في أمسية تاريخية على ملعب “أوف لايت”، حقق سندرلاند فوزًا ثمينًا على غريمه التقليدي نيوكاسل يونايتد بهدف نظيف، في مباراة ديربي “تاين وير” التي أثارت مشاعر الجماهير وأعادت الذكريات المؤلمة لنيوكاسل. هذا الانتصار، الذي يعتبر الأفضل لسندرلاند منذ سنوات، لم يكن مجرد ثلاث نقاط في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، بل كان بمثابة رد اعتبار قوي وخطوة مهمة نحو تحقيق طموحات الفريق في المنافسة على المراكز المؤهلة لأوروبا.
صعود سندرلاند المذهل في الدوري الإنجليزي الممتاز
الفوز رفع سندرلاند إلى المركز السابع في جدول الترتيب، بفارق نقطتين فقط عن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا. هذا التقدم الملحوظ يعكس الأداء المتطور للفريق تحت قيادة مدربه ريجيس لو بري، والروح القتالية التي أظهرها اللاعبون في مواجهة خصم قوي ومنافس تاريخي.
الهدف الوحيد في المباراة جاء عن طريق خطأ غير مقصود من لاعب نيوكاسل، نيك فولتماده، الذي سجّل بالخطأ في مرماه، ليمنح سندرلاند الفوز ويُشعل فتيل الاحتفالات في المدرجات. هذا الهدف العكسي، وإن كان محظوظًا، إلا أنه جاء في سياق الضغط المستمر الذي مارسه سندرلاند على دفاع نيوكاسل طوال المباراة.
انتقام سندرلاند من هزيمة كأس الاتحاد الإنجليزي
يحمل هذا الفوز مذاقًا خاصًا لجماهير سندرلاند، حيث يمثل انتقامًا مثاليًا من الهزيمة القاسية التي تعرض لها الفريق أمام نيوكاسل في كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2024 بنتيجة 3-0. تلك الهزيمة كانت مؤلمة للغاية، وكانت بمثابة جرح مفتوح في قلوب المشجعين، الذين رأوا في هذا الفوز فرصة لطي صفحة الماضي وبدء حقبة جديدة من النجاح.
بالنسبة للمدافع دان بالارد، كان هذا الانتصار له طابع شخصي أكثر. فقد سجل بالخطأ في مرماه خلال تلك الهزيمة في كأس الاتحاد، مما جعله هدفًا للانتقادات والسخرية من قبل جماهير نيوكاسل. لكن بالارد وزملاءه تمكنوا من تحويل هذا الألم إلى دافع، وقدموا أداءً قويًا أثمر عن الفوز الثمين.
أجواء مشحونة في ديربي “تاين وير”
لم تقتصر الإثارة على أحداث الملعب، بل امتدت إلى المدرجات، حيث أظهر مشجعو سندرلاند ولاءهم وحبهم للفريق بطرق مبتكرة ومثيرة. رفع المشجعون لافتة ضخمة تصور قطة سوداء (رمز سندرلاند) وهي تنقض على طائر عقعق (رمز نيوكاسل) في حالة ذعر، في إشارة واضحة إلى العداء التاريخي بين المدينتين.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل قام المشجعون باستبدال اسم نيوكاسل وشعاره على لوحة النتائج بكلمة “الزائر” فقط، في تعبير صارخ عن الازدراء والاحتقار. هذه الأجواء المشحونة تعكس عمق الصراع بين المدينتين، وأهمية هذا الديربي بالنسبة لكلا الفريقين وجماهيرهما.
تاريخ عريق من المنافسة والعداء
يعود تاريخ الصراع بين نيوكاسل وسندرلاند إلى قرون مضت، قبل حتى اختراع كرة القدم الحديثة. بدأ التوتر في القرن السابع عشر خلال الحرب الأهلية الإنجليزية، حيث دعمت نيوكاسل الملكيين بينما أيدت سندرلاند البرلمانيين. ومنذ ذلك الحين، ترسخ الانقسام السياسي والاجتماعي بين المدينتين.
مع تطور الثورة الصناعية، اشتدت المنافسة بين المدينتين في الصناعات الثقيلة، وخاصة الفحم وبناء السفن. هذه المنافسة الاقتصادية غذت مشاعر العداء بين سكان المنطقتين، وأدت إلى تصاعد التوتر بينهما.
وبالتالي، لم يكن من المستغرب أن يشهد أول لقاء رسمي بين نيوكاسل يونايتد وسندرلاند عام 1883 أجواءً نارية داخل الملعب وخارجه. وقد استمرت هذه الأجواء على مر السنين، مما جعل ديربي “تاين وير” واحدًا من أكثر الديربيات إثارة وشراسة في العالم. مباريات الديربي دائمًا ما تكون ذات طابع خاص، وتتجاوز مجرد المنافسة الرياضية لتصبح تعبيرًا عن الهوية والانتماء.
لو بري: “سنستمتع بهذه النتيجة”
بعد المباراة، عبّر المدرب ريجيس لو بري عن سعادته الغامرة بالفوز، وأشاد بجهود اللاعبين والروح القتالية التي أظهروها. وقال لو بري: “سنستمتع بهذه النتيجة، لكنني سعيد من أجل اللاعبين والنادي والجماهير لأنهم يستحقون ذلك. فهمت بسرعة ما تعنيه هذه المباراة للجماهير، ربما كان ذلك منذ اليوم الأول لوصولي.”
كما أشار لو بري إلى أن الفريق قام بتقليد صورة فريق نيوكاسل أمام المدرج المخصص لجماهيره في الملعب ذاته عام 2024، بالتقاط صورة خاصة أمام مدرجات روكر إند، في إشارة إلى الرغبة في تكرار النجاح والتفوق على الخصم. هذا الفوز يمثل دفعة معنوية كبيرة لسندرلاند، ويمنحه الثقة اللازمة لمواصلة المشوار نحو تحقيق أهدافه في الدوري الإنجليزي.
في الختام، يمثل فوز سندرلاند على نيوكاسل يونايتد علامة فارقة في تاريخ النادي، ويعكس التقدم الكبير الذي يحرزه الفريق في الموسم الحالي. هذا الانتصار ليس مجرد نتيجة رياضية، بل هو تعبير عن العزيمة والإصرار والروح القتالية التي تميز سندرلاند وجماهيره. نتطلع إلى رؤية المزيد من الإنجازات لسندرلاند في المستقبل القريب، ونأمل أن يتمكن الفريق من تحقيق حلمه في المنافسة على المراكز المؤهلة لأوروبا. شارك هذا المقال مع أصدقائك وعبر عن رأيك في التعليقات!


