في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا بهواية تربية الخيول العربية الأصيلة، وهي هواية تجمع بين الأصالة والتراث والرياضة. ومع ذلك، يواجه مربو الخيول في جدة، وغيرهم في مناطق مختلفة، تحديات كبيرة تعيق تطور هذه الهواية وتزيد من تكاليفها، مما يهدد مستقبلها. هذه التحديات تتعلق بالخدمات المقدمة من قبل مركز الملك عبدالعزيز للخيل، وتوفر الأراضي، ودعم الأعلاف، والرعاية البيطرية، والبنية التحتية في المطارات. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على هذه المشكلات وتقديم رؤى حول كيفية تطوير تربية الخيول في المملكة.
تحديات مربي الخيول في جدة والمملكة
يشكو مربو الخيول من عدة جوانب تتعلق بالدعم والخدمات المقدمة لهم، مما يؤثر سلبًا على قدرتهم على الاستمرار في هذه الهواية. على الرغم من الرسوم التي يدفعونها مقابل خدمات مختلفة، مثل إصدار جوازات السفر، والتسجيل، والتحاليل البيطرية، إلا أنهم يرون أن المركز لا يقدم الخدمات الكافية مقابل هذه الرسوم.
تأخر الإجراءات في مركز الملك عبدالعزيز للخيل (ديراب)
أحد أبرز الشكاوى هو التأخر الكبير في إنجاز المعاملات في مركز الملك عبدالعزيز للخيل (ديراب). سواء كانت معاملات تسجيل الخيول، أو إصدار الأوراق الثبوتية، أو حتى إجراء التحاليل اللازمة، فإن المربين يجدون صعوبة في الحصول على الخدمات في الوقت المناسب. هذا التأخير يضعف من قدرتهم على المشاركة في السباقات، أو بيع وشراء الخيول، أو حتى ضمان صحة حيواناتهم.
نقص الأراضي المخصصة لتربية الخيول
يعاني مربو الخيول في جدة بشكل خاص من نقص الأراضي المخصصة لتربية الخيول. ففي حين أن مناطق أخرى في المملكة توفر أراضٍ زراعية مخصصة لهذا الغرض، فإن الأمانة في جدة لا تزال تحول الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية. هذا يدفع المربين إلى البحث عن أماكن بديلة لإيواء خيولهم، وهو أمر مكلف ويصعب تنفيذه. بالإضافة إلى ذلك، قد تتسبب المرابط في بعض الإزعاج للسكان المحليين بسبب الروائح، مما يزيد من الضغوط على المربين.
الدعم المالي والرعاية البيطرية: نقاط ضعف حقيقية
لا يقتصر التحدي على الأراضي والإجراءات، بل يمتد ليشمل الدعم المالي والرعاية البيطرية. يعتبر توفير الأعلاف من أهم التحديات التي تواجه مربي الخيول، خاصة مع ارتفاع أسعارها.
غياب دعم الأعلاف لمربي الخيول
في حين أن مربي الأنعام الأخرى، مثل الماشية والإبل، يحصلون على دعم من صوامع الغلال لتوفير الأعلاف، فإن مربي الخيول لا يحصلون على أي دعم. هذا يضع عبئًا ماليًا كبيرًا على المربين، خاصة الشباب الذين يعتمدون على مدخراتهم الشخصية. ونتيجة لذلك، اضطر العديد من الشباب إلى بيع خيولهم بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الغذاء والعلاج.
محدودية الخدمات البيطرية المتخصصة
تعتبر الرعاية البيطرية المتخصصة أمرًا بالغ الأهمية لصحة وسلامة الخيول. ومع ذلك، لا تتوفر مراكز طبية متخصصة لعلاج الخيول في العديد من المناطق. هذا يجبر المربين على شحن خيولهم المريضة إلى مراكز بعيدة، وهو أمر مكلف ويستغرق وقتًا طويلاً. كما أن عدم توفر الأدوية البيطرية المناسبة يجبر البعض على اللجوء إلى الصيدليات البشرية، وهو أمر غير آمن وقد يؤدي إلى مضاعفات.
البنية التحتية في المطارات: عقبة أمام التطور
تعتبر البنية التحتية في المطارات من العوامل الهامة التي تؤثر على تطوير هواية الخيل في المملكة. فمع تزايد مشاركة مربي الخيول في السباقات العالمية، وزيادة استيراد وشحن الخيول، أصبح من الضروري توفير مرافق مناسبة لاستقبال وشحن هذه الحيوانات.
نقص المرافق المتخصصة في المطارات السعودية
لاحظ مربو الخيول الذين شاركوا في سباقات عالمية أو قاموا بشراء خيول من الخارج أنه لا توجد بنية تحتية كافية في المطارات السعودية لاستقبال أو شحن الخيول. هذا يشكل تحديًا كبيرًا للمربين، ويؤثر على قدرتهم على المنافسة في المحافل الدولية.
تطوير قطاع تربية الخيول: رؤى وحلول
يتطلب تطوير قطاع تربية الخيول في المملكة تضافر جهود جميع الجهات المعنية، بما في ذلك مركز الملك عبدالعزيز للخيل، والأمانات، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وصوامع الغلال.
تعزيز خدمات مركز الملك عبدالعزيز للخيل
يجب على مركز الملك عبدالعزيز للخيل (ديراب) العمل على تسريع إجراءات المعاملات، وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للمربين، وتوفير المزيد من الشفافية في الرسوم والتكاليف.
توفير الأراضي المخصصة لتربية الخيول
يجب على الأمانات في مختلف المناطق تخصيص أراضٍ زراعية لتربية الخيول، وتسهيل إجراءات الحصول عليها للمربين.
دعم الأعلاف لمربي الخيول
يجب على صوامع الغلال النظر في إمكانية توفير دعم للأعلاف لمربي الخيول، أسوة بمربي الأنعام الأخرى.
تطوير الرعاية البيطرية
يجب على وزارة البيئة والمياه والزراعة العمل على إنشاء المزيد من المراكز الطبية المتخصصة لعلاج الخيول، وتوفير الأدوية البيطرية اللازمة.
تحسين البنية التحتية في المطارات
يجب على الهيئة العامة للطيران المدني العمل على تطوير البنية التحتية في المطارات السعودية لاستقبال وشحن الخيول، وتوفير المرافق اللازمة لضمان سلامتها وراحتها.
في الختام، تواجه هواية الخيل في المملكة العربية السعودية تحديات كبيرة، ولكن مع التخطيط السليم والتعاون بين جميع الجهات المعنية، يمكن تجاوز هذه التحديات وتحقيق تطوير حقيقي لهذا القطاع المهم. ندعو جميع المهتمين إلى المشاركة في الحوار وتقديم مقترحاتهم للمساهمة في تطوير هذه الهواية العريقة.




