في إطار سعي السودان لتطوير بنيته التحتية الحيوية، وتحديداً قطاع الطيران المدني، عقد رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اجتماعاً هاماً مع الرئيس التنفيذي لشركة سوما التركية، المتخصصة في بناء المطارات، لمناقشة مشروع مطار الخرطوم الجديد. يأتي هذا اللقاء في ظل حاجة ملحة لإعادة تأهيل وتحديث المطارات السودانية، خاصة بعد الأضرار التي لحقت بمطار الخرطوم الدولي خلال الاشتباكات الأخيرة.

مشروع مطار الخرطوم الجديد: شراكة تركية سودانية واعدة

التقى رئيس الوزراء السوداني بالرئيس التنفيذي لشركة سوما في مطار إسطنبول، وذلك أثناء عودة السيد إدريس إلى السودان. وخلال اللقاء، تم استعراض تفاصيل مشروع مطار الخرطوم الجديد الذي يهدف إلى إنشاء مطار عالمي المستوى يواكب التطورات الحديثة في صناعة الطيران. أعربت شركة سوما عن استعدادها التام للدخول في المشروع استناداً إلى خبرتها الواسعة في بناء وإدارة المطارات حول العالم.

وعدت الشركة بإرسال فريق فني متخصص إلى السودان في أقرب وقت ممكن، وذلك لإجراء الدراسات اللازمة وجمع البيانات التفصيلية حول الموقع المقترح للمطار، والتقييم الدقيق للاحتياجات والمتطلبات الفنية، وذلك بهدف إعداد دراسة متكاملة وشاملة. هذه الدراسة ستكون بمثابة حجر الزاوية في تنفيذ المشروع بنجاح.

تاريخ المشروع واتفاقيات سابقة

يعود تاريخ التفكير في إنشاء مطار الخرطوم الجديد إلى عام 2018، حيث تم توقيع اتفاقية بين السودان وشركة سوما لتشييد المطار على بعد 40 كيلومترًا من العاصمة. تعتمد هذه الاتفاقية على نظام “بي أو تيه” (B.O.T) وهو نظام استثماري يتيح للشركة المطورة استعادة استثماراتها وتحقيق أرباح خلال فترة امتياز محددة، قبل أن يتم تسليم المطار إلى المالك (الحكومة السودانية) بحالة جيدة.

وقد بلغت القيمة الإجمالية للمشروع في عام 2018 ما يزيد عن مليار دولار أمريكي. ومع ذلك، واجه المشروع بعض التأخيرات والتحديات، مما استدعى تدخل رئيس الوزراء السوداني السابق، عبد الله حمدوك، في عام 2021، لتوجيه الجهود نحو استئناف العمل في المشروع.

الأضرار التي لحقت بمطار الخرطوم الدولي وتأثيرها على المشروع

شهد مطار الخرطوم الدولي أضرارًا جسيمة خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع عليه، والتي بدأت في أبريل/نيسان 2023 واستمرت حتى مارس/آذار من العام الجاري. ووفقًا لتقارير رسمية، فقد تعرض حوالي 70 مبنى داخل المطار لأضرار متفاوتة، بالإضافة إلى البنية التحتية الحيوية وعدد من الطائرات التابعة لشركات طيران مختلفة.

وصف وزير النقل السوداني السابق، أبو بكر أبو القاسم، حجم الخسائر في المطار بـ “المهول”، مشيرًا إلى أنها تشمل أيضًا مستودعات الوقود وغيرها من المرافق الأساسية. هذه الأضرار تؤكد على أهمية وضرورة المضي قدمًا في مشروع مطار الخرطوم الجديد لتوفير بديل حديث وآمن يلبي احتياجات الطيران المدني في السودان.

استعادة السيطرة على المطار وعودة الحركة الجوية

في 26 مارس/آذار الماضي، تمكنت القوات الحكومية السودانية من طرد قوات الدعم السريع واستعادة السيطرة الكاملة على مطار الخرطوم الدولي. وشهد المطار استقبال أول طائرة تقل رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بعد توقف دام قرابة عامين.

على الرغم من استعادة السيطرة، إلا أن المطار لا يزال بحاجة إلى إصلاحات وترميمات واسعة النطاق. وبالتالي، فإن مشروع مطار الخرطوم الجديد يمثل حلاً استراتيجياً طويل الأمد لتجاوز هذه التحديات وضمان استمرارية وسلامة حركة الطيران في السودان. كما أنه سيعزز من مكانة السودان كمركز إقليمي للطيران.

آفاق مستقبلية لمشروع المطار وتأثيره على الاقتصاد السوداني

يمثل مشروع مطار الخرطوم الجديد فرصة استثمارية هائلة يمكن أن تساهم في دعم الاقتصاد السوداني وتعزيز النمو المستدام. فبالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة، فإنه سيعزز من قطاع السياحة ويحسن من الربط الجوي للسودان مع بقية دول العالم.

كما أن المطار الجديد سيساهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وسيعزز من القدرة التنافسية للاقتصاد السوداني بشكل عام. من المتوقع أن يلعب المطار دوراً حيوياً في تطوير البنية التحتية للنقل الجوي في المنطقة، وسيعمل على تسهيل حركة التجارة والأفراد. بالإضافة إلى ذلك، سيُحسن من خدمات الطيران المقدمة للمسافرين، ويسهم في تطوير السياحة في السودان.

في الختام، يشكل اللقاء بين رئيس الوزراء السوداني والرئيس التنفيذي لشركة سوما خطوة إيجابية نحو تحقيق حلم السودان في امتلاك مطار عالمي المستوى. ويتطلب تنفيذ هذا المشروع تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية، وتوفير الدعم المالي والسياسي اللازم. نتطلع إلى رؤية مطار الخرطوم الجديد ينهض كرمز للتطور والازدهار في السودان. لمتابعة آخر المستجدات حول هذا المشروع الهام، ندعوكم لزيارة موقعنا بانتظام ومتابعة حساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version