ليونيل ميسي، الاسم الذي يتردد صداه في عالم كرة القدم، لم يكن طريقه إلى تمثيل منتخب الأرجنتين مضمونًا كما يعتقد الكثيرون. ففي قصة تكاد تكون أسطورية، كشف المدرب السابق خوسيه بيكرمان عن الجهود السرية التي بذلها لضمان انضمام النجم الشاب إلى صفوف التانغو، ومنع انتقاله المحتمل إلى تمثيل منتخب إسبانيا. هذه القصة، التي تتناول ميسي وإسبانيا، تبرز أهمية اللحظات الحاسمة في مسيرة الأساطير، وكيف يمكن لقرارات ذكية أن تغير مسار التاريخ الكروي.

كيف كاد ليونيل ميسي يلعب لإسبانيا؟

في بداية مسيرته الكروية، وبعد انتقاله إلى نادي برشلونة الإسباني في سن مبكرة، وجد ليونيل ميسي نفسه في موقف فريد. فقد كان مؤهلاً لتمثيل كل من الأرجنتين وإسبانيا على المستوى الدولي. شارك ميسي بالفعل في بطولة تحت 17 عامًا مع إسبانيا في فنلندا، مما أثار قلق المسؤولين في الاتحاد الأرجنتيني. كانت إسبانيا ترى فيه موهبة واعدة، وكانت على وشك إقناعه بتمثيل منتخبها.

خطة بيكرمان الذكية لحماية ميسي

أدرك خوسيه بيكرمان، الذي كان مدربًا لمنتخب الأرجنتين في ذلك الوقت، خطورة الموقف. فقد كان مقتنعًا بأن ميسي يمثل مستقبل كرة القدم الأرجنتينية، وأنه لا يمكن السماح له باللعب لمنتخب آخر. لذا، وضع بيكرمان خطة محكمة للاحتفاظ بميسي، مستغلًا ثغرة في قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).

استغلال قوانين الفيفا

كانت القاعدة الأساسية التي اعتمد عليها بيكرمان هي أن أي لاعب يشارك في مباراة رسمية لمنتخب الشباب لا يحق له تمثيل منتخب وطني آخر. لذلك، قام بيكرمان بالاتصال بمدرب منتخب الأرجنتين تحت 20 عامًا، هوغو توكالي، وطلب منه إدراج اسم ميسي في قائمة المنتخب المشاركة في بطولة أمريكا الجنوبية تحت 20 عامًا.

كان توكالي مترددًا في البداية، حيث لم يكن ميسي بعد لاعبًا أساسيًا في الفريق. ولكن بيكرمان أصر على ضرورة إدراج اسمه، حتى لو كان ذلك يعني مجرد مشاركته في مباراة ودية واحدة. كان الهدف الوحيد هو تفعيل مشاركته الرسمية مع منتخب الأرجنتين، وبالتالي منعه من اللعب لإسبانيا.

المباراة الودية الحاسمة ضد باراغواي

في 29 يونيو 2004، تم تنظيم مباراة ودية بين الأرجنتين والباراغواي. شارك ليونيل ميسي في هذه المباراة، وارتدى قميص الأرجنتين للمرة الأولى في مسيرته. انتهت المباراة بفوز الأرجنتين بنتيجة ساحقة 8-0، ولكن الأهم من ذلك هو أن هذه المباراة كانت بمثابة نقطة تحول في مسيرة ميسي الدولية.

بمجرد مشاركة ميسي في هذه المباراة، أصبحت أوراقه الرسمية مرتبطة بمنتخب الأرجنتين، ولم يعد بإمكانه اللعب لإسبانيا. كانت هذه خطوة حاسمة قام بها بيكرمان، والتي ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم لتمثيل الأرجنتين.

ردود الفعل والاعتراف بالجهود

تحدث بيكرمان عن هذه القصة في مؤتمر صحفي، مؤكدًا أنه كان مصدومًا عندما علم بأن إسبانيا كانت تسعى لضم ميسي. وأوضح أنه لم يتردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ميسي ومنعه من اللعب لمنتخب آخر. كما أشاد بجهود هوغو توكالي في تنفيذ هذه الخطة.

وقد لاقت هذه القصة استحسانًا كبيرًا من قبل وسائل الإعلام والجماهير الأرجنتينية، التي اعتبرت بيكرمان بطلاً حقيقيًا. فقد أنقذ بيكرمان ميسي من الضياع، وسمح له بتحقيق الإنجازات التاريخية التي حققها مع منتخب الأرجنتين، وعلى رأسها الفوز بكأس العالم 2022 في قطر. هذا الفوز، الذي يعتبر تتويجًا لمسيرة ميسي الأسطورية، لم يكن ليتحقق لولا جهود بيكرمان في تلك اللحظات الحاسمة.

ليونيل ميسي والأرجنتين: قصة نجاح مستمرة

اليوم، يعتبر ليونيل ميسي رمزًا لكرة القدم الأرجنتينية، وقائدًا للمنتخب الوطني. لقد قدم ميسي الكثير للأرجنتين، وقادها إلى تحقيق العديد من الإنجازات، بما في ذلك الفوز بكأس العالم، وكأس كوبا أمريكا، والميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية.

إن قصة ميسي مع المنتخب الأرجنتيني هي قصة نجاح مستمرة، وهي بمثابة مصدر فخر وإلهام لجميع الأرجنتينيين. ولولا خطة بيكرمان الذكية، لربما كنا نشاهد ميسي يلعب لإسبانيا، وربما لم يكن ليحقق كل هذه الإنجازات مع التانغو. تبقى هذه القصة دليلًا على أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي أيضًا قصة صراعات، ومؤامرات، وقرارات مصيرية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version