في قلب الأحداث، وبين جنبات الواجب الإنساني، سطعت قصة وفاء وإيثار من نوع فريد، تجسد أسمى معاني التضحية. قصة الرقيب أول مازن علي الخديدي، من منسوبي الدفاع المدني، الذي لم يتردد لحظة في التبرع بالكلى لزميله، وكيل الرقيب ضيف الله محمد القثامي، الذي عانى طويلًا من وطأة الفشل الكلوي. هذه المبادرة النبيلة لم تلقَ صدىً في أوساط زملائهما فحسب، بل حظيت بإشادة واسعة النطاق من المجتمع، مؤكدةً على القيم الأصيلة التي ما زالت تنير دروبنا.
قصة بطولة إنسانية: تبرع بالكلى يبعث الأمل
عانى وكيل الرقيب ضيف الله القثامي من الفشل الكلوي، مما استدعى البحث عن متبرع. وبينما كانت الأيام تمر بثقلها، لم يفقد زميله الرقيب أول مازن الخديدي الأمل، بل تحول هذا الأمل إلى تصميم راسخ على إنقاذ حياة صديقه. لم يكن هذا القرار مفاجئًا لمن يعرف الخديدي، فهو رجلٌ عرف عنه الوفاء والأخلاق الحميدة، ولكن الدافع الحقيقي كان أعمق من ذلك بكثير.
وعد الأب.. نقطة التحول
في حديثه لـ “عكاظ”، كشف الخديدي عن سر دفعه إلى هذا العمل الجليل. فقد كان هذا التبرع بالكلى وفاءً لوعد قطعه لوالده الراحل، راجيًا أن يُكتب له الأجر في هذه المبادرة النبيلة. يقول الخديدي: “أردت أن أوفي بوعدي لوالدي، رحمه الله، وأن أكون سببًا في سعادة شخص آخر.” هذا الوعد، الذي يحمل في طياته مشاعر الأبوة والحب، كان بمثابة نقطة تحول في مسيرة الخديدي نحو التبرع.
تحديات وتيسير.. رحلة نحو الصحة
لم تخلُ إجراءات التبرع بالأعضاء من بعض العقبات والتأخير في البداية. ولكن إصرار الخديدي لم يتزعزع، بل زاد قوة وعزيمة. وفي ليلة من الليالي، رأى الخديدي والده في المنام، يذكره بالوعد الذي قطعه له. هذه الرؤية كانت بمثابة دفعة معنوية هائلة، وزادت من تصميمه على إتمام التبرع.
“وينك عن ما وعدتني فيه؟” – رسالة من الأب
عبارة “وينك عن ما وعدتني فيه؟” التي سمعها الخديدي في منامه، لم تكن مجرد تذكير، بل كانت دعوة من الأب لنجلِه ليجسد قيم العطاء والإنسانية. هذه الرسالة ألهمت الخديدي، وجعلته أكثر تصميمًا على تخطي جميع الصعاب، حتى تيسرت الإجراءات وتمت العملية بنجاح، بفضل الله أولاً ثم جهود الفريق الطبي.
فرحة لا تضاهيها فرحة.. رؤية الزميل بصحة جيدة
بعد العملية الناجحة، لم يجد الخديدي كلمات تعبر عن سعادته برؤية زميله ضيف الله القثامي بين أسرته، ينعم بالصحة والعافية. يقول الخديدي: “رؤية ضيف الله اليوم أعادت إليّ شعورًا عميقًا، وكأنني أرى والدي حيًا أمامي.” هذه اللحظة كانت بمثابة تتويج لجهوده، وتأكيد على أن التبرع بالأعضاء هو أسمى ما يمكن أن يقدمه الإنسان لأخيه الإنسان.
الدفاع المدني.. نموذج للتكافل الاجتماعي
هذا الموقف الإنساني البطولي يُعد نموذجًا مشرفًا لقيم التكافل والتراحم التي يتميز بها منسوبو الدفاع المدني. فالدفاع المدني ليس مجرد جهاز مسؤول عن حماية الأرواح والممتلكات، بل هو أيضًا أسرة واحدة، تتشارك الأفراح والأحزان، وتسعى دائمًا لتقديم العون والمساعدة للمحتاجين.
رسالة مجتمعية.. نحو ثقافة العطاء
إن قصة الخديدي والقثامي هي رسالة ملهمة للمجتمع بأهمية التبرع بالأعضاء ونشر ثقافة العطاء والإنسانية. فالتبرع بالأعضاء هو عمل نبيل يمنح الأمل للمرضى الذين يعانون من الفشل العضوي، ويساهم في إنقاذ حياتهم. كما أنه يعزز قيم التكافل الاجتماعي والمسؤولية المشتركة، ويجعل مجتمعنا أكثر تلاحمًا وتراحمًا.
خاتمة: دعوة لتعزيز ثقافة التبرع
في الختام، نؤكد أن قصة الرقيب أول مازن الخديدي هي قصة بطولة إنسانية تستحق التقدير والإشادة. إن هذا العمل النبيل يذكرنا بأهمية القيم الإنسانية، ويدعونا إلى تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء، لنكون جميعًا جزءًا من هذا العمل الخيري الجليل. فلنتذكر دائمًا أن العطاء هو سر السعادة، وأن مساعدة الآخرين هي أسمى ما يمكن أن يفعله الإنسان في حياته. ندعوكم لمشاركة هذه القصة الملهمة، والتفكير في إمكانية التبرع بالأعضاء، لعلكم تكونوا سببًا في إنقاذ حياة شخص ما.



