فلوريان فيرتز وليفربول: هل ينجح النجم الألماني في التأقلم مع الدوري الإنجليزي؟

بعد انتقال تاريخي كلّف خزينة النادي 116 مليون جنيه إسترليني (132 مليون يورو)، وصل فلوريان فيرتز إلى ليفربول محملاً بتوقعات كبيرة ليصبح حجر الزاوية في مشروع المدرب آرني سلوت. لكن بعد مرور عدة أسابيع على بداية الموسم، يجد النجم الألماني الشاب نفسه تحت ضغط كبير، حيث لم يتمكن حتى الآن من ترك بصمته الواضحة في الدوري الإنجليزي الممتاز. هذا المقال يتناول أسباب تعثر انطلاقته، التحديات التي يواجهها، وإمكانية تحوله إلى النجم الذي ينتظره جمهور الريدز.

فلوريان فيرتز: بداية صعبة في الدوري الإنجليزي

لم يسجل فلوريان فيرتز أي هدف أو يصنع أي تمريرة حاسمة في الدوري الإنجليزي حتى الآن، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول قدرته على التأقلم مع متطلبات هذا الدوري. الضغط الجماهيري والإعلامي يتزايد، والجميع ينتظرون منه أن يبرهن على قيمته الفنية العالية التي أظهرها سابقاً مع باير ليفركوزن. الوضع الحالي يثير القلق، لكن هل هي نهاية القصة أم مجرد بداية لصراع التأقلم؟

القوة البدنية: التحدي الأكبر لـ فيرتز

أحد أبرز الانتقادات الموجهة لـ فيرتز هو ضعف بنيته الجسدية وعدم قدرته على مجاراة القوة البدنية العالية التي يتميز بها الدوري الإنجليزي. غاري نيفيل، المحلل الرياضي الشهير، لم يتردد في وصفه بأنه “يبدو كصبي صغير”، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر في الدوري الإنجليزي.

مقارنة بين الأداء في ألمانيا وإنجلترا

الأرقام تؤكد كلام نيفيل. فقد انخفضت نسبة فوز فيرتز بالالتحامات من 45% في ألمانيا إلى 35% فقط في إنجلترا، كما تراجعت فاعليته في الالتحامات الهوائية بشكل ملحوظ. هذا الانخفاض يعكس صعوبة التأقلم مع الإيقاع السريع والالتحامات القوية التي تميز الدوري الإنجليزي. اللاعبون الآخرون، مثل ميكا ريتشاردز وجو كول، وصفوه أيضاً بأنه “خفيف الوزن”، وهي ملاحظة قد تكون قاسية، لكنها تعكس واقعاً يجب على اللاعب والمدرب التعامل معه.

التكتيك والمركز: هل يقيّده سلوت؟

في ليفركوزن، كان فلوريان فيرتز يلعب كصانع ألعاب حر، يتحرك بحرية ويقود الهجوم. أما في ليفربول، فقد تغير مركزه وأصبح يتحرك أكثر نحو اليمين أو العمق المزدحم، مما قلل من خطورته ومنحه المنافسين فرصة أكبر للضغط عليه.

محاولات سلوت لإيجاد الحل الأمثل

حاول آرني سلوت مؤخراً تحريكه إلى موقع هجومي أيسر، وظهر بشكل أفضل أمام ريال مدريد في دوري الأبطال، لكنه عاد ليختفي أمام مانشستر سيتي. هذا التذبذب في الأداء يثير تساؤلاً هاماً: هل ليفربول يقيّد فيرتز تكتيكياً أكثر مما يحرره؟ هل يحتاج المدرب إلى منح اللاعب المزيد من الحرية والمرونة في الملعب؟

صناعة الفرص: بصيص أمل في أداء فيرتز

على الرغم من الانتقادات، لا يمكن تجاهل أن فلوريان فيرتز خلق 16 فرصة محققة في الدوري لم تترجم أي منها إلى أهداف. تمريراته السحرية لصلاح أمام تشلسي أو لسوبوسلاي أمام مدريد تؤكد أنه يؤدي دوره الإبداعي بشكل جيد. الأرقام تشير إلى أنه أحد أكثر صانعي الفرص فعالية في الدوري من حيث معدل الفرص لكل دقيقة لعب، لكن غياب اللمسة الأخيرة من زملائه حرمه من المساهمة المباشرة في الأهداف. هذا يشير إلى أن المشكلة ليست فقط في أداء فيرتز، بل أيضاً في قدرة زملائه على استغلال الفرص التي يخلقها. صناعة اللعب هي نقطة قوة واضحة للاعب.

التأقلم وليس الموهبة: مفتاح النجاح

فلوريان فيرتز لا يعاني من نقص في الموهبة، بل من صدمة التغيير. الانتقال من أجواء البوندسليغا المنضبطة إلى الدوري الإنجليزي السريع والعنيف يحتاج وقتاً وتعديلات تكتيكية تمنحه حرية ومساحة أكبر. الدوري الإنجليزي يتطلب لياقة بدنية عالية وقدرة على مجاراة الإيقاع السريع، وهو ما يحتاج إلى فترة من التأقلم والتدريب المكثف.

الخلاصة: مستقبل واعد ينتظر فيرتز في ليفربول

ليفربول يملك جوهرة ألمانية حقيقية، لكن صقلها في بيئة جديدة يتطلب صبراً وذكاءً من المدرب سلوت. يبقى السؤال كم من الوقت يمكن لجماهير آنفيلد أن تنتظر حتى يتحول “الصبي الصغير” إلى قائد الهجوم الذي وُعدوا به؟ من الواضح أن فيرتز يمتلك الإمكانات اللازمة للنجاح في ليفربول، لكنه يحتاج إلى الدعم والتوجيه المناسبين للتغلب على التحديات وتحقيق كامل إمكاناته. مستقبله في الدوري الإنجليزي يعتمد على قدرته على التأقلم البدني والتكتيكي، وعلى تعاون زملائه في الفريق. هل سيتمكن من إثبات نفسه وتحقيق النجاح المنشود؟ الأيام القادمة ستكشف لنا الإجابة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version