ساهم المزارع الإنجليزي روبرت بيكويل في تأسيس علم تربية الحيوان، وهو علم زراعي يجمع بين علمي الوراثة والإحصاء، قبل أكثر من مئتي عام. وقد أحدث هذا العلم ثورة في الإنتاج الحيواني في جميع أنحاء العالم.
ويقول الدكتور محمد علي عبيد العبري الأستاذ المشارك في قسم علوم الحيوان والطب البيطري في جامعة السلطان قابوس إن روبرت بيكويل كان له دور في إرساء علم تربية الحيوانات من خلال طرح فكرة تسجيل أداء الحيوانات وبيانات نسبها بشكل منهجي.
علم تربية الحيوانات
يعتمد علم تربية الحيوانات على مبدأ توريث الصفات والاختيار الأمثل للأفراد ليكونوا آباءً للأجيال القادمة. وتتراوح الوراثة بين 0 و1، حيث تعني الوراثة 0 أن الصفة خاضعة تماما لسيطرة البيئة المحيطة بالحيوان، بينما تعني الوراثة 1 أن الصفة خاضعة تماما لسيطرة الجينات المنقولة من الآباء إلى الأبناء.
ويضيف الدكتور محمد أن اختيار الأفراد الأنسب كآباء للجيل القادم يستلزم التسجيل المنهجي لسجلات النسب والبيانات المتعلقة بالصفة المراد تحسينها. ويُستخدم هذان المصدران للمعلومات لتصنيف الحيوانات باستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة.
ما السلالات التي طورها روبرت بيكويل؟
جمع روبرت بيكويل الماشية المفيدة من رحلات الخيل المكثفة، ودمجها في سلالة من خلال التزاوج الداخلي المتعمد والمكثف لتثبيت النوع. وقام بتطوير أغنام ليسيسترشاير وماشية لونجهورن إلى سلالات منتجة للحوم.
ورغم أنه لم يطلق اسم بيكويل على أيٍّ من السلالات التي أسهم في تطويرها، فإن إحدى سلالات الأغنام التي تم تطويرها في فرنسا تمت تسميتها باسم ديشلي ميرينو، على اسم منطقة “ديشلي” التي نشأ فيها روبرت بيكويل.
تاريخ طويل
رغم أن تربية الحيوان بناء على الصفات المرغوبة يعتبر علما حديثا، فإن لها تاريخا ضاربا في القدم. ويقول الدكتور محمود مغربي عراقي الأستاذ الفخري بكلية الزراعة جامعة بنها إن المسلمين اهتموا بتطور علم تربية الحيوان أثناء الفتوحات الإسلامية.
وقد لاحظ أبو الريحان محمد البَيْرُوني أن الفلّاحين في الهند يقومون بعملية غاية في الذكاء لتعديل مستوى إنتاج المحاصيل الخاصة بهم. وفي كتابه عن الهند، يشير البيروني إلى أن الزارع يختار حبوبه، ويسمح لها بالنمو إلى المستوى الذي يريد ثم يختار الأفضل.
ومن المتوقع أن يستمر تطور علم تربية الحيوان في المستقبل، مع التركيز على تحسين الصفات الوراثية للحيوانات وزيادة إنتاجيتها. وستلعب التكنولوجيا دورا هاما في هذا التطور، من خلال استخدام تقنيات متقدمة مثل تحليل الجينوم والذكاء الاصطناعي.
