قال قادة أوروبيون -أمس السبت- إن مسار السلام في أوكرانيا لا يمكن تقريره دون مشاركة كييف و”دون وقف لإطلاق النار أو تقليص للعمليات العدائية” في حين أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفضه التخلي عن أي أراض، ودعا إلى ضرورة إشراك كييف في أي تسوية للحرب مع روسيا.

وقد أصدر قادة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفنلندا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بيانا مشتركا يؤكد “التزامهم بالمبدأ الذي ينص على أن الحدود الدولية لا يمكن تغييرها بالقوة” وأن “خط التماس الحالي يجب أن يكون نقطة انطلاق المفاوضات”.

وفي وقت سابق أمس، نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي قوله إن اجتماعات بالعاصمة البريطانية -شارك فيها مسؤولون أميركيون وأوكرانيون- أحرزت تقدما كبيرا نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا.

خطة روسية

ونقل الموقع الأميركي عن مصادر قولها إن الاجتماع يهدف لمحاولة التوصل إلى مواقف مشتركة قبيل اجتماع متوقع الأسبوع المقبل بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الواقعة أقصى الشمال الغربي للقارة الأميركية والقريبة من روسيا.

وفي السياق، نقلت شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مسؤولين غربيين قولهم إن مسؤولين أميركيين أَطلعوا زعماء أوروبيين ومسؤولين أوكرانيين على خطة عرضها بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا مقابل تنازلات إقليمية كبيرة من كييف.

وتتطلب الخطة -التي قدمها بوتين إلى المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف في اجتماع بموسكو الأربعاء- تتطلب من أوكرانيا التنازل عن إقليم دونباس الذي تسيطر روسيا على معظمه وكذلك عن شبه جزيرة القرم.

كما تنص الخطة على تجميد خطوط المعركة الحالية، لكن التفاصيل الأخرى للاقتراح لا تزال غير واضحة. وبحسب “سي إن إن” فقد أثارت الخطة حفيظة مسؤولين أوروبيين أعربوا عن قلقهم من أن تكون هذه محاولة من بوتين لتجنب العقوبات التي هدد ترامب بفرضها.

مقترح أوروبي

وقالت “وول ستريت جورنال” إن مسؤولين أوروبيين قدموا اقتراحا مضادا يتضمن مطالب بأن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل اتخاذ أي خطوات أخرى، وأن يكون أي هناك تبادل للأراضي مع ضمانات أمنية حازمة.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن مفاوض أوروبي قوله “لا يمكن بدء أي عملية بالتنازل عن أراض في خضم القتال”.

ومن جهته، أكد مسؤول أوروبي أن ممثلين أوروبيين قدموا مقترحا مضادا في الاجتماع، لكنه أحجم عن ذكر أي تفاصيل.

وتطالب موسكو بأن تتخلّى كييف رسميا عن 4 مناطق يحتلّها الجيش الروسي جزئيا هي دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون، فضلا عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي أعلن الكرملين ضمّها بقرار أحادي سنة 2014.

كما تشترط موسكو أن تتوقّف أوكرانيا عن تلقّي أسلحة غربية، وتتخلّى عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وتعتبر كييف هذه الشروط غير مقبولة، وتطالب بسحب القوّات الروسية وبضمانات أمنية غربية، من بينها مواصلة تسلّم أسلحة ونشر كتيبة أوروبية على أراضيها.

رفض أوكراني

وأمس، أجرى زيلينسكي مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أعرب خلالها عن امتنانه لدعم لندن المتواصل لكييف.

وأكد الجانبان خطورة خطة موسكو الرامية للاستيلاء على أجزاء واسعة من شرق أوكرانيا في أي اتفاق سلام.

وشدد زيلينسكي على حاجة بلاده إلى سلام حقيقي ومستدام، مؤكدا مواصلة العمل من أجل دبلوماسية بناءة وحلول فعالة.

ومن جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه “لا يمكن تقرير مستقبل أوكرانيا دون الأوكرانيين” وإن دول أوروبا “ستكون جزءا من الحل لأن الأمر يتعلق بأمنها”.

أما زيلينسكي فقد قال إن الأوكرانيين “لن يسلموا أرضهم للمحتلين” وإن أي حلول دون بلاده “ستكون ضد السلام”. وأكد استعداده للعمل مع ترامب وجميع الشركاء من أجل سلام حقيقي وطويل الأمد.

وأكد أيضا أن بلاده لا تلمس أي تحوّلات في الموقف الروسي، وأن “الروس غير راغبين في وقف القتال، ويستمرون في دعم الحرب”.

وبعد الاتصال، أعلنت بريطانيا أن وزير خارجيتها ديفيد لامي وجيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي سينظمان اجتماعا لمستشاري الأمن القومي الأوروبيين والأميركيين “لمناقشة التقدم الذي يتعين تحقيقه لإرساء سلام عادل ودائم” في أوكرانيا.

ومن جهته أكد الفرنسي أن “مستقبل أوكرانيا” لا يمكن أن يُقرر “بدون الأوكرانيين”. وكتب ماكرون على منصة إكس “الأوروبيون أيضا سيكونون بالضرورة جزءا من الحل لأن أمنهم يعتمد عليه”.

وأودت الحرب -التي بدأتها روسيا على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 بحياة عشرات الآلاف على أقل تقدير في كلا الجانبين، وتسّببت بدمار كبير. لكن بعد أكثر من 3 سنوات من المعارك، ما زال التباين سيّد الموقف بين مطالب كييف وموسكو. وتُتّهم روسيا بعرقلة المفاوضات من خلال الإبقاء على سقف مطالبها العالي، في حين تتقدّم قوّاتها ميدانيا.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version