القدس تعاني من تدهور الخدمات، والمؤسسات الفلسطينية هي خط الدفاع الأول عن التعليم والثقافة. السياسات الإسرائيلية التعسفية في القدس تلقي بظلالها الثقيلة على حياة الفلسطينيين، وتفاقم النقص الحاد في الخدمات الأساسية. في هذا السياق، تبرز المؤسسات الفلسطينية في القدس كخط الدفاع الأول عن هوية وكرامة الفلسطينيين، خاصة في قطاعي التعليم والثقافة اللذين يشهدان تهميشًا متزايدًا. هذه المؤسسات تعمل جاهدة لملء الفراغ الذي تخلفه السلطات الإسرائيلية، وتقديم الدعم اللازم للمجتمع المقدسي في ظل الظروف الصعبة.

الفجوات الهائلة في قطاع التعليم بالقدس

يشهد قطاع التعليم في القدس فجوات هائلة تتطلب تدخلًا عاجلاً. النقص في البنية التحتية المدرسية هو أحد أبرز هذه التحديات، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 9 آلاف طالب فلسطيني في سن الدراسة يضطرون إلى الدراسة خارج حدود المدينة. هذا الرقم في ازدياد مستمر، مما يؤثر بشكل كبير على جودة التعليم المقدم للأجيال القادمة.

تحديات البنية التحتية والزيادة السكانية

يؤكد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة مؤسسة فيصل الحسيني، على الحاجة الماسة لبناء 80 صفًا دراسيًا جديدًا كل عام لمواكبة الزيادة السكانية الطبيعية. ومع ذلك، فإن الجهات الإسرائيلية لا تقوم بواجبها في هذا المجال، بل وتسعى إلى تقويض المؤسسات التعليمية الفلسطينية من خلال إغلاق المدارس التي تديرها المؤسسات الأهلية، وحتى مدارس وكالة الأونروا.

تأثير السياسات الإسرائيلية على جودة التعليم

لا تقتصر المشكلة على نقص الموارد والبنية التحتية، بل تمتد لتشمل السياسات التعليمية التي تهدف إلى تذويب الهوية الفلسطينية. تضع السلطات الإسرائيلية عراقيل أمام استقطاب المعلمين المتخصصين، وتلاحق المدارس التي تدرس المناهج الفلسطينية، وتفرض مناهجًا تهدف إلى إضعاف الانتماء الوطني وتعزيز الاندماج في منظومة معادية. هذا التضييق يؤثر سلبًا على نتائج الامتحانات الدولية، ويقوض مستقبل الطلاب الفلسطينيين.

دور مؤسسة فيصل الحسيني في دعم التعليم

تأسست مؤسسة فيصل الحسيني عام 2002، لتصبح من أبرز المؤسسات التي تعمل على تطوير التعليم في القدس. تركز المؤسسة على توفير تعليم قائم على البحث ومهارات التفكير العليا، وعلى خلق بيئة مدرسية آمنة ومحفزة تلبي الاحتياجات العاطفية والتعليمية والاجتماعية للطلاب.

برامج المؤسسة ومجالات عملها

تعمل المؤسسة بشكل وثيق مع المدارس الفلسطينية في المدينة، من خلال تقديم برامج تدريبية للمعلمين، وتطوير البنية التحتية المدرسية، وتقديم الدعم الطارئ للطلاب المحتاجين. رؤية المؤسسة تتمحور حول تعزيز الهوية الفلسطينية، وضمان معرفة الأجيال بروايتهم الوطنية، وحماية حقوق الطفل، وتعزيز قيم الديمقراطية والمساواة.

المؤسسات الثقافية ودورها في الحفاظ على الرواية الفلسطينية

بالتوازي مع جهود دعم التعليم، تلعب المؤسسات الثقافية في القدس دورًا حيويًا في الحفاظ على الرواية الفلسطينية وتعزيز الهوية الوطنية. المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) هو أحد هذه المؤسسات، الذي يعمل على إنتاج أعمال فنية بجميع أشكالها، سواء كانت مسرحية أو موسيقية، بهدف إحياء التراث الفلسطيني والتعبير عن قضايا المجتمع المقدسي.

فن المراوغة والصمود

يؤكد عامر خليل، مدير المسرح الوطني الفلسطيني، على أن المؤسسات الثقافية قد أتقنت “فن المراوغة” في ظل الظروف الصعبة والتضييق المستمر. كل مؤسسة طورت آليات خاصة بها للبقاء والصمود، ومواصلة عملها دون المساس بمبادئها أو التنازل عن هويتها. الهجمة الإسرائيلية على الثقافة الفلسطينية ليست وليدة اللحظة، ولكن المؤسسات المقدسيّة أثبتت قدرتها على التكيف وإيجاد الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات.

التحديات المستمرة وشح التمويل

تواجه المؤسسات العاملة في القدس تحديات جمة، بما في ذلك شح التمويل، وبطء أعمال البنية التحتية بسبب منع العمال من الضفة الغربية من الوصول إلى المدينة، وارتفاع التكاليف نتيجة للتضخم. ومع ذلك، فإن هذه المؤسسات متفائلة بالمستقبل، ومؤمنة بقدرة المجتمع المقدسي على الصمود وإفشال محاولات عزله وتفتيته.

في الختام، تظل المؤسسات الفلسطينية في القدس شريان الحياة للمجتمع المقدسي، وخط الدفاع الأول عن هويته وثقافته وتعليمه. دعم هذه المؤسسات وتعزيز قدراتها هو استثمار في مستقبل القدس وفلسطين، وضمان حق الأجيال القادمة في التعليم الجيد والحياة الكريمة. ندعو الجميع إلى دعم هذه المؤسسات ومساندة جهودها في سبيل الحفاظ على القدس وتطويرها.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version