خلال فصل الشتاء، يواجه سائقو السيارات الكهربائية تحديًا ملحوظًا يتعلق بانخفاض كفاءة شحن البطارية، خاصة عند الاعتماد على الشواحن السريعة. قد يبدو هذا الأمر مثيرًا للقلق، لكن فهم الأسباب و اتباع بعض النصائح البسيطة يمكن أن يساعد في تقليل هذا التأثير، وتوفير الوقت والمال، والحفاظ على أداء السيارة الأمثل خلال الأشهر الباردة. هذا المقال سيتناول بالتفصيل تأثير الطقس البارد على السيارات الكهربائية، الأسباب الكامنة وراء ذلك، وتقديم حلول عملية لتحسين كفاءة الشحن.
تأثير الطقس البارد على أداء السيارة الكهربائية
تشير الدراسات إلى أن الطقس البارد يؤثر بشكل كبير على أداء بطارية السيارة الكهربائية. تختلف نسبة هذا التأثير بناءً على الظروف الجوية المختلفة، لكن متوسط الانخفاض ملحوظ. وفقًا للرابطة الأمريكية للسيارات (AAA)، قد تفقد السيارة الكهربائية حوالي 12% من كفاءة الشحن عند درجة حرارة -6.5 مئوية. ولو أضفنا إلى ذلك استخدام نظام التدفئة بقوة، قد يصل هذا الانخفاض إلى 40%. كما كشفت اختبارات وزارة الطاقة الأمريكية أن كفاءة السيارات الكهربائية قد تنخفض بنسبة تصل إلى 39% في الطقس البارد. هذا يعني أن المسافة التي يمكنك قطعها بشحنة واحدة تقل بشكل ملحوظ.
أسباب انخفاض أداء بطارية السيارة الكهربائية في الشتاء
هناك عدة عوامل تتضافر لتسبب هذا الانخفاض في الأداء خلال فصل الشتاء:
انخفاض كفاءة البطارية وسرعة الشحن بسبب درجات الحرارة المنخفضة
لكل بطارية نطاق درجة حرارة مثالي للعمل، وعادة ما يكون هذا النطاق بين 20 و 40 درجة مئوية، وقد يختلف قليلًا حسب نوع السيارة وطراز البطارية. عندما تنخفض درجة حرارة الجو، تنخفض معها درجة حرارة البطارية، خاصة إذا كانت السيارة مركونة بالخارج أو في مرآب غير مدفأ.
عند بدء شحن البطارية وهي باردة، يتم تخصيص جزء من الطاقة الواردة من الشاحن لتدفئة البطارية أولاً لتحقيق درجة التشغيل الآمنة. هذه العملية تؤثر سلبًا على سرعة الشحن، وتزيد من الوقت اللازم لإعادة ملء البطارية. بالإضافة إلى ذلك، التفاعلات الكيميائية داخل البطارية تتباطأ في الطقس البارد، مما يقلل من قدرتها على استقبال وتخزين الطاقة بكفاءة.
زيادة استهلاك الطاقة نتيجة استخدام أنظمة السيارة المختلفة
في الطقس البارد، يزداد استخدام أنظمة السيارة المختلفة، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة. يعتبر نظام التدفئة من أكبر مستهلكي الطاقة في السيارة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، يكثر استخدام المساحات لإزالة الرذاذ والماء عن الزجاج، وتُشغل الإضاءة لفترات أطول بسبب قصر ساعات النهار، وكل هذه العوامل تساهم في استنزاف طاقة البطارية وتقليل مدى القيادة.
تأثير حالة الطرقات على استهلاك الطاقة
لا تقتصر المشكلة على درجة الحرارة فحسب، بل تلعب حالة الطريق دورًا أيضًا في تقليل كفاءة السيارة الكهربائية. الطرق المبتلة أو المغطاة بالثلوج أو الجليد تزيد من مقاومة الحركة. يؤدي ذلك إلى تفعيل أنظمة التحكم بالثبات والجر بشكل مستمر للحفاظ على تماسك السيارة، مما يتطلب جهدًا إضافيًا واستهلاكًا أكبر للطاقة. قد تصل هذه الزيادة في استهلاك الطاقة إلى 10% أو أكثر، خاصة في الظروف الجوية القاسية.
