في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، شهدت سوريا نقطة تحول تاريخية، حيث سقط نظام بشار الأسد بعد أكثر من أربعة عشر عامًا من الاحتجاجات والثورة. هذا الحدث الجلل، الذي طال انتظاره، يمثل بداية حقبة جديدة للشعب السوري، مليئة بالتحديات والآمال. هذه المقالة تستعرض تفاصيل سقوط نظام الأسد، الأحداث التي أدت إليه، والتحديات التي تواجه سوريا الجديدة، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية التي أعقبت هذا التغيير الجذري.

معركة “ردع العدوان” ونهاية حقبة الأسد

بدأت الشرارة الفعلية لعملية الإطاحة بالنظام السوري بعملية عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها إدارة العمليات العسكرية اسم “ردع العدوان” قبل 12 يومًا من الثامن من ديسمبر. في البداية، بدت الأهداف محدودة، لكن سرعان ما تصاعدت وتيرة التقدم العسكري. في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأت قوات المعارضة بالتقدم نحو ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي والجنوبي، مما أدى إلى سيطرتها على خان العسل والعديد من البلدات بريف حلب، وقطع طريق حلب-دمشق، واستهداف مواقع الدعم الإيراني للنظام.

التوسع السريع في السيطرة على الأراضي السورية

خلال أيام قليلة، شهدت العملية العسكرية توسعًا سريعًا في السيطرة على الأراضي السورية. ففي غضون أيام، سقطت حلب بالكامل، ثم امتدت العمليات إلى محافظة حماة، حيث تمكنت المعارضة من السيطرة عليها بالكامل ومطارها العسكري وسجنها المركزي. وفي الوقت نفسه، تشكلت غرفة عمليات الجنوب في درعا والقنيطرة والسويداء، مما أدى إلى سيطرة المعارضة على حمص ودرعا والقنيطرة والسويداء في غضون 24 ساعة.

بحلول الساعة السادسة من صباح الثامن من ديسمبر، أُعلن رسميًا عن سقوط نظام الأسد، منهيًا بذلك أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد. هذا الإعلان أنهى حقبة طويلة من القمع والانتهاكات، وفتح الباب أمام آمال جديدة لمستقبل سوريا.

التدخلات الخارجية بعد سقوط النظام

لم يمر سقوط نظام الأسد دون تدخلات خارجية. ففي أعقاب زوال النظام، شنت إسرائيل 352 غارة جوية على 13 محافظة سورية خلال أربعة أيام فقط، مدعية تدمير 80% من قدرات الجيش السوري. هذه الغارات تعكس مخاوف إسرائيل من التطورات الإقليمية، ورغبتها في الحفاظ على أمنها القومي.

التحديات الداخلية في سوريا الجديدة

بالإضافة إلى التدخلات الخارجية، واجهت سوريا الجديدة تحديات داخلية كبيرة. ففي مارس/آذار 2025، شهدت منطقة الساحل اشتباكات بين قوات الحكم الجديد وعناصر من النظام السابق، مما أسفر عن خسائر بشرية كبيرة. وفي يوليو/تموز، اندلع العنف في السويداء، ودخلت إسرائيل على خط الأزمة، مما زاد من تعقيد الوضع. هذه الأحداث الأمنية ذات الأبعاد الطائفية تؤكد على الحاجة إلى تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء دولة قوية قادرة على حماية جميع مواطنيها.

المرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا

ينصرم عام 2025، وهو عام حافل بالأحداث، ليكشف عن تعقيدات سياسية وأمنية في الشرق والجنوب السوري. تُشكل هذه التعقيدات ملامح مرحلة انتقالية تقرر دستوريًا امتدادها لخمس سنوات. خلال هذه المرحلة، يجب على سوريا الجديدة بناء مؤسسات ديمقراطية، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما يجب عليها معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق التنمية المستدامة.

الوضع السياسي في سوريا يتطلب حوارًا شاملاً بين جميع الأطراف السورية، بما في ذلك المعارضة والنظام السابق والمجتمع المدني. يجب على هذا الحوار أن يهدف إلى تحقيق المصالحة الوطنية، وبناء مستقبل أفضل لجميع السوريين. بالإضافة إلى ذلك، يجب على سوريا الجديدة بناء علاقات جيدة مع دول الجوار، والمشاركة الفعالة في المجتمع الدولي.

نحو مستقبل أفضل لسوريا

سقوط نظام الأسد يمثل فرصة تاريخية للشعب السوري لبناء دولة ديمقراطية حرة ومزدهرة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب جهودًا كبيرة، وتعاونًا بين جميع الأطراف السورية. يجب على سوريا الجديدة أن تتعلم من أخطاء الماضي، وأن تبني مستقبلًا أفضل لأجيالها القادمة. إن التحديات كبيرة، ولكن الإرادة الشعبية قوية، والأمل في مستقبل أفضل لا يزال حيًا. الآن، وبعد سنوات من المعاناة، يتطلع السوريون إلى حقبة جديدة من السلام والازدهار والحرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version