في تطور مثير للجدل، كشفت منصة “إكس” (تويتر سابقًا) عن ميزة جديدة تتيح للمستخدمين التحقق من بلد تأسيس الحساب، ليتبين أن العديد من الحسابات المؤثرة في التيار اليميني وحركة “ماغا” في الولايات المتحدة ليست أمريكية الأصل كما كان يُعتقد. هذه المفاجأة أثارت تساؤلات حول التأثير الأجنبي المحتمل على الخطاب السياسي الأمريكي، وعمق الانقسامات القائمة. هذه القضية المتعلقة بـ التأثير الأجنبي على تويتر أصبحت محور نقاش واسع.

الكشف عن أصول الحسابات: ميزة “حول هذا الحساب” وإثارة الجدل

أعلنت شركة “إكس” عن إطلاق ميزة “حول هذا الحساب”، وهي أداة تهدف إلى توفير مزيد من الشفافية حول معلومات الحساب، مثل تاريخ الإنشاء، وعدد مرات تغيير اسم المستخدم، وكيفية تحميل التطبيق. لكن سرعان ما تحولت هذه الميزة إلى مصدر قلق وجدل.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، كشفت الميزة أن عشرات الحسابات الكبرى التي تروج للمحتوى السياسي الأمريكي كانت في الواقع مُدارة من قبل جهات أجنبية. يشمل ذلك حسابات بارزة مرتبطة بحركة “ماغا”، مما يثير الشكوك حول دوافعها والتأثير المحتمل على الرأي العام.

أمثلة على الحسابات المثيرة للجدل

من بين الحسابات التي أثارت الانتباه حساب “MAGANationX”، والذي تبين أنه تم تأسيسه في شرق أوروبا، وحساب “MAGA Scope”، الذي تم إنشاؤه في نيجيريا في عام 2024. وذكرت “إندبندنت” أن بعض المؤثرين اليساريين قدّروا أن ما يقرب من نصف الحسابات الكبرى التي تروج لأفكار يمينية كانت مملوكة لأفراد من خارج الولايات المتحدة يتظاهرون بأنهم أمريكيون.

هذه الاكتشافات أثارت مخاوف من أن هذه الحسابات قد تكون مدفوعة بأجندات سياسية خارجية، أو ببساطة تهدف إلى الاستفادة من الانقسام السياسي الأمريكي لكسب الأرباح من خلال الإعلانات أو الترويج للمحتوى.

دوافع التأثير: الانقسام السياسي والأرباح

تشير التحقيقات الأولية إلى أن جهات أجنبية من دول مثل الهند وروسيا ونيجيريا وشرق أوروبا تقف وراء هذه الحسابات. الدافع الرئيسي يبدو مزدوجًا: توسيع الانقسام السياسي في الولايات المتحدة، والاستفادة المالية من ذلك.

من خلال نشر محتوى مستقطب وجذاب للجمهور الأمريكي اليميني، تسعى هذه الجهات إلى تفاقم الخلافات القائمة، وزعزعة الاستقرار السياسي، وربما التأثير على نتائج الانتخابات. وفي الوقت نفسه، يمكنهم تحقيق أرباح كبيرة من خلال الإعلانات والتسويق بالعمولة، أو من خلال الترويج لمنتجات وخدمات معينة.

هل يمكن الوثوق بالمعلومات؟ ودور الـ VPN

تثير دقة المعلومات التي توفرها ميزة “حول هذا الحساب” بعض الشكوك المشروعة. فمن المعروف أن استخدام شبكات افتراضية خاصة (VPN) يمكن أن يخفي الموقع الفعلي للمستخدم ويظهر عليه موقعًا مختلفًا.

وقد أدركت إدارة “إكس” هذا الأمر، وأكدت أنها تعمل على تحسين الميزة لمعالجة هذه الفروقات وضمان الحصول على معلومات أكثر دقة. إلا أن هذا لا يقلل من أهمية الاكتشافات الأولية، أو من الحاجة إلى مزيد من التحقيق في مصدر هذه الحسابات.

ليست ظاهرة جديدة: سوابق للاستغلال الأجنبي

الجدير بالذكر أن هذه الظاهرة ليست جديدة تمامًا. فقد سبق أن كشفت تحقيقات عن قيام بعض المؤثرين اليمينيين بنشر محتوى سياسي أمريكي دون علمهم بأنهم يعملون لصالح عمليات روسية. كما تم رصد استغلال واسع للحسابات الأجنبية للتأثير على السياسة الأمريكية بطرق مختلفة.

هذا التاريخ من التدخل الأجنبي يضيف بعدًا آخر إلى الجدل الدائر حول ميزة “حول هذا الحساب” ويؤكد على الحاجة إلى يقظة مستمرة ومكافحة فعالة لمحاولات التأثير غير المشروع على الخطاب السياسي. تقارير سابقة تناولت مسألة التلاعب بالرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي.

اختفاء الميزة وعودتها: هل هناك تستر؟

بعد فترة وجيزة من إطلاقها، اختفت ميزة “حول هذا الحساب” بشكل مفاجئ من منصة “إكس”، مما أثار تكهنات واسعة النطاق. اعتقد البعض أن هذا الاختفاء جاء نتيجة لاكتشاف أصول الحسابات اليمينية المثيرة للجدل، وأن الشركة سعت إلى التستر على الأمر.

ومع ذلك، عادت الميزة للعمل مرة أخرى بعد بضع ساعات، مما يشير إلى أن المشكلة ربما كانت فنية أو تتعلق بعملية التحسين المستمرة.

ردود الفعل والتحذيرات

أعرب العديد من المؤثرين الليبراليين، مثل إد كراسنشتاين، عن قلقهم من أن بعض هذه الحسابات الأجنبية قد تكون مدعومة من حكومات أجنبية تسعى إلى التأثير على السياسة الأمريكية. على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على ذلك حتى الآن، إلا أن هذا الاحتمال يثير مخاوف جدية.

وفي العام الماضي، كشفت وزارة العدل الأمريكية أن عددًا من المؤثرين اليمينيين كانوا يعملون، “دون قصد منهم على ما يبدو”، لصالح شركة روسية، مما يؤكد على سهولة استغلال المؤثرين في عمليات التأثير الأجنبي.

الخلاصة: ضرورة الحذر والشفافية

إن الكشف عن أصول بعض الحسابات المؤثرة في التيار اليميني وحركة “ماغا” على منصة “إكس” يمثل تذكيرًا هامًا بمخاطر التأثير الأجنبي على تويتر والمنصات الأخرى. يجب على المستخدمين توخي الحذر والتحقق من مصادر المعلومات قبل مشاركتها، وعلى المنصات الاستمرار في تطوير أدواتها لتعزيز الشفافية ومكافحة التلاعب. هذه القضية تتطلب نقاشًا مفتوحًا وجهودًا متواصلة لحماية سلامة الخطاب السياسي والحفاظ على نزاهة العمليات الديمقراطية. يجب أن يكون هذا بمثابة دعوة للاستثمار في أدوات أكثر تطوراً للكشف عن الحسابات المزيفة والأنشطة الخبيثة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version