في بداية تعاملات اليوم الاثنين، شهدنا ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب، مسجلةً أعلى مستوى لها في أسبوعين. يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بتوقعات متزايدة بأن مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي قد يقرر خفض أسعار الفائدة في اجتماعه القادم في ديسمبر/كانون الأول. بالتزامن مع ذلك، استقر سعر الدولار بعد أن أثارت سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة مخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي. وفي سوق النفط، ارتفعت الأسعار أيضًا، متأثرةً بتفاؤل بشأن قرب انتهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي.
تطورات أسعار الذهب في الأسواق العالمية
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 2% ليصل إلى 4079.83 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى يسجله المعدن النفيس منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم ديسمبر بنسبة 2.03% لتصل إلى 4091.20 دولارًا للأوقية.
تيم ووترر، كبير محللي السوق في شركة كيه.سي.إم تريد، صرح لوكالة رويترز قائلاً: “يشهد الذهب إقبالًا قويًا مع بداية أسبوع التداولات، حيث يرتفع المعدن النفيس وسط تكهنات بإمكانية خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، على الرغم من أن مجلس الاحتياطي قلل من احتمالية حدوث ذلك.”
العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار الذهب
تأتي هذه التطورات في ظل بيانات اقتصادية أمريكية حديثة أظهرت فقدان وظائف في أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى زيادة عمليات التسريح بسبب خفض التكاليف واعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي. كما أظهر استطلاع للرأي تراجع معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف، وذلك بسبب المخاوف المتعلقة بالتداعيات الاقتصادية للإغلاق الحكومي الأمريكي.
وفقًا لأداة فيدووتش التابعة لسي إم إي، يتوقع المشاركون في السوق الآن بنسبة 67% احتمال خفض أسعار الفائدة في ديسمبر/كانون الأول. الذهب، باعتباره ملاذًا آمنًا، يميل إلى الارتفاع في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة وفي أوقات التقلبات الاقتصادية. هذا يجعل الاستثمار في الذهب خيارًا جذابًا للمستثمرين في ظل الظروف الحالية.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر الارتفاع على الذهب فقط، بل امتد ليشمل المعادن النفيسة الأخرى. فقد ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 3.18% لتصل إلى 49.88 دولارًا للأوقية، وزاد البلاتين بنسبة 1.8% ليصل إلى 1578.41 دولارًا، وصعد البلاديوم بنسبة 1.58% ليصل إلى 1405.45 دولارًا. هذا يشير إلى أن الطلب على المعادن النفيسة بشكل عام في ازدياد.
استقرار الدولار وتأثير الإغلاق الحكومي
على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب، استقر الدولار الأمريكي في المعاملات الآسيوية المبكرة. يعود ذلك إلى استمرار المخاوف بشأن النمو العالمي، على الرغم من المؤشرات الإيجابية حول قرب التوصل إلى اتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي.
انخفض الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية بنسبة 0.1% ليصل إلى 99.491 نقطة. وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي جون ثون إن المحادثات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإنهاء الإغلاق الحكومي اتخذت منعطفًا إيجابيًا.
ارتفاع أسعار النفط وتوقعات الطلب
شهدت أسعار النفط ارتفاعًا أيضًا، مدفوعةً بتفاؤل بشأن قرب انتهاء الإغلاق الحكومي الأمريكي، وهو ما من المتوقع أن يعزز الطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم.
زادت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 0.38% لتصل إلى 63.87 دولارًا للبرميل، وبلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 60.05 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بنسبة 0.49%.
توني سيكامور، محلل السوق لدى آي جي في سيدني، أوضح أن إعادة الفتح الوشيكة ستعيد الأجور إلى 800 ألف موظف اتحادي وتعيد تشغيل البرامج الحيوية، مما سيعزز ثقة المستهلكين ونشاطهم وإنفاقهم. هذا بدوره سيساهم في تحسين الإقبال على المخاطرة في الأسواق وانتعاش أسعار النفط.
تحديات تواجه سوق النفط
على الرغم من التفاؤل، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه سوق النفط. فقد انخفض خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 2% في الأسبوع الماضي، مسجلين ثاني انخفاض أسبوعي لهما، بسبب المخاوف من تخمة المعروض. كما أن اتفاق أوبك بلس على زيادة الإنتاج بشكل طفيف في ديسمبر/كانون الأول مع تعليق الزيادات في الربع الأول من العام القادم قد يساهم في زيادة المعروض.
الخلاصة
بشكل عام، تشير التطورات الأخيرة في الأسواق العالمية إلى أن أسعار الذهب والنفط تتأثر بشكل كبير بالتطورات الاقتصادية والسياسية. فالتوقعات بخفض أسعار الفائدة، والمخاوف بشأن النمو العالمي، والإغلاق الحكومي الأمريكي، كلها عوامل تؤثر على أداء هذه الأسواق. من المهم للمستثمرين متابعة هذه التطورات عن كثب واتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. كما أن فهم العوامل المؤثرة في سوق الذهب يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات استثمارية أفضل.


