ظاهرة مشاهير الفلس: كيف تحولت الشهرة إلى سلعة زهيدة؟
في زمن لم يكن أحد يتخيل فيه أن تتحول الشهرة إلى سلعة تُباع وتُشترى، نجد أنفسنا اليوم محاطين بطبقة جديدة من “النجوم” الذين يملأون الفضاء الرقمي بصخب وضجيج لا ينتهي. هؤلاء هم مشاهير الفلس، أولئك الذين سطعوا في عالم افتراضي لكنهم ظلوا فارغين من الداخل، يقدمون ما يشبه “الوجود المستعار” المبني على الاستعراض لا على القيمة.
كيف يُصنع نجم الفلس؟
إذا كنت تتساءل عن كيفية صنع هؤلاء النجوم، فالأمر بسيط للغاية. كل ما تحتاجه هو ثلاث وصفات سحرية:
الاستعراض المبالغ فيه: سواء كان استعراضاً للرفاهية المصطنعة أو للمواقف الغريبة أو حتى للمشاكل العائلية الخاصة. يبدو الأمر وكأنك تشاهد حلقة من برنامج واقعي حيث كل شيء مبالغ فيه.
اللعب على عاطفة الجمهور: عبر الإثارة والفضائح والمحتوى الساخر الذي يجذب المتابعين بشكل سريع. إنه مثل مشاهدة فيلم درامي حيث الأحداث المثيرة تتوالى بلا توقف.
التكرار حدّ الترسّخ: المحتوى مهما كان فارغاً إذا تكرر سيجد له مكاناً في الذاكرة الجمعية. تماماً كما تعلق أغنية بسيطة في ذهنك بعد سماعها مرارًا وتكرارًا.
لماذا نتابعهم؟
قد تلوم المشاهير على هذا الوضع، لكن الحقيقة أن الجمهور يلعب دورًا كبيرًا في ذلك. المتابع الذي يمنح وقته وإعجابه ومشاركته هو الذي يصنع هذه النجومية الهشة. السؤال هنا: لماذا ينجذب الناس إلى هؤلاء؟
- تسلية سهلة وسريعة: لا تحتاج إلى جهد عقلي بل تُستهلك بسرعة، مثل تناول وجبة خفيفة بين الوجبات الرئيسية.
- الهروب من الواقع: متابعة حياة الآخرين قد تكون وسيلة للهروب من الضغوط اليومية والروتين الممل.
- “المشاركة الاجتماعية”:: الحديث عن هؤلاء المشاهير أصبح جزءًا من المحادثات اليومية بين الأصدقاء والعائلة.
انعكاس ثقافي واجتماعي أعمق
هذه الظاهرة ليست مجرد “مرحلة ترفيهية” أو موجة عابرة؛ بل هي انعكاس لبنية ثقافية واجتماعية أعمق. نحن نعيش زمناً يقدّس الصورة على حساب الجوهر ويكافئ من يجيد إثارة الانتباه أكثر مما يكافئ من ينتج معرفة أو فنّاً أو فكراً.
“منصات التواصل الاجتماعي لا تفرق بين ما هو عميق وما هو تافه؛ بل تكافئ ما يثير التفاعل اللحظي.”
لذلك يصبح الطريق إلى الشهرة مفتوحاً أمام كل من يجيد الاستعراض أكثر مما يجيد الإبداع، تاركين وراءهم تساؤلات حول قيمة الشهرة الحقيقية ومعاييرها في عصرنا الحالي.
The post مشاهير الوهم: كيف تصنع المنصات الفلس في العصر الرقمي appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.
