نظم مهرجان “خنت” البلجيكي فعالية استثنائية تحت عنوان “J’accuse” (أنا أتهم) لكسر الصمت الأوروبي حول ما وصفه المشاركون بالإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى مساءلة الحكومات الأوروبية عن تواطؤها في الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

واستلهمت الفعالية عنوانها من رواية الكاتب الفرنسي إميل زولا الشهيرة عام 1898، التي دافع فيها عن العدالة ودعا إلى كسر حاجز الصمت لتحقيق الإنصاف.

وجمعت المبادرة مثقفين وحقوقيين وأكاديميين بلجيكيين في جهد تضامني منسق، وأكد إريك غومان، -منظم ومنسق مناقشات مهرجان “خنت” منذ 36 عاما- أن قطاع غزة “لم يعد موجودا فعليا” بسبب الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل.

“الإبادة كل يوم”

ووصف غومان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– بأنه “مجرم حرب يجب محاكمته في لاهاي”، مؤكدا ضرورة عدم تجاهل قضية غزة في مناقشات هذا العام.

ولفت المنظم البلجيكي إلى أرقام صادمة تعكس حجم الكارثة الإنسانية، حيث أشار إلى إجلاء 700 ألف شخص من منازلهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية من أصل مليوني نسمة في القطاع.

وأضاف أن عدد الأطفال الذين يموتون من سوء التغذية في تزايد مستمر، مستشهدا بتقرير للجزيرة ذكر وفاة 19 طفلا بسبب سوء التغذية ومقتل 115 شخصا خلال توزيع المساعدات الغذائية.

ورفض غومان بشدة الادعاءات التي تصف الجيش الإسرائيلي بأنه “أكثر الجيوش أخلاقية في العالم”، مؤكدا أنه يرتكب جرائم حرب موثقة.

وأشار إلى شهادات جنود إسرائيليين أُجبروا من قبل قادتهم على إطلاق النار على مدنيين عاديين كانوا يحاولون الحصول على الخبز والدقيق والأرز من نقاط توزيع المساعدات الغذائية، مؤكدا أن الضباط الكبار يجب أن يحاكموا على جرائم الحرب.

وربط المنظم الأحداث الجارية بالسياق التاريخي الأوسع، مؤكدا أن “هذه الإبادة الجماعية كانت مكتوبة في النجوم” كنتيجة حتمية لسياسة الاحتلال والفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل منذ عام 1948.

ووصف الأحداث الحالية بأنها “النتيجة النهائية” لعقود من هذه السياسات، مؤكدا أن هذه الممارسات تحدث “كل يوم وكل ليلة بينما نحن نتفرج”.

وأعلن المشاركون عن خطة طموحة لوضع لائحة اتهام رسمية ضد الدولة البلجيكية والحكومة الفلمنكية بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية في غزة

“فشل سياسي وأخلاقي”

وانضم إلى هذه الانتقادات الخبير في القانون الدكتور دميتري فاندميرشن، الذي حذر من أن أوروبا تواجه “فشلا سياسيا وأخلاقيا وقانونيا” في التعامل مع الوضع في غزة.

وأوضح أن كل دولة ملزمة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ببذل كل ما في وسعها لمنع الإبادة الجماعية عند وجود خطر حقيقي لحدوثها، مشيرا إلى أن محكمة العدل الدولية أكدت بوضوح منذ أكثر من عام ونصف وجود هذا الخطر.

وانتقد فاندميرشن بشدة “النفاق الأوروبي” في التعامل مع القانون الدولي، موضحا أن القادة الأوروبيين يبشرون بالقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا والعدوان الروسي، لكنهم يصمتون تماما عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات الإسرائيلية.

ولفت إلى المفارقة الصارخة في استمرار الروابط الدبلوماسية الوثيقة مع نتنياهو، المطلوب حاليا من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وأكد الخبير أن ما يحدث في غزة ليس استثناء تاريخيا، بل نتيجة منطقية لسياسة احتلال مستمرة منذ عقود.

وأشار إلى أن التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة يمثل استمرارا لنمط قائم منذ عقود في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث أكدت محكمة العدل الدولية أن الالتزام بإنهاء هذا الوضع يقع على جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك بلجيكا.

وعبر فاندميرشن عن اعتقاده أن النظام الإسرائيلي قادر على كل شيء إذا لم توقفه القوى الحليفة، معربا عن عدم إيمانه بوجود حركة ديمقراطية إسرائيلية داخلية قادرة على إحداث التغيير.

برلماني أوروبي: يجب أن يتوقف التواطؤ الأوروبي تجاه غزة

آلة الدعاية داخل إسرائيل

وأشار إلى نجاح آلة الدعاية داخل إسرائيل في حشد حوالي 90% من السكان خلف حملة التجويع، مما يجعل الطريق الوحيد للحل هو الضغط الدولي.

وأكد الخبير أن الإبادة الجماعية والاحتلال يمثلان “مشروعا جماعيا”، موضحا أنه إذا سحبت الدول الحليفة لإسرائيل دعمها، فإن هذا الوضع سينتهي خلال شهر أو شهرين.

وأوضح أن إسرائيل، كدولة صغيرة، لا تملك القدرة اللوجستية العسكرية ولا الاقتصادية لمواصلة هذا الوضع دون الدعم الخارجي من أوروبا الغربية والولايات المتحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version