط السياسية والأمنية، حيث يخشى البعض من أن يشكل حسن قاعدة انطلاق لعمليات تخريب أو زعزعة استقرار المنطقة. وتواجه الحكومة اللبنانية ضغوطاً كبيرة من المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة للقبض على حسن وتسليمه إلى الجهات القضائية المختصة.

مستقبل المساءلة والعدالة في سوريا

تعتبر قضية جميل حسن جزءاً من جهود أوسع نطاقاً لتحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في سوريا. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذه الجهود، إلا أن هناك إصراراً دولياً على عدم السماح للمجرمين بالإفلات من العقاب.

إن القبض على جميل حسن وتسليمه إلى العدالة سيكون بمثابة رسالة قوية للضحايا السوريين، وأكد على أن المجتمع الدولي لن يتخلى عنهم في سعيهم للحصول على حقوقهم. بالإضافة إلى ذلك، سيعزز هذا الإجراء الجهود المبذولة لمنع تكرار هذه الجرائم في المستقبل.

الخلاصة:

قضية جميل حسن تمثل علامة فارقة في جهود المساءلة عن الجرائم التي ارتكبت في سوريا. المطالبات الدولية باعتقاله، والتقارير عن محاولات إعادة تموضعه في لبنان، تسلط الضوء على تعقيدات الوضع السياسي والأمني في المنطقة. تحقيق العدالة للضحايا السوريين يتطلب تضافر الجهود الدولية، واتخاذ إجراءات حاسمة ضد المسؤولين عن هذه الجرائم.

شارك هذا المقال على وسائل التواصل الاجتماعي للمساهمة في نشر الوعي حول هذه القضية الهامة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version