شهدت القارة الأفريقية عام 2025 سلسلة من التطورات الدراماتيكية التي أعادت تشكيل ملامحها السياسية والأمنية والاقتصادية. لم يكن هذا العام مجرد مرور زمني، بل كان نقطة تحول مفصلية، تركت بصماتها الواضحة على مستقبل القارة، وتحديداً فيما يتعلق بالاستقرار والتنمية. هذا التحول، الذي يمكن وصفه بـ الأحداث الأفريقية 2025، تميز بتداخل معقد من الانقلابات والانتخابات والأزمات الاقتصادية، بالإضافة إلى تحولات دبلوماسية عميقة.

السياسة والتحولات القيادية في أفريقيا خلال 2025

بدأ العام بتغيير مهم في قيادة الاتحاد الأفريقي، حيث انتُخب محمود علي يوسف رئيساً جديداً للمفوضية، متفوقاً على المرشح الكيني رايلا أودينغا الذي وافته المنية بعد فترة قصيرة، تاركاً صدى حزيناً في الأوساط السياسية والشعبية الكينية. هذه الوفاة شكلت خسارة كبيرة، وجنازته كانت حدثاً بارزاً على مستوى القارة.

شهدت مدغشقر في أكتوبر/تشرين الأول انقلاباً عسكرياً مفاجئاً أطاح بالرئيس أندري راجولينا، الذي اضطر إلى الفرار، بعد موجة احتجاجات شعبية عارمة. أعقب ذلك أداء اليمين للعقيد مايكل راندريانيرينا، الحاكم العسكري الجديد. وفي غينيا بيساو، أطاح العسكريون بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو أثناء العملية الانتخابية، مما أدى إلى إلغاء الانتخابات.

بينما شهدت بنين محاولة انقلابية قصيرة الأجل، تمكن الرئيس من استعادة السلطة بدعم عسكري من نيجيريا وتدخل استخباري فرنسي. كما أقر تعديل دستوري يمدد ولايته الرئاسية. أما الغابون، فقد عادت إلى الاتحاد الأفريقي مع عفو شامل للمتورطين في انقلابات سابقة، على الرغم من الجدل المستمر حول نزاهة الانتخابات والإدانات القضائية التي طالت شخصيات بارزة.

وفي تشاد، صدرت أحكام بالسجن على معارضين بارزين، بالتزامن مع تعديل دستوري يمدد الولاية الرئاسية. في مالي، تم تثبيت آسيمي غويتا رئيساً، لكن ذلك تزامن مع موجة اعتقالات وأحكام قضائية بحق رئيس وزراء سابق، بالإضافة إلى أزمة وقود حادة بسبب هجمات المتمردين على قوافل الصهاريج. أما في جمهورية أفريقيا الوسطى، فأعلن تواديرا ترشحه لولاية ثالثة وسط انتقادات واسعة. نيجيريا شهدت بدورها وفاة الرئيس السابق محمد بخاري، وتصاعدت عمليات الخطف، مما استدعى اتخاذ إجراءات أمنية عاجلة.

التحالفات الإقليمية والدولية وتأثيرها على المشهد الأفريقي

شهد عام 2025 أيضاً تحولات في التحالفات الإقليمية والدولية. انضمت غانا إلى ترتيبات إقليمية جديدة، بينما اتفقت دول أفريقية مثل إسواتيني وجنوب السودان مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على استقبال مهاجرين من جنسيات ثالثة تم ترحيلهم من الولايات المتحدة. هذا الأمر يعكس السياسة الأفريقية المتغيرة وتأثرها بالقرارات الدولية.

كما شهدت غانا حادث مروحية مأساوياً أودى بحياة وزيرين. وفي سيراليون، تولى الرئيس الجديد منصبه، بينما شهدت إيكواس انقسامات إقليمية.

الانتخابات والقيادات الجديدة: نظرة على الديمقراطية في أفريقيا

بالإضافة إلى الانقلابات، شهدت القارة انتخابات مهمة. في ملاوي، عاد الرئيس السابق آرثر بيتر موثاريكا إلى السلطة بفوزه في الانتخابات. وشهدت سيشل انتقالاً سلمياً للسلطة، حيث فاز زعيم المعارضة باتريك هيرميني على الرئيس وافيل رامكالاوان.

لكن بعض الانتخابات شهدت جدلاً كبيراً. فقد شهدت تنزانيا والكاميرون انتخابات دامية، سبقتها عمليات استبعاد وسجن للمعارضين، وانتهت بفوز الرئيسة التنزانية سامية صلوحو حسن والرئيس الكاميروني بول بيا. وفي كوت ديفوار، أُعيد انتخاب الرئيس الحسن وتارا لولاية رابعة، بعد استبعاد العديد من الخصوم قبل الانتخابات. ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في غينيا وأفريقيا الوسطى في 28 ديسمبر/كانون الأول، لتختتم بذلك سنة حافلة بالاستحقاقات الانتخابية.

الأزمات الأمنية والاقتصادية: تحديات تواجه القارة

تصاعدت التوترات الأمنية في شرق القارة، حيث سيطرت حركة إم23 على مناطق حيوية في الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك مطار غوما. وقد أدى ذلك إلى اجتماع ثلاثي تاريخي في الدوحة بين أمير قطر ورئيسا رواندا والكونغو، انتهى بتوقيع اتفاق سلام في واشنطن. كما تصاعدت التوترات بين إثيوبيا وإريتريا مع اتهامات متبادلة بالتحريض. وافتتح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد سد النهضة المثير للجدل، مما أثار المزيد من المخاوف الإقليمية.

على الصعيد الاقتصادي، شهدت القارة تحديات كبيرة. تولى الموريتاني سيدي ولد التاه رئاسة البنك الأفريقي للتنمية، مما يعكس تحولات في القيادة الاقتصادية. تأثرت صناعة الشاي في كينيا بالأوضاع الإقليمية، بعد أن أعلنت السودان مقاطعتها بسبب احتضان نيروبي لإعلان حكومة سودانية موازية. كما شهدت مالي أزمة وقود خانقة. في موريشيوس، تم استعادة السيادة على جزر شاغوس. وشهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا تراجعاً في الدعم الأميركي لمشاريع الطاقة، بالإضافة إلى انسحاب الولايات المتحدة من قمة العشرين في جنوب أفريقيا، بسبب مزاعم تتعلق بمعاملة البيض. وقد اتخذ الرئيس ترامب أيضاً قرارات بتقييد حصول مواطني بعض الدول الأفريقية على التأشيرات، واستبعاد جنوب أفريقيا من قمة مجموعة العشرين في 2026. هذه التطورات تؤثر بشكل كبير على الاستثمار في أفريقيا.

مستقبل أفريقيا: نظرة إلى عام 2026

كان عام 2025 عاماً مليئاً بالتحولات التي ستترك أثراً طويل الأمد على القارة الأفريقية. أظهرت الانقلابات والانتخابات هشاشة الأنظمة السياسية، بينما أبرزت الأزمات الاقتصادية والطاقة الحاجة إلى إصلاحات عميقة. مع استمرار التوترات الأمنية والدبلوماسية، يبقى عام 2026 مفتوحاً على سيناريوهات متعددة، سواء تعزيز الاستقرار من خلال الإصلاحات والتعاون الإقليمي، أو استمرار دوامة الأزمات والانقسامات. يتطلب الأمر جهوداً متضافرة من القادة الأفارقة والمجتمع الدولي لمواجهة هذه التحديات وبناء مستقبل أكثر إشراقاً للقارة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version