ناصر الهشبول، كفيف يجسد الإرادة والتحدي، يلخص معاناته ومطالبه بجملة مؤثرة: “لن يستطيعوا إعادة بصري ولكن بمقدورهم تهيئة الطريق لي”. هذه الجملة الموجزة تحمل في طياتها قصة كفاح طويل، وتكشف عن العديد من العقبات التي تواجه المكفوفين في حياتهم اليومية. في حوار مع “عكاظ”، سلط الهشبول الضوء على التحديات التي يواجهها، مؤكدًا أن التعامل مع ذوي الإعاقة يجب أن يكون قائمًا على الاحترام والتمكين، لا الشفقة. هذا المقال يسلط الضوء على قصة ناصر الهشبول، ويسعى إلى فهم أعمق لاحتياجات المكفوفين في المجتمع، وكيف يمكننا المساهمة في تهيئة بيئة دامعة لهم.

تحديات يومية تواجه المكفوفين

يعتقد ناصر الهشبول أن الأدوات هي أساس التقدم والحضارة، وأن الإنسان يحتاج منذ الولادة إلى مقومات النجاح من الأسرة والمجتمع والوطن. هذه المقومات تشمل توفير الغذاء والدواء والثقافة والعلم، وهي بمثابة السلم الذي يصعد من خلاله المرء نحو تحقيق طموحاته.

أهمية توفير الأدوات المناسبة

ويضيف الهشبول: “متى ما توفرت الأدوات المناسبة للكفيف فلن يحتاج المساعدة من أحد”. لكن الواقع الحالي يشير إلى تجاهل هذه الأدوات الأساسية. على سبيل المثال، يواجه المكفوفون صعوبة بالغة في تمييز الأدوية في الصيدليات، حيث أن معظمها غير مكتوب بطريقة برايل. هذا الأمر يتطلب تدخل وزارة الصحة لفرض معايير جديدة تضمن توفير هذه الخدمة، كما هو الحال في العديد من دول العالم المتقدمة.

صعوبات التسوق والمعاملات اليومية

لا تقتصر التحديات على الأدوية، بل تمتد لتشمل التسوق في متاجر الأغذية. فالمنتجات الغذائية غالبًا ما تفتقر إلى المعلومات المكتوبة بطريقة برايل، مما يجعل من الصعب على المكفوف اختيار ما يرغبون في شرائه. حتى الأسعار قد تكون غير واضحة، مما يضطرهم إلى طلب المساعدة، وهو ما قد يعرضهم للخطر، كما حدث مع الهشبول الذي تعرض للسرقة من قبل شخص ادعى مساعدته. هذه المواقف تؤكد على أهمية توفير خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة تضمن لهم الأمان والاستقلالية.

الإهمال في المرافق العامة والخدمات الحكومية

يتساءل الهشبول عن غياب اللوحات الإرشادية والممرات المدببة في المستشفيات والدوائر الحكومية والمرافق الخدمية. على الرغم من وجود مكاتب مخصصة لمساعدة ذوي الإعاقة، إلا أن المساعدة المقدمة غالبًا ما تكون مدفوعة بالشفقة أو التشجيع، وليست نابعة من إحساس حقيقي بالمسؤولية. ويرى الهشبول أن المكفوف قادر على القيام بكل حاجاته بنفسه، إذا ما توفرت له الأدوات المناسبة.

أمن المشاة من ذوي الإعاقة

يشير الهشبول إلى تشدد المرور في معاقبة المركبات التي لا تحترم طريق المشاة، ويسأل: “أين احترامكم للمشاة من ذوي الإعاقة؟”. ويطالب بتوفير الإشارات السمعية التي تستخدمها حتى دول العالم الثالث، لضمان سلامة المكفوفين أثناء عبورهم للطرق. إن توفير هذه الإشارات السمعية يعتبر جزءًا أساسيًا من تسهيل الحياة للمكفوفين.

الثقة بالنفس والاستقلالية

يؤكد الهشبول على أهمية توفير الأدوات المناسبة للكفيف حتى يتمكن من القيام بمهامه بنفسه، وخدمة أسرته، وعدم اللجوء إلى شخص آخر للمساعدة. ويقول: “كيف سأثق بأبنائي إن كنت لست قادرًا على الاعتماد على نفسي؟”. كما يتساءل عن كيفية الثقة بالناس في أمور شخصية، مثل معرفة سجل عملياته البنكية أو ترفيه أبنائه، وحتى شراء حاجاته الشخصية. إن الاستقلالية والثقة بالنفس هما أساس حياة كريمة للمكفوف.

نحو مجتمع دامج

إن قصة ناصر الهشبول ليست مجرد قصة فرد، بل هي تعكس معاناة شريحة كبيرة من المجتمع. إن توفير الأدوات المناسبة للمكفوفين ليس مجرد واجب إنساني، بل هو استثمار في مستقبل أفضل للجميع. يجب أن نتحول من التعامل مع ذوي الإعاقة من باب الشفقة إلى التعامل معهم كمواطنين منتجين وناجحين، قادرين على المساهمة في بناء المجتمع. إن تهيئة الطريق لهم، كما يقول الهشبول، هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع. لذا، دعونا نعمل معًا لخلق مجتمع أكثر دمجًا وتسامحًا، يوفر فرصًا متساوية للجميع، ويضمن حياة كريمة للمكفوفين وجميع ذوي الاحتياجات الخاصة.

هل لديك أي أفكار أخرى حول كيفية تحسين حياة المكفوفين في مجتمعنا؟ شاركنا رأيك في التعليقات!

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version