بقلم:&nbspيورونيوز

نشرت في
آخر تحديث

اعلان

في مثل هذا اليوم من أيام أيلول، اغتالت إسرائيل حسن عبد الكريم نصر الله، أمين عام حزب الله، والقائد الأبرز في مسيرة التنظيم، والأيقونة الشعبية في نظر مؤيديه، وعدوّها اللدود الذي قارعها لأكثر من 30 عامًا. أكثر من 80 طنٍّ من المتفجرات، ألقتها مقاتلات إسرائيلية على قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، في مشهد أعاد للبنانيين ذكرى انفجار المرفأ في 4 آب/أغسطس 2020، حيث تلوّنت السماء بدخان برتقالي بفعل حمرة الشمس التي كانت تشارف على المغيب، ليكون ذلك الحدث إيذانا ببداية صفحة جديدة في تاريخ التنظيم المسلّح.

هول الانفجار وشدته كانا كفيلين ليعلم اللبنانيون حينها أن المستهدف لم يكن شخصية عادية في صفوف الحزب، ليعود اسم نصر الله ويتردّد بكثافة، ويؤكَّد هذا الحدس بعد دقائق مع إعلان الدولة العبرية أنها وقعت “على صيد ثمين”.

في ذلك الوقت، شهد الفضاء الإلكتروني حملة كثيفة من المعلومات التي بدت متضاربة حينًا ومتسقة أحيانًا: هل قُتل نصر الله فعلًا أم لم يُقتل؟

غموض حزب الله آنذاك، وحذر الإعلام الإسرائيلي في تداول الأخبار وتأكيدها، ثم تضارب المعلومات بين الإعلاميين المقربين من الحزب بشأن مقتله، كان كفيلًا برسم عشرات السيناريوهات.. فشل إسرائيل في العملية كان سيكون وصمة عار لكن نجاحها سيكون مزلزلًا.. إلا أن كل ذلك انتهى مع تأكيد حزب الله في اليوم التالي مقتل أمينه العام بخبر عاجل بثّ على شاشات التلفزة.

ورغم مرور عام على الاغتيال، لا تزال بيئة حزب الله تعيش صدمة عاطفية ونفسية يبدو من الصعب تجاوزها، فضلًا عن بروز خلل في الأداء العسكري للتنظيم في الحرب الأخيرة، وفي موقع الحزب نفسه كفاعل أساسي فيما يُعرف بـ”المحور”، ناهيك عن فجوة في الخطاب الجماهيري كان من الصعب ملؤها، رغم تولّي نائبه نعيم قاسم المنصب. وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه متفاخرًا بالقول: “بعض الأشخاص يصعب استبدالهم، ونصر الله واحد منهم”.

زعيم حزب الليكود تحدّث عن عملية اغتيال نصر الله في أكثر من موقع بوصفها أحد أهم إنجازاته الشخصية. فقد أكّد أن الخطوة جاءت فردية، بينما كان وقتها في طريقه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة موضحا أن حكومته “قررت عدم إبلاغ الأميركيين بنيتها استهداف نصر الله إلا عندما كانت الطائرات الحربية في الجو”.

وكان نتنياهو قد شرح سابقًا أن اغتيال نصر الله بات ضرورة، إذ قال إن إسرائيل تمكنت خلال الأسابيع الأولى من عملية “سهام الشمال” من اغتيال الكثير من القادة العسكريين لحزب الله، “لكن بقي شخص واحد، وهو الذي يدير الحرب بشكل مستقل وجيد جدًّا في الحقيقة، وكان هذا الشخص هو نصر الله نفسه”.

وتابع نتنياهو أنه “كان يعرف مكان وجود نصر الله”، إلا أن السؤال الذهبي كان: “هل نستهدفه أم لا؟” وقد دارت حول هذا الخصوص عدة نقاشات، اختلفت القيادة العسكرية والسياسية بشأنها، إذ كان يُمكن لاغتياله، وهو “الرجل الثاني في المحور وثاني أكبر قائد شيعي ذي شعبية، والابن المحبوب لخامنئي”، أن يترتب عليه تبعات كبرى.

لذلك كان النقاش حساسًا، وفقًا لنتنياهو، وكان من الضروري معرفة ما سيترتب على مثل هذه العملية: “هل كانت ستشعل هذه الخطوة حربًا؟ وهل ستُدخل حزب الله في الحرب؟ كان ذلك سؤالًا مشروعًا”.

غير أن تقريرًا “مكوَّنًا من 80 صفحة” قرأه رئيس الوزراء الإسرائيلي أعطاه الإجابات التي كان يبحث عنها، وجعله يحسم أموره… كان على نصر الله أن يرحل.

وعن ذلك يقول نتنياهو: “لقد كنت معجبًا على وجه التحديد بأنه لم يكن فقط قائدًا مقتدرًا، بل لأن علاقته مع إيران كانت مختلفة عما كنت أعتقده: لقد تلاعب بإيران أكثر مما تلاعبت هي به، وأثّر فيها أكثر مما أثّرت به. وعندما قرأت التقرير، توصّلت إلى قناعة بأنه محور المحور، وإذا قمنا بتحييده سينكسر هذا المحور”.

وكانت إسرائيل قد اغتالت نصر الله في 27 سبتمبر/أيلول من عام 2024، ثم أتبعت ذلك باغتيال خليفته هاشم صفي الدين وعدد من قادة الحزب. واليوم، يحيي الحزب ذكرى اغتيال أمينه العام بفعاليات شعبية وجماهيرية ضخمة، يتخللها إلقاء كلمة لخليفته نعيم قاسم.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version