بقلم:&nbspClara Nabaa&nbsp&&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

أدى التغير المناخي السريع إلى إعادة تقليص المساحات المغطاة بالجليد البحري الدائم، فيما تسببت تحركات التيارات البحرية بانسداد العديد من القنوات التي تفصل الجزر الشمالية. وفي مواجهة هذه التحولات، تبني كندا أسطولًا جديدًا من السفن القادرة على اختراق الجليد، بعد أن كانت تلك المياه سابقًا عصيّة على الملاحة.

لكن كندا ليست وحدها في هذا السباق، مع احتمال فتح ممرات شحن جديدة والوصول إلى معادن استراتيجية في عمق القطب، تسارع الولايات المتحدة وروسيا والصين أيضًا لتطوير أساطيل من كاسحات الجليد، في مشهد يعيد إلى الأذهان ديناميات سباق التسلّح لكن بطابع بيئي واقتصادي.

مشروع استراتيجي بعد عقود من التعثر

في أحواض شركة “سيسبان” شمال فانكوفر، المحاطة بالمحيط والجبال، بدأت عملية بناء سفينة “أرباتووك”، التي ستبلغ 520 قدمًا، والمعدة للعمل في درجات حرارة تصل إلى -50 درجة مئوية. من المتوقع أن يستغرق المشروع خمس سنوات على الأقل، بتكلفة تبلغ 3.15 مليار دولار كندي (2.32 مليار دولار أمريكي).

وستكون “أرباتووك”، وهي من فئة كاسحات الجليد من الدرجة الثانية، قادرة على الإبحار طوال العام وفتح ممرات في جليد يصل ارتفاعه إلى عشرة أقدام.

وتعوّل كندا على هذا المشروع كحجر أساس لاستراتيجية وطنية جديدة لبناء السفن، تهدف إلى ترسيخ وجودها القطبي، ومعالجة إرث من التأخيرات البيروقراطية والوعود غير المنجزة. ويقول الخبراء إن بناء كاسحات الجليد لا يحتمل الخطأ، فهذه السفن تُبنى للعمل في أكثر البيئات عدائية على وجه الأرض.

إلى جانب “أرباتووك”، كلّفت الحكومة الكندية أيضًا أحواض “دافي” في كيبيك ببناء كاسحة جليد ثانية. وعام 2024، اشترت “دافي” حوض بناء سفن في هلسنكي، وتبعته في منتصف حزيران/ يونيو بصفقة لشراء حوض في الولايات المتحدة، في خطوة تهدف للالتفاف على تشريعات أمريكية تقيد تصنيع السفن لدى جهات أجنبية.

سباق الهيمنة القطبية

في الداخل الكندي، شكّلت مسألة العجز عن بناء سفن جليدية جديدة مصدرًا دائمًا للإحراج، لكن اتفاقًا ثلاثيًا جديدًا، أُطلق تحت اسم “ميثاق الجليد”، يجمع كندا وفنلندا والولايات المتحدة، يطمح إلى تغيير قواعد اللعبة.

فنلندا، التي سبق لها أن بنت 80% من السفن القادرة على الإبحار في المياه الجليدية عالميًا، ستشارك في تصنيع ما يصل إلى 90 كاسحة جليد خلال السنوات المقبلة بالتعاون مع كندا وأمريكا، وفق ما أُعلن عنه خلال قمة الناتو في واشنطن. وتأمل كل من “سيسبان” و”دافي” بأن تفتح الشراكة الباب أمام توريد كاسحات جليد إلى خفر السواحل الأمريكي.

في المقابل، تُظهر الأرقام أن روسيا تمتلك نحو 50 كاسحة جليد، أكثر من اثنتي عشرة منها صالحة للعمل في أقسى الظروف المناخية، فيما تشير التقديرات إلى أن الصين تملك أربع سفن معدّة لجليد القطب.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد عبّر عن رغبته في امتلاك ما يصل إلى 40 كاسحة جليد، ويرى خبراء الشحن أن اهتمام الرئيس بهذا النوع من السفن يعكس الطموح الكبير في سوق تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، إذ إن فتح الممر الشمالي الغربي لفترات أطول من السنة سيقلّص زمن الشحن بين أوروبا وآسيا بأسابيع، ما يجعل الجليد مادة صراع لا تقل صلابة عن الحديد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version