يشهد عالم كرة القدم حكايات تتقاطع فيه عبر القارات والثقافات، وتتأصل فيها المشاعر والعلاقات التي تتجاوز مجرد المنافسة. إحدى هذه الحكايات هي قصة كاهيل، الألماني الذي وجد في المدرجات السعودية ملاذه وشغفه، ليس كمشجع عادي، بل كشخص عاش تفاصيل اللعبة من الداخل وتأثر بجمهورها. هذه المقالة تستكشف علاقته بـ كرة القدم السعودية، وإعجابه بقطر، وتجاربه الممتدة في عالم الرياضة.

شغف كاهيل بـ كرة القدم السعودية: قصة بدأت في كوريا واليابان

لم يكن حضور كاهيل لمنافسات كأس العرب مجرد نزوة، بل امتداداً لعلاقة طويلة بدأت في كأس العالم 2002 في كوريا واليابان. حينها، كان كاهيل جزءاً من الطاقم الفني لمنتخب الكاميرون، ولكنه وجد نفسه يتابع مباريات “الأخضر” السعودي باهتمام بالغ. ما لفت نظره لم يكن أداء الفريق فحسب، بل الشغف الجماهيري الهائل، والوفاء اللافت من المشجعين، والحضور الكثيف الذي ميز مباريات المنتخب السعودي في تلك البطولة.

يؤكد كاهيل أنه ظل يتذكر تفاصيل تلك المحطات الكروية بدقة، وأن متابعة مباريات السعودية أصبحت تفضيلًا شخصيًا له. “لمست شغفاً جماهيرياً فريداً. سواء في كأس العرب 2021 أو في كأس آسيا الأخيرة التي أقيمت في قطر، كان الحماس السعودي لا يضاهيه حماس”، هذا ما قاله في حديثه مع الجزيرة نت. لقد استعاد كاهيل مع المشجعين ذكريات مواجهات السعودية الملحمية في مونديال 2002 أمام فرق قوية مثل ألمانيا والكاميرون وجمهورية أيرلندا، على الرغم من خروج كلا المنتخبين من دور المجموعات.

كاهيل و”بوما”: رحلة في خدمة كرة القدم

تجاوزت علاقة كاهيل بكرة القدم حدود المدرجات والطاقم الفني. فقد عمل ممثلاً لشركة “بوما” الرياضية، وتحديدًا مسؤولاً عن تجهيزات منتخب الكاميرون خلال الفترة الممتدة بين عامي 2002 و 2004، تحت إشراف المدرب الألماني المعروف، ويلفريد شافير. هذه الفترة شهدت تتويجًا مهمًا، حيث ساهم كاهيل مع شافير في فوز الكاميرون بلقب كأس أمم أفريقيا عام 2002.

لاحقًا، تولى كاهيل منصبًا مديرًا تقنيًا للمنتخب الكاميروني، مما عزز من خبرته ومعرفته العميقة بمتطلبات اللعبة على أعلى المستويات. ويلفريد شافير نفسه يعتبر من الأسماء البارزة في عالم التدريب، وهو يشرف حالياً على منتخب غانا ويقوده نحو التأهل لنهائيات كأس العالم 2026، بالإضافة إلى مساهمته في اكتشاف وتطوير العديد من المواهب الألمانية، بما في ذلك حارس المرمى الأسطوري أوليفر كان. الخبرة الكروية التي يمتلكها كاهيل تجعل من آرائه وتحليلاته ذات قيمة كبيرة.

قطر: نموذج مثالي في استضافة الأحداث الرياضية

بعيداً عن كرة القدم السعودية، أبدى كاهيل إعجابه الشديد بدولة قطر وقدرتها التنظيمية الفائقة في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى. وقد زار قطر أكثر من 60 مرة، وشهد التطور الهائل الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة.

“قطر بلد رائع. تابعت 18 مباراة من المدرجات خلال 13 يومًا في كأس العالم 2022، واستمتعت بكل لحظة. التنظيم كان مذهلاً”، هكذا وصف تجربته القطرية. وأضاف: “لا أعتقد أن بطولة عالمية أخرى ستُنظم بالطريقة نفسها. قرب الملاعب من بعضها، ومناطق المشجعين، وإمكانية الاحتفال مع جماهير من مختلف أنحاء العالم في مدينة واحدة، كما يحدث في سوق واقف، دون أي مشاكل، كلها عوامل استثنائية.”

مزايا التجربة القطرية وتقدير كاهيل

يرى كاهيل أن قطر تقدم نموذجًا فريدًا في تنظيم البطولات الرياضية، مؤكدًا أن كرم الضيافة، وجودة الملاعب، وسهولة التنقل، كلها عوامل تجعل من قطر وجهة مثالية للمشجعين والرياضيين على حد سواء. كما أشاد بالحزمة المتكاملة من الخدمات التي توفرها قطر، بما في ذلك جودة الطعام.

يرى كاهيل أن قطر تجاوزت التوقعات، خاصةً بالنظر إلى التحديات التي واجهت مشاريع البنية التحتية في عام 2015. “تساءلت آنذاك إن كان من الممكن الانتهاء من كل هذه المشاريع قبل كأس العالم، لكن ما تحقق كان مفاجئًا بكل المقاييس.”

رسالة إعجاب وتقدير لمسؤولي قطر

لم يتردد كاهيل في توجيه رسالة مباشرة إلى المسؤولين عن تنظيم البطولات في قطر. “واصلوا العمل، ما تقدمونه نموذج مثالي للعالم، وأنتم تخدمون كرة القدم بصورة رائعة.”

وفي ختام حديثه، وجه رسالة خاصة إلى الأوروبيين، داعيًا إياهم لزيارة قطر واكتشافها بأنفسهم. “رسالتي، خصوصًا للأوروبيين الذين يحملون تصورات خاطئة عن قطر أو لا يعرفونها جيدًا، أن يزوروا هذا البلد ويكتشفوا كيف يجمع بين الحداثة والأصالة، ويحافظ على هويته. بالنسبة لي، قطر بلدي الثاني.”

ختاماً، قصة كاهيل ليست مجرد حكاية عن مشجع ألماني يعشق كرة القدم السعودية، بل هي شهادة على قوة اللعبة في توحيد الثقافات وخلق صداقات تتجاوز الحدود. إنها أيضاً تقدير للجهود القطرية في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتقديم تجربة استثنائية للجميع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version