في ظل السعي المتزايد وراء حلول سريعة وفعالة لـ إنقاص الوزن، يقع كثيرون ضحية حملات تسويقية تروّج لمنتجات بوعود مبالغ فيها أو غير مدعومة علميا. ومن بين هذه المنتجات تبرز مكملات الألياف، التي يثار حولها تساؤل مشروع: هل تسهم فعلا في فقدان الوزن، أم أنها مجرد وسيلة دعائية أخرى؟ هذا المقال سيتناول بالتفصيل دور مكملات الألياف في رحلة التحكم بالوزن، مع استعراض الأدلة العلمية والمخاطر المحتملة.
ما هي مكملات الألياف؟
يُعدّ تناول كميات كافية من الألياف الغذائية يوميا عنصرا مهما للحفاظ على الصحة العامة، إذ تلعب دورا في تحسين صحة القلب، والمساعدة على ضبط مستويات السكر في الدم، ودعم صحة الجهاز الهضمي. كما ترتبط الألياف بالوقاية من السمنة، نظرا لقدرتها على إبطاء عملية الهضم وتعزيز الشعور بالامتلاء لفترات أطول.
ورغم توافر الألياف طبيعيا في الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات، يلجأ بعض الأشخاص إلى تناولها على هيئة مكملات غذائية، بدافع تسهيل استهلاكها أو دعم محاولات خسارة الوزن. وتتوافر هذه المكملات بعدة أشكال، من بينها:
- مساحيق تُذاب في الماء أو العصائر
- أقراص أو كبسولات
- منتجات جاهزة مثل البسكويت أو الحبوب المدعمة بالألياف
ولكن السؤال الأهم يبقى: هل يمكن لمكملات الألياف وحدها أن تساعد فعلا في فقدان الوزن بشكل ملحوظ؟
فوائد مكملات الألياف لخسارة الوزن
تستخدم مكملات الألياف عادة لفوائدها المتعددة والتي تتمثل في:
زيادة الشعور بالشبع
إذ تتشكل الألياف القابلة للذوبان في المعدة على شكل جل، مما يبطئ تفريغ المعدة ويقلل الرغبة في تناول الطعام بين الوجبات. هذا التأثير يساعد بشكل كبير في تقليل السعرات الحرارية المتناولة خلال اليوم.
تحسين الهضم والتمثيل الغذائي
تساعد الألياف على تنظيم حركة الأمعاء وتقليل الإمساك، مما يحسن الامتصاص الغذائي والتحكم بالوزن. جهاز هضمي صحي يعني قدرة أفضل على معالجة الطعام واستخلاص العناصر الغذائية الضرورية.
تأثير على الهرمونات المسؤولة عن الجوع
تشير بعض الدراسات إلى أن الألياف قد تساعد على زيادة إفراز هرمونات الشبع (مثل GLP-1 وPYY) وتقليل هرمون الجوع (غريلين). هذا التوازن الهرموني يساهم في تقليل الرغبة في تناول الطعام.
خفض الامتصاص البسيط للدهون والكربوهيدرات
بعض أنواع الألياف يمكن أن تقلل امتصاص السعرات من الوجبات بنسبة بسيطة. هذا التأثير، على الرغم من أنه قد يكون صغيرا، يمكن أن يتراكم بمرور الوقت ويساعد في تحقيق عجز في السعرات الحرارية.
كذلك قد تسهم هذه المكملات في:
- تحسين التحكم بالسكر: الألياف القابلة للذوبان تساعد على تقليل ارتفاع السكر بعد الوجبات.
- خفض الكوليسترول الضار: تساعد الألياف على تقليل مستويات LDL، مما يحسن صحة القلب على المدى الطويل.
- دعم صحة الأمعاء: تعمل كغذاء للبكتيريا المفيدة في الأمعاء، ما يحسن الهضم ويقلل الالتهابات المزمنة.
