في ختام فعاليات الدورة الـ36 من أيام قرطاج السينمائية، تألقت السينما العربية والفلسطينية بشكل خاص، محققةً إنجازات كبيرة ومؤكدةً مجددًا قدرتها على إيصال أصواتها وقضاياها إلى العالم. وتصدر فيلم “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية قائمة الفائزين بجوائز مرموقة، ليزداد تألقه بعد إدراجه في القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار لأفضل فيلم دولي. هذا النجاح يعكس قوة أيام قرطاج السينمائية كمنصة حيوية لدعم وإبراز الإبداعات السينمائية المتميزة.

تكريم الفيلم التونسي “صوت هند رجب” والسينما الفلسطينية

حصل الفيلم التونسي “صوت هند رجب” على جائزة شرفية من لجنة التحكيم، تقديرًا لرسالته الإنسانية العميقة وقدرته على تصوير الواقع المأساوي في غزة. يروي الفيلم قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي استشهدت خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في قالب سينمائي يمزج بين الوثائقي والروائي ليلامس وجدان المشاهدين.

ولم يقتصر التكريم على الفيلم نفسه، بل امتد ليشمل الممثلة سجى كيلاني التي فازت بجائزة أفضل أداء نسائي عن دورها المؤثر في الفيلم. “صوت هند رجب” كان قد حصد سابقًا جائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية السينمائي، مما يؤكد مكانته كعمل سينمائي استثنائي.

جوائز الأفلام القصيرة: تنوع وإبداع

شهدت مسابقة الأفلام القصيرة منافسة قوية، حيث اختارت لجنة التحكيم مجموعة من الأفلام المتميزة لنيل الجوائز. فيلم “مهدد بالانقراض” للمخرج الفلسطيني سعيد زاغة حاز على التانيت الفضي، بينما ذهبت التانيت البرونزي للفيلم اللبناني “عم تسبح” للمخرجة ليليان رحال.

إضافة إلى ذلك، نال الفيلم التونسي “العصافير لا تهاجر” إخراج رامي جربوعي تنويها خاصا من لجنة التحكيم، وذهبت جائزة لجنة التحكيم للفيلم السنغالي “قهوة”. وتُوّج الفيلم المصري “مشاكل داخلية 32 ب” إخراج محمد طاهر بالتانيت الذهبي كأفضل فيلم قصير، مما يبرز التنوع الإبداعي في هذه المسابقة.

الأفلام الروائية الطويلة: تألق مصري وأردني

في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، تصدر الفيلم المصري “القصص” للمخرج أبو بكر شوقي القائمة الفائزة، محققًا التانيت الذهبي. بينما فاز الفيلم الأردني “غرق” إخراج زين دريعي بالتانيت البرونزي، وحصد الفيلم النيجيري “ظل أبي” إخراج أكينولا ديفيز التانيت الفضي. هذه الجوائز تعكس جودة الإنتاج السينمائي العربي والأفريقي وقدرته على المنافسة على المستوى الدولي.

الجوائز الخاصة تعزز الحضور العربي

لم تتوقف المكافآت عند هذا الحد، حيث شهدت الدورة حضورًا قويًا للأفلام العربية في الجوائز الخاصة. الفيلم التونسي “وين ياخذنا الريح” فاز بجائزة الجمهور وأفضل سيناريو، بينما حصد الفيلم السعودي “هجرة” جائزتي أفضل تصوير وأفضل ممثل للنجم نواف الظفيري. الفيلم المصري “كولونيا” للمخرج محمد صيام حصل على جائزة أفضل ديكور، مما يؤكد التميز العربي في مختلف جوانب الإنتاج السينمائي.

كما نالت المخرجة السودانية سوزانا ميرغني جائزة أفضل عمل أول عن فيلمها “ملكة القطن”، في حين منحت لجنة التحكيم تنويها خاصا للفيلم المصري “البحث عن عباس صابر” للمخرجة دينا حسن أبو العلا. هذه الجوائز تشجع على ظهور مواهب جديدة في عالم السينما العربية.

الوثائقيات: أصوات من أرض الواقع

في فئة الأفلام الوثائقية، تألق الفيلم العراقي “الأسود على نهر دجلة” للمخرج زردشت أحمد، محققًا التانيت الفضي. فيما نال الفيلم التونسي “فوق التل” إخراج بلحسن حندوس التانيت البرونزي، وحصل الفيلم “زريعتنا” للمخرج أنيس الأسود على إشادة خاصة.

التانيت الذهبي في فئة الوثائقيات ذهب للفيلم السنغالي “تعلق”، بينما فاز الفيلم التشادي “ديا” بجائزة أفضل موسيقى تصويرية ومونتاج. فيلم “ظل أبي” النيجيري حصل أيضًا على جائزة “الطاهر شريعة” للعمل الطويل الأول.

افتتاحية مؤثرة ورسالة واضحة في أيام قرطاج السينمائية

افتتحت الدورة الـ36 من أيام قرطاج السينمائية بفيلم فلسطيني بعنوان “فلسطين 36” للمخرجة آن ماري جاسر، الذي يسرد وقائع الثورة الفلسطينية ضد الحكم البريطاني. وعبرت جاسر عن فخرها باختيار فيلمها لافتتاح المهرجان، معتبرة ذلك تكريمًا لفريق العمل بأكمله، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي أُنجز فيها التصوير أثناء الحرب على غزة.

على مدار أسبوع، عرض المهرجان 165 فيلمًا من 23 دولة، ضمن مسابقات رسمية وأقسام موازية وبرامج احتفالية. وقد استمر المهرجان في دوره كمنصة هامة لصناعة السينما وتكريم رموزها، مع التركيز بشكل ملحوظ على القضية الفلسطينية في العديد من العروض والجوائز. مهرجان قرطاج السينمائي دائماً ما يمثل مساحة حيوية للتعبير عن القضايا العربية والإفريقية من خلال فن السينما.

في الختام، يمكن القول إن الدورة الـ36 من أيام قرطاج السينمائية كانت ناجحة بكل المقاييس، حيث سلطت الضوء على أفلام متميزة من مختلف أنحاء العالم، وأكدت أهمية السينما كأداة للتغيير الإيجابي ولإيصال صوت الإنسان أينما كان. ونتطلع بشوق إلى الدورة القادمة وما ستحمله من إبداعات سينمائية جديدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version