«معنى الحياة»
هو لا يطلب من الدنيا سوى طيفها
ففي عينيها تتبخر أسئلته،
ويصير الكون خفيفاً كابتسامتها.
وكأن الزمن بكل ثقله يتهاوى
حين تضع رأسها على كتفه
فينساب صمتها في عروقه
كأنغامٍ لا تُسمع لكنها تُشعِره بالطمأنينة.
هو لا يفتّش عن معنى الحياة في كتب الفلاسفة..
ولا بين جدران المتاحف الباردة
بل في دفء يدٍ تلتقط يده
وفي ضحكة تتسرب إليه كخيط شمس دافئ،
وفي سكون يجعل قلبه واسعاً كسماء صافية
سعادته ليست صخباً ولا نشوة عابرة،
إنها الاطمئنان العميق
الذي يسكُنه كلما أدرك أنها تقف بجانبه
كأنهما معا يُعيدان تعريف الكلمات.
هي ليست محبوبته فقط،
بل المرآة التي تكشف له ما ينقصه
والملاذ الذي يحوّل الوحشة إلى حضنٍ مطمئن.
كأنها البرهان الذي لم يجده الحكماء
ووجدته روحه أخيراً.
«ندم»
تركها ومضى لغيرها يظن أن القلوب تتشابه،
فاكتشف متأخراً أن الوفاء لا يُستبدل
كلما ابتسمت الأخرى، تذكّر ضحكتها،
وكلما أمسكت يده
عاد قلبه يبحث عن الدفء القديم
ندمٌ ثقيل يسكنه،
وأمنية يتيمة:
لو يعود الزمن ليختارها من جديد
كأنّه عبر جسراً من سراب،
ظنّ أن الضفة الأخرى تحمل ضوءاً أصفى،
لكنّه حين وصل، وجد العتمة تسكن العيون
كان يسمع صدى صوتها في صمت الآخرين،
ويشمّ عطرها يتسرّب من أعماق الذاكرة،
كأنّ الزمان نفسه يفتح له الجراح ليذكّره بغدره..
الوقت مضى…
والحياة مضت معه في اتجاهٍ آخر،
لكن قلبه ظلّ معلّقاً هناك حيث الذكريات
وهكذا، يعيش يقتات من رماد ماضٍ لن يعود، كبحّارٍ ضلّ طريقه،
يسير على شواطئ غريبة،
لكن عينيه لا تكفّان عن النظر
نحو الموج البعيد،
حيث ترك قلبه يغرق
بثقل خيانةٍ لم يغفرها لنفسه أبداً
«فراق»
تفرّقا ذات مساءٍ ثقيل، لم يكن الوداع اختياراً بقدر ما كان حكماً من الظروف، كعاصفةٍ هوجاء تقتلع الأشجار من جذورها.
مضى كلٌّ منهما في طريقه، يحمل نصف قلبٍ مبتور، وصوت الآخر يسكن في الذاكرة
كأثر عطرٍ يسكن الروح ولا يغادر..
مرت السنوات… تغيّرت الوجوه، شابت الأرواح، وأثقلت الحياة كاهلهم بالتجارب.
لكن شيئاً واحداً ظل ثابتاً، نار الحنين التي لم يطفئها الزمن.
وفي صباحٍ عابر، في زحام مدينةٍ لا تعرف الانتظار، التقت عيناهما فجأة.
ارتبك الزمن، توقفت اللحظة كأنها أبدية.
رأى فيها ملامح كان يعرفها أكثر من نفسه، ورأت فيه صدى أيامٍ لم تُمحَ.
لكن الغربة كانت أقوى من الذكرى،
لم يعرف أحدهما الآخر… أو تظاهرا بذلك،
فاكتفيا بابتسامةٍ عابرة، كتحيةٍ غامضة بين غريبين،
ثم مضيا كلٌّ في سبيله،
وترك للآخر سؤالاً ينهش قلبه…
هل كان هو؟ أم أن الشبه خدعني؟
أخبار ذات صلة


