بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في

أعاد متحف اللوفر فتح أبوابه أمام الزوار، صباح الأربعاء، للمرة الأولى منذ عملية السرقة التي نفذها أربعة لصوص الأحد.

ويبدو من الصعب أن تتجاوز فرنسا صدمتها بعد سرقة ثماني مجوهرات فريدة، فمع أن حوادث مماثلة تحدث في “أرقى المتاحف”، إلا أن خبراء يرون أن أمل استعادتها يتضاءل مع مرور الوقت، مرجحين أن يقوم اللصوص بتفكيكها وبيعها قطعة قطعة، حتى تصبح استعادتها كاملة شبه مستحيلة.

ومع أن أغلب الأحاديث حول قضية السرقة تدور حول قيمة المجوهرات الفاخرة، التي تقدر بـ102 مليون دولار أمريكي وفقًا للمدعية العامة في باريس، لور بيركو، المسؤولة عن التحقيق، أو حول الفشل الأمني الذي سمح لمجموعة من اللصوص بسرقة واحد من أهم المتاحف في وضح النهار، في عملية لم تتعدَّ مدتها أربع دقائق، يقول آخرون إن الشعب الفرنسي والعالم عليه أن يدرك أنه قد يكون أمام لحظة خسارة جزء من تاريخه الثقافي إلى الأبد.

فالقطع المسروقة، وهي عبارة عن عقد وأقراط من الزمرد، تاجان، دبوسان، عقد من الياقوت وأقراط مفردة، صحيح أنها قد تكون شهادة على فترة بلغت فيها صناعة المجوهرات في القرن التاسع عشر أوج جمالها، لكنها بالنسبة للملوك لم تكن مجرد زينة، بل كانت رمزًا سياسيًا لثراء فرنسا وسلطتها وأهميتها الثقافية، وكانت من بين الكنوز التي نجت من مزاد الحكومة عام 1887 لمعظم المجوهرات الملكية.

ففي كل الثقافات والإمبراطوريات، تُعد مجوهرات التاج رموزًا للتراث والفخر الوطني، وتُحفظ في أماكن مؤمنة، من برج لندن إلى القصر الإمبراطوري في طوكيو، كرموز مرئية للهوية الوطنية.

وبحسب الخبراء، من المرجح أن يتم تفكيك القطع المسروقة، وهي رموز ثقافية فرنسية قديمة، وبيعها بشكل عاجل كقطع فردية يصعب تتبعها كجزء من مجوهرات التاج الفرنسي. إذ يقول توبياس كورمند، المدير التنفيذي لشركة 77 Diamonds الأوروبية: “من غير المرجح جدًا أن تُسترد هذه المجوهرات وتُرى مرة أخرى. إذا تم تفكيك هذه الأحجار وبيعها، ستختفي فعليًا من التاريخ وتضيع عن العالم إلى الأبد.”

القطع المفقودة وأهميتها التاريخية

ومن بين القطع المفقودة: تاجان، أحدهما أهداه الإمبراطور نابليون الثالث للإمبراطورة يوجيني عام 1853 ويحتوي على أكثر من 200 لؤلؤة وحوالي 2,000 ماسة، والآخر تاج من الياقوت والماس المرصع بالنجوم، بالإضافة إلى عقد وأقراط مفردة كانت ترتديها الملكة ماري-أميلي، حسب السلطات الفرنسية.

كما سُرق عقد مرصع بعشرات الأحجار من الزمرد وأكثر من 1,000 ماسة كان هدية زفاف من نابليون بونابرت لزوجته الثانية، ماري لويز النمساوية، عام 1810، بالإضافة إلى الأقراط المطابقة، ودبوس reliquary، وفستان مرصع بالماس للإمبراطورة يوجيني.

ولذلك، فإن فقدان هذه المجوهرات لا يقتصر على قيمتها المالية، بل يمتد إلى ما تحمله من رمزية عاطفية ووطنية، إذ وصفها كثيرون بأنها ضربة قاسية للفخر الوطني الفرنسي. وقال النائب المحافظ ماكسيم ميشليه في البرلمان: “هذه تذكارات عائلية أُخذت من الفرنسيين. تاج الإمبراطورة يوجيني — سُرق ثم وُجد مكسورًا في المجاري — أصبح رمزًا لانحدار أمة كانت محل إعجاب.”

يُذكر أن هذه لم تكن أول سرقة في اللوفر، لكنها برزت لسرعتها وتخطيطها وامتلاكها طابعًا سينمائيًا، مستذكرة سرقة تاج ملكي في مسلسل “لوبين” التلفزيوني الفرنسي.

وعن ذلك قال كريستوفر مارينيلو، محامٍ في Art Recovery International: “هؤلاء المجرمون يبحثون فقط عن السرقة بأي طريقة. اختاروا هذه الغرفة لأنها قريبة من النافذة، واختاروا هذه المجوهرات لأنها يمكن تفكيكها وأخذ الأحجار الثمينة لبيعها لشخص ما في الخارج دون أن يعرف أحد.”

وأضاف خبير الفن الهولندي آرثر براند: “لا أحد سيقترب من هذه القطع. إنها مشهورة جدًا وخطرة. إذا قُبض عليك ستسجن. لا يمكنك بيعها، ولا تركها لأطفالك.”

وبحسب وزير الداخلية لوران نونيز، يشارك أكثر من 60 محقق شرطة في مطاردة الأربعة المشتبه بهم. وأضاف أن اللصوص انقسموا إلى زوجين، واستعمل اثنان شاحنة مزودة برافعة لتسلق القاعة، وأظهرت الصور أن سلم المعدات يصل إلى الطابق فوق مستوى الشارع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version