أليس وإيلين كيسلر، الثنائي الفني الألماني الشهير الذي أسعد الملايين في أوروبا وأمريكا، ودّعتا العالم هذا الأسبوع، تاركتين وراءهما إرثًا فنيًا خالدًا وقصة حياة فريدة. رحيل أليس وإيلين كيسلر، كما ذكرت صحيفة بيلد الألمانية، أثار حزنًا واسعًا لدى محبي الفن والثقافة في مختلف أنحاء العالم. اختارت الشقيقتان، البالغتان من العمر 89 عامًا، إنهاء حياتهما بمساعدة طبية، في توافق تام مع رغبتهما المعلنة والقانون الألماني.
مسيرة فنية أسطورية: من ألمانيا إلى العالمية
بدأت قصة أليس وإيلين كيسلر في نيرخاو بألمانيا عام 1936. منذ نعومة أظفارهما، أظهرت التوأمتان موهبة فذة في الغناء والرقص، حيث قدّمتا عروضًا مبهرة على مسرح أوبرا لايبزيغ في طفولتهما. هذا الانطلاقة المبكرة كانت بمثابة الأساس لنجاحهما اللاحق.
بداية الشهرة في أوروبا
في سنوات المراهقة، برز اسم التوأمتين في عالم الترفيه الأوروبي، وشاركتا في العديد من عروض الغناء والرقص التي حظيت بإقبال جماهيري كبير. لم تتوقف رحلتهما عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل مشاركات مع نجوم عالميين مثل فريد أستير وفرانك سيناترا خلال جولات فنية ناجحة في أوروبا والولايات المتحدة. سرعان ما أصبحتا من أكثر الفنانات طلبًا في التلفزيون الأوروبي، بفضل أدائهما المتقن وحضورهما المميز.
إيطاليا نقطة تحول: صعود نجمين معًا
شهدت ستينيات القرن الماضي ذروة تألق أليس وإيلين كيسلر في إيطاليا، حيث تحولتا إلى ظاهرة جماهيرية حقيقية. مشاركاتهما في برامج مثل “جاردينو دي إينفيرنو” (Giardino d’inverno) و”أستوديو أونو” (Studio Uno) أكسبتهما قاعدة جماهيرية واسعة وشهرة متزايدة. هذه البرامج فتحت لهما أبوابًا لمشاركة أعمالهما الفنية مع جمهور أوسع، وساهمت في ترسيخ مكانتهما كفنانتين متميزتين.
الانطلاقة الأمريكية وتألّقهما في أمريكا
في عام 2015، تحدثت الشقيقتان عن اللحظة الحاسمة التي غيّرت مسيرتهما المهنية، وهي مشاركتهما في برنامج “ذا ريد سكيليتون شو” (The Red Skelton Show) في أمريكا. وفقًا لهما، كان هذا الظهور بمثابة نقطة انطلاق نحو العالمية، حيث ظهرتا بعده مباشرة على غلاف مجلة “لايف” المرموقة. هذا الإنجاز، كما ذكرتا، يعني بداية مسيرة فنية حقيقية.
توالت بعدها عروض العمل في أمريكا، وشاركتا في برامج شهيرة مثل “ذا دين مارتن شو” (The Dean Martin Show) و”ذي إيد سوليفان شو” (The Ed Sullivan Show) في عامي 1966 و1967. عملت أليس وإيلين كيسلر جنبًا إلى جنب مع نخبة من فناني ذلك العصر، مثل سامي ديفيس جونيور، ودين مارتن، وبينغ كروسبي، وإدي فيشر، مما عزز من مكانتهما الفنية وأضفى على مسيرتهما بريقًا خاصًا.
علاقة فريدة: توأمان في عالم الفن التنافسي
على الرغم من عملهما في مجال الفن الذي يتميز بالمنافسة الشديدة، أكدت الشقيقتان دائمًا أنهما لم تشعرا بالمنافسة بينهما. بل على العكس، كانتا تعتبران نفسيهما “توأمتين… حالة خاصة”، حيث كانتا تمثلان ثنائيًا متكاملًا لا يشبه أيًا آخر. هذا الانسجام والتفاهم العميق بينهما كان سر نجاحهما واستمراريتهما في عالم الشهرة.
الوصية الأخيرة: الراحة الأبدية معًا
في مقابلة مع صحيفة بيلد في أبريل/نيسان 2024، كشفت الشقيقتان عن رغبتهما في أن تُدفنا معًا في جرة واحدة، مع رفات والدتهما وكلبهما المحبوب “يلو”. وقد تحققت هذه الرغبة الأخيرة، لتختتم أليس وإيلين كيسلر حياتهما بنفس الانسجام والتآلف اللذين ميّزا مسيرتهما الفنية والشخصية. كانت هذه خطوة تعبر عن عمق حبهما لبعضهما البعض ولأفراد عائلتهما.
إرث سيبقى حيًا
رحيل أليس وإيلين كيسلر يمثل خسارة كبيرة لعالم الفن والثقافة. لكن إرثهما الفني سيظل حيًا في قلوب محبيهما وفي ذاكرة الأجيال القادمة. ستبقى أدوارهما المميزة وأغانيهما الرائعة شاهدة على موهبتهما الفذة ونجاحهما الاستثنائي. لقد قدّمت التوأمتان نموذجًا فريدًا للتعاون الفني والتناغم الإنساني، يستحق أن يُحتذى به في عالمنا المعاصر. الفنانتان الألمانيتان ستاهلان التقدير والذكرى الطيبة.
إن قصة حياة أليس وإيلين كيسلر ليست مجرد قصة نجاح فني، بل هي قصة حب وطاعة وعلاقة فريدة بين توأمتين اختارتا أن تعيشا وتموتا معًا، تاركتين وراءهما إرثًا من الجمال والإبداع.
(Last updated: 14:02 Mecca Time)