عوامل أخرى تؤثر على سرعة الشحن
ليس الطقس البارد وحده هو المسؤول عن بطء الشحن. قد يكون هناك عوامل أخرى تساهم في ذلك. على سبيل المثال، إذا كنت تستخدم نقطتي شحن في محطة واحدة، فقد يتم تقاسم طاقة الشحن بين السيارتين، مما يؤدي إلى انخفاض سرعة الشحن لكل منهما. كما أن بعض المحطات قد تعاني من انخفاض مؤقت في القدرة الكهربائية المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك، من الطبيعي أن تنخفض سرعة الشحن تدريجيًا مع اقتراب البطارية من الامتلاء الكامل (100%)، وذلك لحماية البطارية وإطالة عمرها الافتراضي. فالحفاظ على شحن البطارية بين 20% و 80% هو الأفضل لسلامة البطارية.
حلول لزيادة كفاءة الشحن في الطقس البارد
لحسن الحظ، هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها تحسين كفاءة شحن السيارة الكهربائية في الطقس البارد:
تسخين البطارية مسبقًا
توفر العديد من السيارات الكهربائية ميزة تسخين أو تهيئة البطارية قبل القيادة أو أثناء التوجه إلى محطات الشحن السريع. هذه الميزة ترفع درجة حرارة البطارية إلى المستوى الأمثل قبل بدء الشحن، مما يحسن الكفاءة ويقلل من الوقت المستغرق. تدعم هذه الميزة شركات مثل تسلا، بي إم دبليو، أودي، فولكسفاغن، بورشه، نيسان، رينو، فورد، هيونداي، كيا، جاغوار، شيفروليه، نيو، وغيرها. كما أن اختيار بطاريات ذات تقنية أكثر مقاومة للبرودة، مثل بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم (LFP)، يمكن أن يكون خيارًا جيدًا.
اختيار توقيت الشحن بعناية
إذا لم تتوفر خاصية التسخين المسبق، فمن الأفضل شحن السيارة بعد القيادة مباشرة، عندما تكون البطارية دافئة نسبيًا. يمكنك أيضًا الاستفادة من نظام الكبح المتجدد أو القيادة بهدوء لرفع درجة حرارة البطارية تدريجيًا.
ركن السيارة في مكان دافئ
حتى مجرد ركن السيارة في مرآب مغلق (غير مدفأ) يمكن أن يقلل من فقدان حرارة البطارية. يمكنك أيضًا استخدام غطاء للسيارة أو سخان منخفض الطاقة لرفع درجة الحرارة قليلًا، وقد يكون لذلك تأثير ملحوظ.
الانتباه لحالة الطريق وضغط الإطارات
تجنب القيادة على الطرق الزلقة أو المبتلة قدر الإمكان، لأن ذلك يزيد من استهلاك الطاقة. تأكد من فحص ضغط الإطارات بانتظام، حيث أن انخفاض الضغط يزيد من مقاومة الدوران ويقلل من الكفاءة.
تعديل أسلوب القيادة
القيادة بهدوء وتجنب التسارع والكبح المفاجئ يساعدان على توفير الطاقة. تجنب السرعات العالية، لأنها تزيد من مقاومة الهواء وتستهلك طاقة أكبر. يمكنك أيضًا تفعيل وضع “Eco” لتقليل استهلاك الطاقة تلقائيًا. استخدم تسخين المقاعد وعجلة القيادة بدلًا من نظام التدفئة المركزي لتوفير الطاقة. تجنب الشحن الكامل اليومي، والاكتفاء بنسبة 80% للاستخدام اليومي، مما يسرع الشحن ويحافظ على عمر البطارية.
باختصار، على الرغم من أن الطقس البارد يؤثر سلبًا على أداء السيارات الكهربائية، إلا أن هناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتقليل هذا التأثير. من خلال فهم الأسباب واتباع النصائح المذكورة أعلاه، يمكنك الاستمتاع بتجربة قيادة كهربائية سلسة وفعالة حتى في أبرد أيام الشتاء. لا تتردد في مشاركة هذه النصائح مع أصدقائك ومجتمع السيارات الكهربائية لتعزيز الوعي بأفضل الممارسات.


