السويداء- أثار رفع العلم الإسرائيلي خلال بعض الاحتجاجات في محافظة السويداء في يوليو/تموز الماضي جدلا واسعا بالأوساط السورية، وامتد صداه إلى جبل السماق في ريف إدلب، حيث يعيش نحو 10 آلاف من الدروز موزعين على 14 قرية، مثل قلب لوزة وكفتين وكوكو وعبريتا.

هذا الحدث -الذي وُصف بأنه غير مسبوق- أثار ردود فعل قوية من قبل أبناء الطائفة الدرزية في الجبل الذين أعربوا عن رفضهم القاطع لهذا التصرف، معتبرين إياه إهانة للهوية الوطنية السورية وخروجا عن القيم التي يتمسكون بها.

ويعيش دروز جبل السماق في محافظة إدلب شمال غربي سوريا بمنطقة ظلت تحت سيطرة هيئة تحرير الشام لسنوات، دون أن تُسجل أي توترات كبيرة بينهم وبين باقي مكونات المحافظة.

وعزز هذا التعايش السلمي شعورهم بالانتماء إلى النسيج الوطني السوري، حيث أكدوا مرارا أن هويتهم مرتبطة بإدلب كمحافظة ودمشق كعاصمة.

فعل معزول

وفي الوقت نفسه، شهدت السويداء المعقل الرئيسي للدروز في سوريا توترات متصاعدة بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، حيث برزت دعوات انفصالية من بعض الفصائل الدرزية المرتبطة بالشيخ حكمت الهجري أحد مشايخ العقل، رافقها رفع العلم الإسرائيلي في ساحة الكرامة وفي مدينة جرمانا، مما أثار استياء واسعا.

وأكد وجهاء وأهالي جبل السماق أن رفع العلم الإسرائيلي لا يمثل الطائفة الدرزية، بل هو فعل معزول يعكس أجندات شخصية أو خارجية.

وفي 17 أغسطس/آب الجاري شهدت قرية معارة الإخوان مظاهرة نظمها أبناء القرى الدرزية رفعوا خلالها لافتات كُتب عليها “لا للتدخل الخارجي” و”يسقط عملاء الصهاينة”، معربين عن دعمهم الصريح للحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المظاهرة ردا مباشرا على رفع العلم الإسرائيلي في السويداء، والذي اعتبروه تجاوزا للخطوط الحمراء ومحاولة لزرع الفتنة.

رفع علم الدولة السورية في مناطق الدروز بادلب(الجزيرة نت)

وحدة البلاد

في المقابل، شهدت السويداء ردود فعل متباينة، حيث دعم الشيخ الهجري رفع العلم الإسرائيلي وطالب بتدخل تل أبيب، مما أثار انتقادات حادة، في حين عبر بعض أهالي المحافظة عن رفضهم التدخل الخارجي، معتبرين أنه استغلال للهويات الطائفية لأغراض سياسية.

وفي قرية قلب لوزة -وهي إحدى أبرز القرى الدرزية في جبل السماق- وجّه مختار البلدة خالد فايز رسالة واضحة تعبر عن موقف أهالي القرية.

وقال فايز للجزيرة نت “نحن هويتنا إدلب ووجهتنا دمشق، نحن مع وحدة الأراضي السورية ونرفض التدخل الخارجي، خاصة العدوان الإسرائيلي”.

وأضاف “نأمل من أهلنا الشرفاء في السويداء أن تكون وجهتهم دمشق، وألا يسمحوا بالتدخل الإسرائيلي ولا يطلبوا حمايته أو تدخله في شؤونهم”.

وختم فايز بالتحذير من أن “القيادة الإسرائيلية لا يهمها الأشخاص ولا غيرهم، لذلك ندعوهم لأن يكونوا مع الحكومة السورية ومع السوريين، ولا للتقسيم”.

أما نعمان محمد -وهو أحد أبناء جبل السماق ويُعرف بنشاطه الاجتماعي ودفاعه عن الهوية الوطنية، وقد شارك في تنظيم المظاهرة التي عبرت عن رفض رفع العلم الإسرائيلي- فقال للجزيرة نت “نحن عبر التاريخ لم نكن ولن نكون إلا مع الوطن الأم سوريا، نحن متمسكون باللحمة الوطنية وننبذ التفرق والعنصرية والطائفية، كما أننا ضد أي تدخّل خارجي في الشؤون السورية، سواء كان إسرائيليا أو غيره”.

ووجّه محمد دعوة إلى أهالي السويداء، قائلا “ندعو القلة التي استعانت بالخارج أو تبنت أجندات أخرى إلى أن تعود لحضن الوطن، لأنه الحضن الدافئ لجميع السوريين”.

وأضاف “وكما قال محافظ السويداء مصطفى البكور فإن أكثر من 95% من أهل السويداء وطنيون، قبلتهم ووجهتهم دمشق”.

دعم الدولة

بدوره، قال علي غرز الدين -من قرية معارة الإخوان التي تُعد مركزا مهما للدروز في إدلب- “ندعو إخوتنا في السويداء إلى أن يستفيقوا ويعودوا إلى رشدهم، وأن يكونوا معنا في سبيل النهوض بهذا البلد في مختلف المجالات”.

وأضاف غرز الدين للجزيرة نت “نحن أهالي قرى جبل السماق نعتبر أن وجهتنا الأولى والأخيرة هي إدلب كمحافظة ودمشق كعاصمة لسوريا واحدة موحدة، رفع علم إسرائيل في ساحة الكرامة هو نقض لما نؤمن به، ونحن نقف مع الدولة قلبا وقالبا”.

من جهته، أعرب سلمان علي -وهو أحد وجهاء قرية كفتين- للجزيرة نت عن استيائه الشديد من أحداث السويداء، وأكد “نحن في جبل السماق نعيش كجزء لا يتجزأ من سوريا، رفع العلم الإسرائيلي ليس فقط إهانة للدروز، بل هو طعنة في قلب الوحدة الوطنية، لا يمكن أن نقبل بأي رمز يمثل احتلالا أو تدخلا خارجيا”.

وأضاف علي “لقد عشنا مع إخوتنا في إدلب سنوات طويلة تحت إدارة حكومة الإنقاذ، ولم نشعر يوما بالتمييز، هذه التجربة علمتنا أن الوحدة هي قوتنا، وأي دعوة للانفصال أو الارتباط بقوى خارجية لن تجلب إلا الدمار، كونوا مع سوريا، مع دمشق، مع شعبكم، إسرائيل لن تقدم لكم سوى الوعود الكاذبة التي ستنتهي بالخذلان”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version