أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه العميق إزاء تصاعد وتيرة القمع ضد المعارضة السياسية ووسائل الإعلام في أوغندا، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات العامة. هذه التطورات المقلقة تلقي بظلالها على العملية الديمقراطية وتثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة الأوغندية بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. يركز هذا المقال على تفاصيل هذه الانتهاكات وتداعياتها المحتملة على مستقبل الانتخابات الأوغندية.
تصاعد القمع السياسي في أوغندا قبيل الانتخابات
أفاد تورك في بيانه بأن السلطات الأوغندية اعتقلت ما لا يقل عن 550 شخصًا منذ بداية العام الحالي، أغلبهم من أعضاء ومؤيدي حزب “منصة الوحدة الوطنية” المعارض. وقد ارتفع هذا العدد بشكل ملحوظ ليصل إلى أكثر من 300 معتقل منذ بدء الحملات الانتخابية في سبتمبر/أيلول الماضي. هذه الاعتقالات تتم بتهم فضفاضة تتراوح بين “إثارة الشغب” و”مخالفة الأوامر القانونية” و”التحريض على العنف”، مما يثير الشكوك حول دوافعها الحقيقية.
تدخل قوات الأمن في الأنشطة الحزبية
لم يقتصر الأمر على الاعتقالات، بل أشارت التقارير إلى تدخل متكرر لقوات الأمن في فعاليات الحزب المعارض، مستخدمةً القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين والناشطين. وقد أطلقت قوات الأمن النار بشكل مباشر في مدينة إغانغا شرقي البلاد الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين. هذا الاستخدام للقوة المميتة يمثل تصعيدًا خطيرًا في القمع السياسي.
أساليب قمعية تنتهك حقوق الإنسان الأساسية
بالإضافة إلى الاعتقالات واستخدام القوة، حذر تورك من نمط متزايد من “الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة” بحق المعارضين والناشطين. وتشير التقارير إلى نقل المعتقلين في سيارات غير مميزة، تُعرف محليًا باسم “الدرونز”، إلى مواقع سرية تسمى “البيوت الآمنة”، حيث يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي. هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الذي يلزم الدول بالاحتفاظ بالمعتقلين في مرافق رسمية معترف بها.
القيود على حرية الصحافة
لم تسلم وسائل الإعلام من هذا القمع، حيث تواجه قيودًا متزايدة على عملها. وتشير التقارير إلى سحب تراخيص صحفيين والاعتداء عليهم أثناء تغطية الأحداث، مما يعيق قدرتهم على إبلاغ الجمهور بحرية وموضوعية. هذه القيود على حرية الصحافة تقوض الشفافية والمساءلة، وهما أساسان للديمقراطية. إن حرية التعبير والإعلام ضرورية لضمان إجراء الانتخابات الأوغندية بنزاهة.
حالات بارزة وتأثيرها على المشهد السياسي
استشهد المفوض الأممي بعدة حالات فردية تثير القلق، منها ظهور حارس لأحد زعماء المعارضة أمام المحكمة وهو في حالة يرثى لها، يرتجف ويظهر عليه آثار تعذيب جسدي واضح. كما أشار إلى احتجاز ناشطين كينيين لأكثر من شهر في مكان وصفه الرئيس الأوغندي بـ”الثلاجة”، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامتهما وحقوقهما. هذه الحالات ليست معزولة، بل تعكس ممارسة منهجية للقمع والترهيب.
دعوات دولية للتحقيق والإفراج عن المعتقلين
دعا تورك السلطات الأوغندية إلى إجراء تحقيق كامل ونزيه في جميع مزاعم الاختفاء القسري والاعتقال والاحتجاز التعسفي والتعذيب أو سوء المعاملة. وطالب بالإفراج الفوري عن جميع من حُرموا من حريتهم بشكل غير قانوني. كما شدد على ضرورة وقف جميع أشكال العنف ضد وسائل الإعلام وضمان سلامة الصحفيين. هذه الدعوات تأتي في إطار جهود دولية متزايدة للضغط على الحكومة الأوغندية للاحترام حقوق الإنسان.
مستقبل العملية الديمقراطية في أوغندا
تأتي هذه الاتهامات في وقت حرج، حيث تستعد أوغندا لإجراء انتخابات يُنظر إليها على نطاق واسع باعتبارها اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الحكومة بالمعايير الديمقراطية. هناك مخاوف متزايدة من أن تؤدي الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان إلى تقويض ثقة الناخبين والمجتمع الدولي في نزاهة العملية الانتخابية في أوغندا. إن ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة يتطلب احترام حقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. كما يتطلب ضمان سلامة الصحفيين والسماح لهم بالعمل دون خوف أو مضايقة. إن مستقبل الوضع السياسي في أوغندا يعتمد بشكل كبير على كيفية تعامل الحكومة مع هذه القضايا. الرقابة الدولية المستمرة والضغط من أجل الإصلاحات الديمقراطية أمران ضروريان لضمان إجراء الانتخابات الأوغندية بطريقة تحترم إرادة الشعب.
الخلاصة
إن الوضع في أوغندا مقلق للغاية، حيث تشير التقارير إلى تصاعد القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان مع اقتراب موعد الانتخابات. من الضروري أن تستجيب الحكومة الأوغندية لهذه الاتهامات بجدية وأن تتخذ خطوات ملموسة لضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية. إن المجتمع الدولي مدعو إلى مواصلة الضغط على الحكومة الأوغندية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب. نأمل أن تشهد أوغندا تحولًا إيجابيًا نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وأن تكون الانتخابات الأوغندية بداية جديدة لمستقبل أكثر إشراقًا.


