منذ ظهورها على الإنترنت، أصبحت راشيل أكورسو، أو “السيدة راشيل” كما يعرفها الملايين من الأطفال حول العالم، اسماً لامعاً في عالم المحتوى التعليمي للأطفال. ليست مجرد معلمة موسيقى، بل رمزاً للتأثير الإيجابي، خاصة بعد استخدام منصتها للدفاع عن حقوق الأطفال، وآخرها دعمها لفلسطين. هذا المقال يستعرض مسيرة هذه الشخصية الملهمة، من بداياتها المتواضعة إلى إمبراطوريتها التعليمية، ومواقفها الإنسانية الجريئة.
من معلمة إلى نجمة يوتيوب: قصة السيدة راشيل
ولدت راشيل آن أكورسو عام 1982 في ولاية مين الأمريكية. نشأت في كنف أم عزباء مع أختها، وعملت في بداية شبابها في وظائف مختلفة، بما في ذلك العمل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريس الموسيقى للاجئين. هذه التجارب المبكرة زرعت فيها حب التعليم والرغبة في إحداث فرق في حياة الأطفال. بعد حصولها على درجة الماجستير في تعليم الموسيقى، بدأت رحلتها المهنية كمعلمة موسيقى في مدينة نيويورك.
تأسيس قناة “السيدة راشيل” على يوتيوب
في عام 2019، وبالتعاون مع زوجها آرون أكورسو، وهو مدير موسيقي، أطلقت راشيل قناة “السيدة راشيل” على يوتيوب. لم يكن الدافع هو الشهرة، بل كان نتيجة حاجة شخصية. كان ابنهما يعاني من تأخر في الكلام، فلاحظ الزوجان نقصاً في المحتوى التعليمي المناسب، وقررا سد هذه الفجوة من خلال إنشاء قناة مخصصة.
بدأت القناة بتقديم أغاني وأنشطة بسيطة تهدف إلى تحفيز اللغة لدى الرضع والأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. سرعان ما اكتسبت القناة شعبية واسعة، خاصة خلال جائحة كورونا، حيث أصبح الآباء والأمهات يبحثون عن مصادر تعليمية وترفيهية موثوقة لأطفالهم في المنزل. اليوم، تتجاوز قائمة مشتركي قناة راشيل أكورسو على يوتيوب 17 مليون مشترك.
النجاح يتعدى اليوتيوب: “السيدة راشيل” على نتفليكس
لم يقتصر نجاح “السيدة راشيل” على يوتيوب، بل امتد ليشمل منصات أخرى مثل نتفليكس، حيث حقق برنامجها أكثر من 53 مليون مشاهدة. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت راشيل خط “ألعاب السيدة راشيل” في عام 2024، بما في ذلك دمية خاصة تحمل اسمها، مما يعزز من مكانتها كعلامة تجارية تعليمية رائدة.
راشيل أكورسو ودعمها للقضية الفلسطينية
مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تتردد راشيل أكورسو في استخدام شهرتها للدفاع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين. عبرت عن قلقها العميق تجاه الأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة، ودعت إلى وقف القصف وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
لفتت أنظار العالم بإطلالتها المميزة في حفل جوائز مجلة “غلامور” لعام 2025. ارتدت فستاناً أبيضاً وأسود مزيناً برسومات من إبداع أطفال غزة، تحمل رسومات لفاكهة البطيخ، والعلم الفلسطيني، والملائكة، وطيور السلام، وأغصان الزيتون، في تعبير مؤثر عن الأمل والسلام.
موقف جريء في وجه الانتقادات
لم يكن دعم راشيل لأطفال غزة خاليًا من الانتقادات، حيث تعرضت لهجمة إلكترونية واتهامات بالتحيز. لكنها لم تتراجع عن موقفها، وأكدت على أهمية التعاطف مع معاناة الأطفال أينما كانوا. في تصريحات صحفية، قالت: “من الصعب تلقي النقد، ولكن هذا الألم لا يمكن مقارنته أبداً بألم عدم التحدث أثناء الإبادة الجماعية”. كما أعلنت أنها لن تتعاون مع أي شخص لم يتحدث عن غزة.
تكريم واعتراف عالمي
بفضل مواقفها الإنسانية الجريئة، حظيت راشيل أكورسو بالعديد من التكريمات والجوائز. صنفتها مجلة “رولينغ ستون” ضمن الأكثر تأثيراً في العالم، واختارتها من أبرز المؤثرين لعام 2025. كما اختارتها مجلة “غلامور” الشهيرة “امرأة العام”، تقديراً لمساهماتها في التعليم ودعمها للقضايا الإنسانية.
إمبراطورية تعليمية واعدة
اليوم، تمتلك “السيدة راشيل” أكثر من 13 مليار مشاهدة على يوتيوب، بالإضافة إلى 9 كتب تعليمية، وألعاب، واتفاقية جديدة مع نتفليكس. إنها مثال حي لكيفية استخدام الشهرة للتأثير الإيجابي في العالم، وترك بصمة حقيقية في حياة الأطفال. تهدف راشيل إلى الاستمرار في تطوير المحتوى التعليمي، ودعم الطفولة والتعليم في جميع أنحاء العالم. قصة نجاح هذه المعلمة والمدونة الأمريكية الملهمة تدعونا جميعًا إلى التفكير في دورنا في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
يمكنكم متابعة المزيد عن راشيل أكورسو وأعمالها من خلال زيارة قنواتها على يوتيوب وإنستغرام، والمشاركة في حملاتها الداعمة للأطفال حول العالم.


