حمص تشهد حظر تجول وتعزيزات أمنية إثر جريمة قتل مثيرة للجدل
تشهد مدينة حمص السورية إجراءات أمنية مشددة وحظر تجول في عدة أحياء لليوم الثاني على التوالي، إثر جريمة قتل مروعة وقعت في بلدة زيدل، أدت إلى استشهاد رجل وزوجته، واصطحاب الحادثة لعبارات ذات طابع طائفي كتبت في مكان الجريمة. هذه الإجراءات تأتي في محاولة لمنع أي استغلال للحادثة لإثارة الفتنة الطائفية وتقويض الأمن والاستقرار في المدينة. السلطات تؤكد على عزمها محاسبة كل من يثبت تورطه في أعمال الشغب والتخريب التي رافقت الحادث.
تفاصيل الحادث والإجراءات الفورية
أعلنت قيادة الأمن الداخلي السوري عن فرض حظر التجول في أحياء العباسية والأرمن والمهاجرين والزهراء والنزهة وعكرمة والنازحين وعشيرة وزيدل وكرم الزيتون وكرم اللوز وحي الورود ومساكن الشرطة. يأتي هذا القرار بالتزامن مع زيادة الانتشار الأمني في هذه المناطق، وذلك استجابة للتوترات الأمنية التي أعقبت جريمة القتل.
وزارة الداخلية السورية أكدت في بيان لها أنها أرسلت تعزيزات أمنية إلى بلدة زيدل والمناطق الجنوبية من حمص لضمان حماية الأمن والاستقرار ومنع أي محاولة لاستغلال الحادثة في بث الفرقة بين أبناء الشعب. وباشرت الجهات المختصة بتطويق مكان الجريمة وجمع الأدلة وفتح تحقيق شامل لتحديد هوية الجناة وكشف ملابسات الجريمة، مع التشديد على تطبيق القانون بكل حزم.
جهود طمأنة الأهالي ومواجهة الفتنة
حرصًا على طمأنة السكان، توجه العميد نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، والعميد مرهف النعسان، مدير مديرية داخلية حمص، إلى حي الزهراء. خلال لقائهما بالأهالي، أكدا على التزام الدولة بحماية جميع المكونات السورية ورفض أي محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار.
وفي تصريح خاص، صرح العميد البابا بأهمية وعي المواطنين وحكمة القيادة، داعيًا إلى الوحدة والتكاتف بين جميع السوريين. كما وجه الشكر لوجهاء المدينة وقادة العشائر العربية على تعاونهم وجهودهم في التصدي لأي محاولات لإثارة الفتنة. وأضاف البابا أن عمليات التخريب التي شهدتها المدينة مؤخرًا لم تستهدف مكونًا واحدًا، بل كانت آثارها السلبية على جميع فئات المجتمع.
توقيفات أمنية وتأكيد على جمع السلاح
أفادت وزارة الداخلية بتوقيف حوالي 120 شخصًا بتهمة التورط في أعمال شغب وتخريب وانتهاكات أمنية، مؤكدة أن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد مسؤوليات كل فرد. وشدد المتحدث باسم الوزارة على رفض الدولة لظاهرة السلاح المنفلت، التي يرى أنها إرث من النظام السابق الذي قام بنشر السلاح عمدًا لإشعال الصراعات الطائفية.
وأضاف أن الدولة السورية الجديدة تعمل بجد من خلال المجالس المحلية والمؤسسات الرسمية على جمع السلاح وحصره بيد الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية. وأكد أن الدولة لن تتسامح مع المتورطين في أعمال الشغب والتخريب، وسيتم محاسبتهم قانونيًا وبكل حزم.
أصداء الحادث في الشارع الحمساوي
عبر مواطنون من حمص عن رفضهم لأي محاولة لربط الحادثة بأبعاد طائفية. محمد أبو عبدو، أحد سكان المدينة، أكد أن السوريين هم أسرة واحدة، ولا يوجد فرق بين الطوائف والمذاهب. وأضاف: “نحن في هذا البلد أسرة واحدة، لا نقول هذا من طائفة وذاك من أخرى. نريد السلام والأمان، وهذا هو الأهم بالنسبة لنا.”
من جانبه، أشاد عبد الله أبو أحمد، وهو أحد سكان حمص، بالتحسن الملحوظ في الأوضاع الأمنية مقارنة باليوم السابق. وقال إنه شهد حالة من الفوضى والدمار والرعب في اليوم الأول، لكن الوضع أصبح أفضل بكثير مع انتشار القوات الأمنية. وأعرب عن ثقته بالرئيس أحمد الشرع، الذي يرى أنه يمثل الضمانة الوحيدة للأمن والاستقرار في سوريا.
السعي نحو الاستقرار بعد تغيير السلطة
يعود هذا الحادث إلى سياق فترة انتقالية تشهدها سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، ودخول المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق. السلطات الجديدة تسعى جاهدة إلى فرض الأمن والاستقرار في جميع أنحاء البلاد، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد والانتهاكات السابقة.
يهدف التركيز على الأمن في حمص إلى منع أي محاولات لتقويض هذه الجهود، وخلق حالة من الفوضى والاضطراب. الحكومة الجديدة تشدد على أن حماية الأقليات هي من ضمن أولوياتها، وأنها لن تسمح بأي تمييز أو تهميش لأي فئة من المجتمع. الوضع الأمني في حمص يظل تحت المراقبة الدقيقة، والسلطات تعهد بمواصلة جهودها للحفاظ على الأمن والاستقرار، وضمان عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.
مكافحة الإرث الثقيل للسلاح المنفلت (أمن سوريا)
لم تقتصر الإجراءات على توقيف المتورطين، بل امتدت لجهود مكثفة لجمع الأسلحة غير المرخصة، وتعزيز قبضتها على الجانب الأمني. و تعد هذه الخطوة ضرورية لقطع الطريق على أي محاولات لزعزعة الاستقرار وإعادة إحياء بؤر التوتر، و هي جزء أساسي من رؤية الحكومة الجديدة لبناء دولة قوية ومستقرة.
الخلاصة
إن الأحداث الجارية في حمص تؤكد على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية والتصدي لأي محاولة لإثارة الفتنة الطائفية. السلطات السورية ملتزمة بفرض الأمن والاستقرار، وحماية جميع المكونات السورية، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في أعمال الشغب والتخريب. التعاون بين الحكومة والمواطنين والأهالي ووجهاء العشائر هو ضمانة النجاح في هذه الجهود، وتحقيق الاستقرار المنشود لجميع السوريين.


