بقلم:&nbspAli Hamdan&nbsp&&nbspيورونيوز

نشرت في

اعلان

في قلب التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران، تتكرر الاستهدافات الإيرانية لمدينة حيفا، المدينة الساحلية، لتكشف عن مركز ثقل حيوي في البنية الاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية. لم تأتِ ضربات طهران نحو حيفا عبثًا، بل تعكس فهمًا دقيقًا لموقعها الحساس في المنظومة الأمنية والاقتصادية للدولة العبرية ، خصوصًا في ظل التهديدات المتزايدة من أطراف إقليمية متعددة، بينها جماعة “أنصار الله” في اليمن.

بوابة اقتصادية محورية

يشكّل ميناء حيفا أحد أكبر موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط، ومحورًا رئيسيًا في النشاط التجاري الإسرائيلي. يمر عبره الجزء الأكبر من الواردات والصادرات، إذ يرتبط بشبكات نقل متقدمة من سكك حديد وطرق سريعة تصل الميناء بمراكز الاستهلاك والإنتاج داخل إسرائيل، مما يجعله شريانًا اقتصاديًا لا غنى عنه. كما أن خصخصة الميناء في عام 2023 لصالح مجموعة هندية-إسرائيلية بقيمة 1.15 مليار دولار، تُبرز اهتمام الدولة العبرية بتحويله إلى منصة عالمية في التجارة والملاحة.

ميناء مزدوج الوظيفة: مدني وعسكري

لا تقتصر أهمية حيفا على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد إلى الأبعاد العسكرية والأمنية. فالميناء يحتضن قواعد بحرية تُستخدم كمقرات للأسطول البحري الإسرائيلي، بما في ذلك الغواصات والبوارج الحربية. ويُعدّ موقعه الطبيعي المحمي تحت جبل الكرمل ميزة إستراتيجية تقلّل من تأثير الأحوال الجوية وتوفّر غطاءً طبيعياً من الرصد والاستهداف.

وتقع بالقرب من الميناء قاعدة “ستيلا ماريس”، وهي نقطة مراقبة بحرية استراتيجية تتيح لإسرائيل مراقبة النشاط البحري في شرق المتوسط، كما تشكّل جزءًا من منظومة الرصد المبكر.

الصناعات البتروكيماوية والطاقة

تُعرف منطقة خليج حيفا بتركيزها الكثيف للصناعات البتروكيماوية الثقيلة، إذ تضم مجمعات لتكرير النفط الخام ومصانع لإنتاج المواد الكيميائية والبلاستيك والأسمدة. ويُعدّ هذا التركيز الصناعي جزءًا من أمن الطاقة الإسرائيلي، وركيزة رئيسية في تصدير المنتجات البترولية إلى الخارج. لكن هذا التمركز يجعل المدينة عرضة لمخاطر بيئية وأمنية في حال استهداف تلك المنشآت، كما أنه يزيد من فداحة أي هجوم ناجح على المنطقة.

محور الصناعات الدفاعية والتقنية

إلى جانب الاقتصاد والطاقة، تُعد حيفا مركزًا متقدمًا للصناعات العسكرية والتكنولوجية. وتحتضن مقرات وشركات كبرى مثل:

– شركة رافائيل للأنظمة الدفاعية المتقدمة، المسؤولة عن تطوير أنظمة صاروخية ودفاعية، مثل أجزاء من منظومة “القبة الحديدية” وأنظمة توجيه متقدمة.

– إلبيت سيستمز، التي تمتلك أقسامًا ومرافق إنتاج في حيفا، وهي من رواد الصناعات الدفاعية في مجال الطائرات بدون طيار، والأنظمة الجوية، والحرب الإلكترونية.

– شركة الصناعات البحرية الإسرائيلية، ومقرها في الميناء، تعمل على إنتاج وصيانة السفن الحربية، ما يعزز من البعد البحري العسكري لحيفا.

موقع إستراتيجي على خطوط التنافس الدولي

حيفا ليست فقط مركزًا إسرائيليًا داخليًا، بل أصبحت جزءًا من مشاريع تجارية وجيوسياسية عالمية، منها “ممر الهند – الشرق الأوسط – أوروبا”، الذي يُنظر إليه كمنافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية. فموقعها الجغرافي عند تقاطع طرق التجارة بين آسيا وأوروبا، يضفي عليها أهمية دولية متزايدة في منظومة النقل البحري والطاقة العالمية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version