انتخابات المجالس البلدية في ليبيا: خطوة نحو الاستقرار المحلي

شهدت ليبيا اليوم السبت الموافق 13 ديسمبر 2025، انطلاقة المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية في تسع مدن رئيسية، بما في ذلك بنغازي، ثاني أكبر مدن البلاد. تأتي هذه الخطوة الهامة في إطار جهود متواصلة لتعزيز الحكم المحلي وتقوية البنية التحتية للدولة، وتعتبر جزءًا من عملية أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا. هذه الانتخابات، التي تشهد مشاركة واسعة من المرشحين والناخبين، تحمل في طياتها آمالًا كبيرة في بناء مستقبل أفضل للمواطنين الليبيين.

تفاصيل الاقتراع في المرحلة الثالثة

افتتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة التاسعة صباحًا واستمرت حتى السادسة مساءً، مما أتاح الفرصة لأكثر من 120 ألف ناخب وناخبة للإدلاء بأصواتهم. المدن التي شهدت هذا الاقتراع هي بنغازي، وسرت، وسبها، وطبرق، وقصر الجدي، وتوكرة، والأبيار، وسلوق، وقمينس. تعتبر هذه الانتخابات حيوية بشكل خاص لبنغازي، التي عانت من سنوات من الصراع وعدم الاستقرار.

مشاركة واسعة من المرشحين

بلغ عدد المرشحين الإجمالي 922 شخصًا، منهم 638 رجلًا و 284 امرأة. هذه النسبة من المشاركة النسائية تعتبر إيجابية وتعكس رغبة متزايدة في تمثيل المرأة في صنع القرار المحلي. يتنافس المرشحون على 87 مقعدًا في المجالس البلدية، موزعين بين 213 مرشحًا بالنظام الفردي و 709 ضمن 65 قائمة انتخابية. كما تم تخصيص 21 مقعدًا للنساء و 9 للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يضمن تمثيلًا عادلاً لجميع فئات المجتمع.

إقبال الناخبين وتوقعات النتائج

يشير الإقبال الملحوظ على مراكز الاقتراع إلى وعي المواطنين بأهمية انتخابات المجالس البلدية ودورها في تحسين الخدمات الأساسية وتلبية احتياجاتهم. من المتوقع أن تعكس نتائج هذه الانتخابات تطلعات السكان المحليين نحو التنمية والازدهار. العملية الانتخابية تسير بشكل عام بسلاسة، مع وجود إجراءات أمنية مشددة لضمان سلامة الناخبين والمراقبين.

دعم دولي وأهمية العملية الانتخابية

حظيت هذه الانتخابات بدعم وتأييد من المجتمع الدولي، وعلى رأسهم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. ورحبت البعثة بانطلاق الاقتراع، مؤكدة أنه يتماشى مع دعوة مجلس الأمن لاستئناف العمليات الانتخابية في المناطق التي عُلقت فيها سابقًا.

دور الأمم المتحدة في دعم الاستقرار

شددت البعثة على أهمية مشاركة جميع الناخبين في بناء إدارة محلية فعالة ومسؤولة، ودعت السلطات المحلية إلى توفير الأمن وحماية العملية الانتخابية واحترام إرادة الشعب الليبي. هذا الدعم الدولي يعكس الاعتراف بأهمية الانتخابات المحلية كخطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في ليبيا. كما أن نجاح هذه الانتخابات سيعزز الثقة في العملية الديمقراطية ويشجع على المضي قدمًا في إجراء الانتخابات الوطنية.

مراحل الانتخابات السابقة واللاحقة

تأتي المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية بعد إتمام مرحلتين سابقتين. المرحلة الأولى شملت 58 بلدية وانتهت في نوفمبر 2024، بينما شملت المرحلة الثانية 63 بلدية وانطلقت في أغسطس 2025. المرحلة الحالية والأخيرة تشمل 22 بلدية، وبذلك تكون المفوضية الوطنية العليا للانتخابات قد غطت معظم المدن والبلديات الليبية.

نحو انتخابات وطنية شاملة

بالرغم من أهمية هذه الانتخابات المحلية، إلا أن الليبيين ينتظرون بفارغ الصبر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية شاملة لإنهاء الانقسامات القائمة منذ عام 2022. هذه الانقسامات أدت إلى وجود حكومتين متوازيتين، إحداهما برئاسة أسامة حماد في الشرق، والأخرى برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس غرب البلاد. إن تحقيق توافق وطني وإجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة يعتبر أمرًا ضروريًا لإنهاء الأزمة السياسية وبناء دولة قوية ومستقرة. اللامركزية الإدارية التي تسعى هذه الانتخابات إلى تحقيقها، تعتبر خطوة مهمة في هذا الاتجاه.

التحديات التي تواجه العملية الانتخابية

تواجه العملية الانتخابية في ليبيا العديد من التحديات، بما في ذلك الوضع الأمني المتدهور في بعض المناطق، والتدخلات الخارجية، ونقص الموارد المالية والإدارية. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بتسجيل الناخبين والتحقق من هوياتهم، وضمان سلامة ونزاهة العملية الانتخابية. التغلب على هذه التحديات يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف الليبية، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي. الحوكمة الرشيدة هي مفتاح النجاح في بناء مستقبل أفضل لليبيا.

في الختام، تمثل انتخابات المجالس البلدية في ليبيا خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار المحلي وتعزيز الديمقراطية. إن مشاركة الشعب الليبي في هذه الانتخابات تعكس إرادتهم في بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولأجيالهم القادمة. نتمنى أن تسهم هذه الانتخابات في تحقيق التنمية والازدهار لجميع المدن والبلديات الليبية، وأن تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية شاملة في أقرب وقت ممكن. ندعو جميع الليبيين إلى مواصلة العمل معًا من أجل بناء دولة قوية ومستقرة ومزدهرة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version