مع دخول موسمي الخريف والشتاء، تزداد التحديات التي تواجه السائقين على الطرقات، وأبرزها مشكلة إبهار الضوء أثناء القيادة. هذا الإبهار، سواء كان ناتجًا عن مصابيح السيارات القادمة، أو انعكاسات الطرق المبللة، أو حتى وهج الشمس المنخفض، يمكن أن يؤدي إلى إرباك السائق، وزيادة خطر الحوادث. ثوانٍ قليلة من فقدان الرؤية بسبب هذا الوهج قد تكون كافية للتسبب في خطأ فادح. يهدف هذا المقال إلى استكشاف أسباب إبهار الضوء وكيفية التعامل معه، بالإضافة إلى أحدث التقنيات والحلول المتاحة لتقليل هذا الخطر المتزايد.
أسباب إبهار الضوء أثناء القيادة
يشير باريند هاويتر، رئيس قسم تكنولوجيا المركبات في المجلس الألماني للسلامة على الطرق، إلى أن هذه المشكلة تعتبر “أحد أكثر المخاطر انتشارًا على الطرق”. فترة الخريف والشتاء تحديدًا تشهد انخفاضًا في زاوية الشمس، مما يزيد من تأثير الوهج. إلى جانب ذلك، تساهم العوامل الجوية مثل الأمطار والثلوج في تفاقم المشكلة من خلال الانعكاسات التي تحدث على سطح الطريق.
ولكن السبب ليس فقط العوامل الجوية، بل تتطور تكنولوجيا الإضاءة في السيارات باستمرار، وهذا التطور، على الرغم من فوائده في تحسين الرؤية، قد يكون له جانب سلبي يتمثل في إبهار الضوء الناتج عن المصابيح القوية. كشافات LED، المصابيح الصغيرة ذات الحزمة الضوئية المركزة، والمصابيح غير المضبوطة بشكل صحيح، كلها عوامل تساهم في هذه الظاهرة. كما أن سوء استخدام الإضاءة العالية، أو استخدام مصابيح الزينون شديدة السطوع، يزيد من حدة المشكلة.
تأثير إبهار الضوء على السائق
لا يقتصر تأثير إبهار الضوء على رؤية السائق فحسب، بل يمتد ليشمل قدرته على الاستجابة. عند التعرض للإبهار، يلجأ السائق بشكل طبيعي إلى إغماض عينيه، مما يقلل من التركيز ويزيد من التوتر الذهني. الأمر الذي يجعله أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء. وحسب خبراء السلامة، فإن كبار السن هم الأكثر تأثرًا بهذه المشكلة مقارنة بالشباب.
حلول عملية للحد من إبهار الضوء
لحسن الحظ، هناك العديد من الحلول والتقنيات المتوفرة للتعامل مع مشكلة إبهار الضوء وتقليل آثارها السلبية:
المرايا الذكية والتعتيم التلقائي
تعتبر المرايا الداخلية والخارجية من أهم الأدوات لمواجهة انعكاسات الضوء. وظيفة التعتيم اليدوي في المرايا الداخلية هي حل بسيط وفعال، بينما توفر المرايا الأوتوماتيكية الإعتام حلاً أكثر تطوراً، حيث تقلل الانعكاسات المزعجة تلقائيًا. كما تتجه شركات تصنيع السيارات إلى استخدام المرايا الرقمية عالية الدقة التي تعتمد على كاميرات خلفية، مثل نظام “فل ديسبلاي ميرور”، والتي توفر زاوية رؤية أوسع وتعتيمًا فوريًا لمصادر الضوء القوية.
ضبط الكشافات الأمامية
يلعب ضبط ارتفاع الكشافات الأمامية دورًا حاسمًا في تقليل إبهار الضوء. على الرغم من أن كشافات الزينون القوية تخضع لنظام ضبط أوتوماتيكي وإعادة تنظيف، إلا أن هذا الشرط لا ينطبق على مصابيح LED الأكثر شيوعًا. لذلك، يجب على السائقين التأكد من ضبط ارتفاع الكشافات بشكل صحيح، خاصة عند تحميل السيارة بأمتعة أو ركاب في الخلف. كما أن إهمال تنظيف الكشافات يؤدي إلى انكسار الحزمة الضوئية بشكل غير منتظم، مما يزيد من الإزعاج للسائقين الآخرين.
العناية بالزجاج الأمامي
لا يستهان بدور الزجاج الأمامي النظيف في تحسين الرؤية وتقليل إبهار الضوء. الأتربة والدهون على الزجاج تعمل كطبقة عاكسة للضوء، مما يحول الوهج إلى وميض مشتت للنظر. لذلك، يجب تنظيف الزجاج الأمامي بانتظام من الداخل والخارج، والتأكد من كفاءة مساحات الزجاج.
ماذا تفعل عند التعرض للإبهار؟
في حال التعرض لإبهار الضوء المفاجئ، يوصي الخبراء باتباع الخطوات التالية:
- تخفيض السرعة فورًا.
- زيادة مسافة الأمان.
- تجنب النظر مباشرة إلى مصدر الضوء.
- تحويل النظر قليلًا نحو يمين الطريق أو علامات الحافة.
- التحقق من كفاءة عمل نظام مساعد الضوء العالي المتكيّف إذا كانت السيارة مزودة به.
وفي الأجواء الضبابية، يجب استخدام مصابيح الضباب الخلفية فقط عند انخفاض مدى الرؤية إلى أقل من 50 مترًا.
الخلاصة
إبهار الضوء أثناء القيادة هو خطر حقيقي يتزايد مع تطور تكنولوجيا الإضاءة وتغير الظروف الجوية. من خلال فهم أسباب هذه المشكلة واتباع الحلول العملية المتاحة، يمكن للسائقين حماية أنفسهم والآخرين، وضمان قيادة آمنة ومريحة في جميع الظروف. لا تتردد في فحص إضاءة سيارتك بانتظام والتأكد من ضبطها بشكل صحيح، والالتزام بقواعد السلامة المرورية، واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة عند مواجهة ظروف جوية صعبة. قيادة آمنة هي مسؤولية الجميع.


