بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
رفع عدد من المواطنين الأمريكيين، من بينهم ضحايا لهجمات نسبت إلى حركتي حماس وحزب الله وأقارب لقتلى ومصابين، دعوى قضائية ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط (الأونروا)، اتهموها فيها بـ”المساهمة في دعم وتمكين جماعات إرهابية”، وذلك في خطوة قانونية تُعدّ تطوراً مهماً في الجدل المحيط بدور الوكالة الإنسانية.
وجرى تقديم الدعوى يوم الخميس أمام محكمة اتحادية في واشنطن العاصمة، استناداً إلى قرار صادر عن مكتب وزارة العدل الأمريكية في أبريل 2025، ألغى ما كان يُفترض أن تتمتع به الأونروا من حصانة قضائية في المحاكم الأمريكية.
ووفق ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز”، يُعدّ هذا التحوّل موقفاً معاكساً لما كانت عليه الإدارة الأمريكية في سبتمبر 2024، حين أعلنت أن الوكالة تتمتع بحصانة بموجب اتفاقيات دولية، قبل أن تعيد الوزارة تقييم موقفها وتُصدر توجيهاً جديداً يُخلّص بأن “الهيئات الفرعية” التابعة للأمم المتحدة، ومنها الأونروا، لا تُعتبر كيانات معفاة من الملاحقة القضائية.
ووفق نص الشكوى، فإن الأونروا انتهكت القوانين الأمريكية المتعلقة بمكافحة الإرهاب من خلال “تقديم دعم مادي ولوجستي مباشر وغير مباشر” لحركتي حماس وحزب الله، اللذين تصنّفهما الولايات المتحدة منظمتين إرهابيتي. كما تتهم الدعوى “أونروا الولايات المتحدة”، وهي منظمة غير ربحية مكلفة بجمع التبرعات لحساب الوكالة، بالمشاركة في هذه الأنشطة عبر جمع تبرعات تُستخدم – بحسب الادعاء – لتمويل جهات متورطة في أنشطة إرهابية.
وتشير الدعوى إلى أن الوكالة، بدلاً من أن تكون أداة لتعزيز السلام والاندماج، فإنها “تشجع بشكل منهجي على خطاب كاره لإسرائيل وكاره للسامية” من خلال مناهجها التعليمية وأنشطتها المؤسسية، وتُسهّل بقاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي مفتوحاً عبر الحفاظ على تعريف مُوسّع لللاجئ الفلسطيني، يُورّث الصفة من جيل إلى جيل – وهو ما تنتقده إسرائيل منذ عقود.
ومن بين المدّعين نوريت كوبر، التي اختطفت خلال الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023، وعُرف لاحقاً أن زوجها عميرام قُتل في غزة. كما ضمّت الدعوى عائلات ضحايا مهرجان “نوفا” الموسيقي، إضافة إلى أشخاص شهدوا مقتل ذويهم في الهجمات، وآخرين تعرضوا لإصابات جسدية ونفسية. ويشمل المدّعون أيضاً عائلات ضحايا هجمات سابقة، من بينها قضية آري فولد، الذي تعرض للطعن حتى الموت عام 2018 في مركز تجاري بالضفة الغربية ، إلى جانب أشخاص تضرروا من هجمات نفذها حزب الله عبر الحدود مع لبنان.
وتُجرى حالياً دعوى قضائية موازية في محكمة اتحادية في مانهاتن، رُفعت العام الماضي من عائلات أكثر من 100 من ضحايا هجوم 7 أكتوبر، وتسعى هي الأخرى إلى تحميل الأونروا جزءاً من المسؤولية عن ما وصفه المدّعون بـ”بيئة تمكينية” لجماعات مسلحة.
وتأتي هذه الدعاوى في ظل تصاعد التوتر حول دور الأونروا، خاصة بعد كشفت إسرائيل عن أدلة – قدمتها إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي – تفيد بمشاركة بعض موظفي الوكالة في الهجوم الدامي، وتخزين أسلحة في مدارس تابعة للوكالة، واستخدام أنفاق تحت بنايات مدنية تُدار من قبل الأونروا. ونتيجة لذلك، أقرّ الكنيست الإسرائيلي في نوفمبر 2024 قانوناً يحظر أنشطة الوكالة على الأراضي الإسرائيلية، بدعم واسع من أطياف سياسية متعددة.
من جهتها، نفت الأونروا مراراً التهم الموجهة إليها، مؤكدة أن التحقيق جارٍ في كل حالة يُشتبه فيها، وأن تسعة من موظفيها في قطاع غزة تم فصلهم بعد اتهامات بالتورط في الهجوم.
وأشارت إلى أن العمل الإنساني في مناطق تحت سيطرة جماعات مسلحة مثل حماس، التي تدير غزة منذ 2007، يستدعي تفاعلاً لا يعني بالضرورة تعاوناً سياسياً أو أمنياً.
وتشير الأونروا إلى أنها تقدم خدمات إنسانية حيوية لنحو 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين في قطاع غزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان، وسوريا، وتُعدّ الوكالة الوحيدة في منظومة الأمم المتحدة المخصصة لمجموعة لاجئين واحدة. ويدافع مؤيدو الوكالة عنها باعتبارها “عملاً إنسانياً ضرورياً” في منطقة تعاني من عدم الاستقرار، وتحتاج إلى حلول سياسية جذرية.
لكن المدّعين في الدعوى الأمريكية يرون أن استمرار الدعم المالي والسياسي للوكالة دون مساءلة يُعدّ “تغاضياً عن تمدد تأثير جماعات متطرفة”. ويطالبون بتعويضات مالية غير محددة، تشمل تعويضات جزائية وردعية، بهدف “فرض مسؤولية قانونية على كيانات تُستخدم كغطاء لتمكين الإرهاب”.
وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تردّ الأونروا ولا فرعها الأمريكي على طلبات التعليق المتكررة. كما لم يُعرف موقف محامي المدّعين من التصريحات الإعلامية. وتُنتظر خطوات قانونية تالية في كلا الدعويتين، بينما يُرجّح مراقبون أن القرار الأمريكي بشأن الحصانة قد يفتح الباب أمام مزيد من القضايا المدنية، بل وقد يمهد لفرض عقوبات اقتصادية على الوكالة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية.