بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن شرطة لندن نفّذت الشهر الماضي سلسلة مداهمات واسعة طالت عشرات المحال المتخصصة في بيع الهواتف المستعملة، في خطوة تهدف إلى تفكيك شبكات إجرامية منظمة متورطة في سرقة الهواتف الذكية، التي بلغت مستويات قياسية في العاصمة البريطانية.
ووفقًا للتقرير، جاءت الحملة ردًّا على ارتفاع غير مسبوق في جرائم سرقة الهواتف، إذ سجّلت الشرطة 80 ألف حالة خلال عام 2024، مقارنة بـ64 ألف حالة في 2023، ما جعل لندن تُوصف بـ”عاصمة أوروبا لسرقة الهواتف”. وشكّلت هذه الجرائم نحو 70% من مجمل السرقات في المدينة العام الماضي.
وأسفرت المداهمات، التي استمرت أسبوعين وشملت مناطق متفرقة من لندن، عن ضبط نحو 2000 هاتف مسروق و200 ألف جنيه إسترليني (266 ألف دولار أميركي) نقدًا، بالإضافة إلى وثائق تجارية مرتبطة بعمليات شراء وبيع مشبوهة.
شبكة إجرامية عالمية تدير تهريب الهواتف
أشارت “نيويورك تايمز” إلى أن التحقيقات كشفت عن شبكة إجرامية ثلاثية المستويات: في قاعدتها لصوص يستخدمون دراجات كهربائية وأقنعة لانتزاع الهواتف من الضحايا؛ وفي وسطها وسطاء يشترون الأجهزة من اللصوص عبر محال بيع الهواتف المستعملة؛ وفي قمتها مصدّرون يرسلون الشحنات إلى الصين والجزائر، حيث لا تُفعّل شركات الاتصالات القوائم السوداء الدولية للأجهزة المسروقة، ما يسمح باستخدامها دون عوائق.
اختراق ديسمبر 2024 شكّل نقطة تحول
كان اختراق أمني في ديسمبر 2024 قد غيّر مسار التحقيق، حين قادت إشارة تتبّع من هاتف آيفون مسروق الشرطة إلى مستودع قرب مطار هيثرو، عُثر فيه على نحو 1000 جهاز مخبّأ داخل صناديق كُتب عليها “بطاريات” ومعدة للشحن إلى هونغ كونغ. وبناءً على ذلك، عيّنت شرطة لندن فريقًا متخصصًا من محققي مكافحة الجريمة المنظمة — عادةً ما يعملون في قضايا المخدرات والأسلحة — لقيادة التحقيق.
اعتقال قياديين مشتبه بهما والعثور على رقائق ألمنيوم
في 23 أيلول/سبتمبر، اعتُقل رجلان في الثلاثينات من عمرهما يُشتبه بأنهما يقودان الشبكة، بعد أن عُثر في سيارتهما على هواتف ملفوفة برقائق ألمنيوم لإحباط إشارات التتبّع. وذكرت الشرطة أنها رصدت شراء أحدهما ما يعادل ميلًا ونصف الميل من رقائق الألمنيوم من متجر “كوسكو”.
أدوات الجريمة الأساسية
وبحسب الصحيفة، تُعدّ الدراجات الكهربائية، التي دخلت الخدمة في لندن عام 2018، وسيلة الهروب المفضلة للّصوص، نظرًا لسرعتها وقدرتها على التنقّل في الأزقة والطرقات الضيقة. وغالبًا ما يرتدي المهاجمون أقنعة (بَلاَقِع) وقبعات لتجنّب التعرف عليهم، ويصعدون الأرصفة لانتزاع الهواتف من أيدي الضحايا بسرعة عالية.
وقال الرقيب مات تشانتري، أحد قادة العمليات الأمنية: “محاولة مطاردة هؤلاء في شوارع لندن المزدحمة تنطوي على مخاطر كبيرة، وقد لا تستحق المجازفة بحياة شخص من أجل هاتف محمول”.
استرداد 4000 هاتف مسروق منذ ديسمبر
حتى الآن، استعادت الشرطة نحو 4000 هاتف مسروق، معظمها من نوع “آيفون”، وتخزّنها في مستودع بمنطقة بوتني جنوب غرب لندن، في انتظار تسليمها لأصحابها.
وتشير التقديرات إلى أن الشبكة المشبوهة أرسلت ما يصل إلى 40 ألف هاتف مسروق إلى الخارج منذ بداية نشاطها.
التقشف وغياب الردع
ويرى خبراء أن تفشي الجريمة يعود جزئيًّا إلى خفض ميزانيات الشرطة خلال عقد التقشف في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ما دفع القوة الأمنية إلى إهمال الجرائم “البسيطة” مثل سرقة الهواتف.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو 106 آلاف هاتف أُبلغ عن سرقتها بين آذار/مارس 2024 وشباط/فبراير 2025، لكن أقل من 500 شخص فقط وُجهت إليهم تهم أو تحذيرات.
وقال القائد أندرو فيذرستون، المسؤول عن جهود مكافحة سرقة الهواتف: “هذه الجريمة مربحة جدًّا وأقل خطورة من الاتجار بالمخدرات”، موضحًا أن اللص يمكنه جني 300 جنيه إسترليني (نحو 400 دولار) من كل هاتف — أكثر من ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور اليومية في بريطانيا.