في عام 2025، شهد سعر الذهب قفزة تاريخية لم يشهدها منذ أزمة النفط في عام 1979، حيث ارتفعت قيمته بشكل ملحوظ، وتضاعفت تقريبًا خلال العامين الماضيين. هذا الأداء القوي، والذي كان يُنظر إليه تقليديًا على أنه مؤشر على تصحيحات حادة قادمة، دفع المؤسسات المالية الكبرى لإعادة تقييم توقعاتها، وأصبحت النظرة المستقبلية أكثر تفاؤلاً حول استمرار صعود المعدن الثمين. تستعرض هذه المقالة العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع، والتوقعات المستقبلية لـ سعر الذهب في عام 2026 وما بعده، ودور البنوك المركزية والمستثمرين في تشكيل هذه التوقعات.

عوامل ارتفاع سعر الذهب التاريخي في 2025

لم يكن ارتفاع سعر الذهب مجرد استجابة لظروف اقتصادية معينة. بل هو نتيجة تفاعل معقد بين عدة عوامل، من بينها:

  • تغير قاعدة المستثمرين: لم يعد الذهب مجرد ملاذ آمن للمستثمرين التقليديين. فقد دخل إلى السوق مشاركون جدد، مثل شركات تكنولوجيا المال، مثل تيثر، وإدارات الخزينة للشركات، مما زاد من الطلب.
  • العوامل الجيوسياسية: التوترات العالمية، وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، أدت إلى زيادة الطلب على الأصول الآمنة، مثل الذهب، كمخزن للقيمة في أوقات الأزمات.
  • السياسات النقدية: محاولات تقليل العجز المالي الأمريكي، وسياسات خفض قيمة الدولار، ساهمت في إضعاف العملة الأمريكية وزيادة جاذبية الذهب كبديل.
  • مخاوف بشأن استقلالية البنوك المركزية: ازدادت الشكوك حول تدخل الحكومات في قرارات البنوك المركزية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر استقلالية وحماية، كالذهب.

توقعات أسعار الذهب في عام 2026

على الرغم من التقلبات المحتملة، تظهر التوقعات الحالية اتجاهًا قويًا نحو استمرار ارتفاع سعر الذهب في عام 2026. تشير تحليلات من بنوك كبرى مثل جيه بي مورغان وبنك أوف أمريكا، بالإضافة إلى شركة ميتالز فوكاس، إلى احتمال وصول السعر إلى 5000 دولار للأوقية.

توقعات المؤسسات المالية المختلفة

  • جيه بي مورغان: يتوقع تجاوز متوسط الأسعار 4600 دولار للأوقية في الربع الثاني من عام 2026، والوصول إلى 5000 دولار في الربع الأخير.
  • بنك أوف أمريكا: يرى أن المكاسب المستمرة والتنويع الاستثماري يدفعان موجة الشراء الحالية.
  • ميتالز فوكاس: يتوقع الوصول إلى مستوى 5000 دولار للأوقية بحلول نهاية عام 2026.
  • مورغان ستانلي: يتوقع وصول السعر إلى 4500 دولار للأوقية بحلول منتصف عام 2026.
  • ماكواري: يبدو أكثر حذرًا، متوقعًا متوسط سعر عند 4225 دولارًا، مع الأخذ في الاعتبار احتمال تحسن النمو العالمي وتراجع سياسات التيسير النقدي.

دور البنوك المركزية في دعم ارتفاع سعر الذهب

تلعب البنوك المركزية دورًا محوريًا في هذه الديناميكية. فقد استمرت هذه البنوك في تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الأصول المقومة بالدولار للعام الخامس على التوالي، مما أدى إلى تعزيز الطلب على الذهب ودعم أسعاره.

  • زيادة حيازات الذهب: تعتبر حيازات الذهب من قبل البنوك المركزية بمثابة قاعدة دعم قوية للأسعار، حيث تشير البيانات إلى أن هذا الطلب قد يبلغ متوسط 585 طنًا لكل ربع سنة في عام 2026.
  • ارتفاع حصة الذهب في الأصول المُدارة: ارتفعت حصة الذهب من إجمالي الأصول المُدارة إلى 2.8٪ مقارنة بـ 1.5٪ قبل عام 2022، مما يشير إلى اهتمام متزايد من البنوك المركزية بإضافة الذهب إلى محافظها الاستثمارية. هذا الارتفاع ليس بالضرورة سقفًا نهائيًا، بل قد يستمر مع تعاظم المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

التحوط والمخاطر المحتملة في سوق الذهب

على الرغم من التوقعات الإيجابية، تحذر بعض التقارير من وجود مخاطر محتملة. فقد أشار بنك التسويات الدولية إلى أن الارتفاع المتزامن في أسعار الذهب والأسهم يعتبر ظاهرة نادرة، قد تشير إلى وجود فقاعات محتملة في السوق.

  • التحوط من تصحيحات الأسهم: يرى المحللون أن جزءًا من الطلب على الذهب كان بدافع التحوط من تصحيحات محتملة في أسواق الأسهم. وبالتالي، فإن أي تصحيح كبير في أسواق الأسهم قد يؤدي إلى بيع أصول الملاذ الآمن، بما في ذلك الذهب.
  • الاستثمار طويل الأجل: يرى خبراء مثل نيكي شيلز من “إم كيه إس بامب” أن الذهب يجب أن يُنظر إليه كأصل أساسي في المحافظ الاستثمارية على المدى الطويل، وليس مجرد أداة للتحوط قصير الأجل.

مستقبل الطلب على الذهب والعملات المشفرة

تتوقع رويترز تباطؤًا في مشتريات البنوك المركزية والتدفقات إلى صناديق الاستثمار في الذهب في عام 2026. ومع ذلك، من المتوقع أن يستمر الطلب القوي على السبائك والعملات، في حين قد يظل الطلب على المجوهرات ضعيفًا، حيث انخفض بنسبة 23٪ في الربع الثالث من عام 2025.

  • دخول مستثمرين جدد: ساعد خفض أسعار الفائدة على دخول مستثمرين مؤسسيين جدد إلى السوق – مثل شركة تيثر – التي اشترت حوالي 26 طنًا من الذهب في الربع الثالث من عام 2025، أي ما يعادل خمسة أضعاف مشتريات البنك المركزي الصيني في نفس الفترة.
  • تأثير العملات المشفرة: على الرغم من المنافسة مع الاستثمار في العملات المشفرة، لا يزال الذهب يلعب دورًا مهمًا في تنويع المحافظ الاستثمارية، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.

في الختام، يبدو مستقبل سعر الذهب واعدًا في عام 2026، مدفوعًا بمجموعة من العوامل الإيجابية، بما في ذلك زيادة الطلب من البنوك المركزية، وتغير سلوك المستثمرين، والتوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة وأن ينظروا إلى الذهب كجزء من استراتيجية استثمارية طويلة الأجل ومتنوعة. لمعرفة المزيد عن فرص الاستثمار في الذهب، يمكنك زيارة [رابط لموقع متخصص في الاستثمار في الذهب] أو الاطلاع على آخر الأخبار والتحليلات حول أسعار المعادن الثمينة عبر [رابط لموقع رويترز أو وكالة أنباء اقتصادية].

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version