ماذا يقول العلم؟
تشير الأبحاث العلمية إلى أن مكملات الألياف قد تسهم بالفعل في إنقاص الوزن، لكنها لا تمثل حلا سحريا أو بديلا عن نمط الحياة الصحي.
ففي مراجعة علمية واسعة نُشرت على قاعدة بيانات بب ميد (PubMed)، جرى تحليل نتائج 17 تجربة سريرية تناولت تأثير مكملات الألياف على إدارة الوزن. وأظهرت المراجعة أن النتائج كانت محدودة ومتفاوتة، إذ يعتمد تأثير هذه المكملات على نوع الألياف المستخدمة وخصائصها الفيزيائية.
وعلى سبيل المثال، بيّنت إحدى الدراسات أن تناول مكملات السيليوم (Psyllium) قبل الوجبات، ولمدة متوسطة تقارب 5 أشهر، قد يؤدي إلى انخفاض الوزن بنحو 2.1 كيلوغرام. كما سُجل تحسن في محيط الخصر ومؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. وتشير هذه النتائج إلى أن هذا النوع من الألياف قد يكون مفيدا، خاصة عند دمجه مع تعديلات غذائية أخرى.
كما أوضحت مراجعات علمية إضافية أن الألياف القابلة للذوبان تساعد على تعزيز الشعور بالشبع وتقليل استهلاك السعرات الحرارية اليومية، وقد يكون لها تأثير إيجابي على بعض مؤشرات التمثيل الغذائي، مثل مستويات السكر والإنسولين في الدم. ومع ذلك، تؤكد الدراسات أن الألياف وحدها لا تؤدي إلى فقدان كبير أو مستدام للوزن دون الالتزام بنظام غذائي متوازن وممارسة نشاط بدني منتظم.
وفي هذا السياق، يظل الحصول على الألياف من مصادرها الطبيعية خيارا أكثر فائدة مقارنة بالاعتماد على المكملات، إذ إن الألياف الموجودة في الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة تأتي مصحوبة بفيتامينات ومعادن ومركبات نباتية أخرى، مثل البوليفينولات، التي تلعب دورا مهما في دعم صحة القلب والدماغ. الألياف الطبيعية توفر حزمة غذائية كاملة، وليست مجرد عنصر واحد معزول.
مخاطر محتملة لمكملات الألياف
على الرغم من فوائدها، لا تخلو مكملات الألياف من بعض المخاطر والآثار الجانبية. إذ قد تسبب مشاكل هضمية مؤقتة مثل الغازات، الانتفاخ، أو الإسهال. لذلك ينصح بالبدء بتناولها بجرعات صغيرة وزيادتها تدريجيا لتجنب الانتفاخ والغازات. بالإضافة إلى شرب كمية كافية من الماء يوميا (6-8 أكواب على الأقل) لمساعدة الألياف على التحرك في الجهاز الهضمي.
كما أنها قد تتداخل مع بعض الأدوية وتقلل امتصاص أدوية معينة، لذا إذا كنت تتناول أدوية أمراض مزمنة، لا بد أن تستشير الطبيب قبل تناول مكملات الألياف.
كذلك فإن الاعتماد على المكملات وحدها قد يؤدي إلى الاستغناء عن النظام الغذائي الصحي الشامل، مما يقلل من الفوائد العامة للصحة.
من ناحية أخرى يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن مكملات الألياف تتمتع بقدر من الدعم العلمي، لكنها في الوقت ذاته ليست حلا سحريا، وتختلف نتائجها من شخص لآخر، كما أنها لن تؤدي إلى فقدان كبير أو مستدام في الوزن بدون اتباع نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي.
في الختام، يمكن لمكملات الألياف أن تكون أداة مساعدة في رحلة إنقاص الوزن، ولكنها ليست بديلا عن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام. استشر طبيبك قبل البدء في تناول أي مكمل غذائي، وتذكر أن الصحة الجيدة تتطلب جهدا مستمرا والتزاما بنمط حياة صحي.


