أثار خلل برمجي في طائرات إيرباص A320 حالة من الاستنفار في شركات الطيران حول العالم، مما استدعى تحديثات عاجلة للحفاظ على سلامة الأساطيل وتجنب اضطرابات واسعة النطاق، خاصة مع اقتراب موسم العطلات. لحسن الحظ، استجابت الشركات بسرعة، وتمكنت إلى حد كبير من احتواء الموقف. هذا المقال يتناول تفاصيل هذا الخلل، وكيف تعاملت شركات الطيران مع الأمر، وتأثيره المحتمل على المسافرين.
إيرباص A320 والخلل البرمجي: سباق مع الزمن
أعلنت شركة إيرباص ووكالة سلامة الطيران التابعة للاتحاد الأوروبي (EASA) عن وجود خلل برمجي محتمل في طائرات إيرباص A320، وهو الطراز الأكثر استخدامًا على نطاق واسع في العالم. الخلل يتعلق ببيانات الحاسوب المسؤولة عن الحفاظ على التحكم في الطيران، وقد يؤدي في ظروف معينة إلى تلف هذه البيانات. أفادت إيرباص بأن أكثر من 6000 طائرة حول العالم متأثرة بهذا الخلل، وهو ما يمثل أكثر من نصف أسطول طائرات A320 العالمي.
الاستجابة السريعة لشركات الطيران
سارعت شركات الطيران إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة المشكلة. في غضون أقل من 24 ساعة من الإعلان عن الخلل، بدأت العديد من الشركات، بما في ذلك مجموعة الخطوط الجوية الأمريكية وشركة إنديغو الهندية وشركة إيزي جيت البريطانية، في العودة إلى إصدار سابق من البرنامج لمعظم أساطيلها. سمح هذا الإجراء للشركات بالحفاظ على عملياتها بشكل طبيعي إلى حد كبير، وتجنب إلغاء عدد كبير من الرحلات.
وزير النقل الأمريكي، شون دافي، طمأن المسافرين عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، مؤكدًا أنهم “لا ينبغي أن يتوقعوا أي اضطرابات كبيرة”، وأن جميع شركات الطيران الأمريكية المتضررة تسير على الطريق الصحيح لإكمال الأعمال اللازمة. الخطوط الجوية الأمريكية أعلنت أنها تحتاج فقط إلى صيانة 4 طائرات من أصل 209 طائرات متأثرة، بينما أكدت كل من دلتا ويونايتد إيرلاينز عدم وجود أي تأثير لمشكلة البرمجيات على عملياتهما.
تفاصيل الإصلاحات والتحديات
الإصلاحات المطلوبة تختلف باختلاف عمر الطائرة. بالنسبة لمعظم الطائرات، يتطلب الأمر العودة إلى إصدار سابق من البرنامج، وهي عملية يمكن إنجازها في غضون ساعتين إلى ثلاث ساعات. ومع ذلك، تحتاج ما يقرب من 1000 طائرة قديمة إلى ترقية فعلية للأجهزة، مما يتطلب إيقافها عن العمل لفترة أطول.
هذا الوضع فرض ضغطًا كبيرًا على شركات الطيران لإجراء الإصلاحات قبل الرحلة الاعتيادية التالية، لتجنب أي تأخيرات أو إلغاءات. الشركات اضطرت إلى العمل بسرعة وكفاءة لضمان عدم تأثر حركة السفر بشكل كبير.
أسباب الخلل وتداعياته
يعود سبب الخلل البرمجي إلى حادثة تعرضت لها طائرة تابعة لشركة جيت بلو للطيران لـ”إشعاع شمسي كثيف” قبل حوالي شهر. أدى هذا الإشعاع إلى عطل في البرنامج، مما تسبب في هبوط مفاجئ للطائرة دون تدخل الطيار. لحسن الحظ، لم يسفر الحادث عن أي إصابات، لكنه استدعى فتح تحقيق لتحديد الأسباب وملابسات الواقعة.
الرئيس التنفيذي لشركة إيرباص، غيوم فوري، أكد عبر منصة لينكدإن أن فرق الشركة تعمل “على مدار الساعة لدعم مشغلينا وضمان نشر هذه التحديثات بأسرع ما يمكن لإعادة الطائرات إلى الجو واستئناف عملياتها الاعتيادية”.
تأثير الخلل على شركات الطيران والمسافرين
في حين أن العديد من شركات الطيران تمكنت من احتواء الموقف بنجاح، إلا أن بعضها تضرر بشكل أكبر. أعلنت شركة “أفيانكا إس إيه” الكولومبية أن أكثر من 70% من أسطولها متأثر بالخلل، وأنها أوقفت بيع التذاكر حتى الثامن من ديسمبر/ كانون الأول. كما ألغت شركة “آنا هولدينغز” اليابانية 95 رحلة يوم السبت، مما أثر على حوالي 13,200 مسافر.
تم الإبلاغ عن بعض الاضطرابات في أستراليا ونيوزيلندا، حيث أوقفت شركتا جيت ستار وطيران نيوزيلندا بعض طائراتهما من طراز إيرباص A320 لإجراء التحديثات البرمجية. في المقابل، تمكنت شركة ويز إير هولدينغز من تنفيذ التحديثات على جميع طائراتها المتأثرة بنجاح وعودة عمليات الطيران إلى طبيعتها.
الوضع في مختلف الدول
في الولايات المتحدة، حيث يشهد قطاع الطيران موسم سفر قياسي بمناسبة عيد الشكر، سعت شركات الطيران المشغلة لنحو 1600 طائرة من عائلة A320 إلى تطبيق الإصلاحات بأقل قدر ممكن من الاضطرابات. أفادت إدارة الطيران الفدرالية أن التوجيه الطارئ بشأن صلاحية الطيران يؤثر على حوالي 545 طائرة مسجلة في الولايات المتحدة.
أما في الهند، فقد أعلنت شركة إنديغو للطيران أنها أكملت عمليات فحص 160 طائرة من أصل 200 طائرة متأثرة، دون أي إلغاء للرحلات. وفي المملكة المتحدة، أفادت هيئة الطيران المدني بأن شركات الطيران نفذت بالفعل التحديث البرمجي “للغالبية العظمى من الطائرات المعنية”، وأن عددًا قليلاً جدًا من الرحلات تأثرت.
مستقبل سلامة الطيران
هذا الحادث يسلط الضوء على أهمية إجراءات الصيانة الدورية وتحديث البرمجيات في الحفاظ على سلامة الطيران. كما يؤكد على الحاجة إلى تطوير أنظمة حماية أفضل للطائرات ضد العوامل الخارجية، مثل الإشعاع الشمسي. تعتبر طائرات إيرباص و بوينغ 737 العمود الفقري للطيران المدني، لذلك، فإن أي مشكلة تؤثر على هذه الطائرات يمكن أن يكون لها تداعيات واسعة النطاق. الاستثمار في تكنولوجيا الطيران و صيانة الطائرات يجب أن يكون أولوية قصوى لضمان سلامة المسافرين و استمرارية حركة السفر.
باختصار، تمكن قطاع الطيران من تجاوز هذه الأزمة بفضل الاستجابة السريعة والتعاون الوثيق بين شركات الطيران والجهات التنظيمية. ومع ذلك، ينبغي استخلاص الدروس من هذا الحادث لتعزيز إجراءات السلامة والاستعداد لمواجهة أي تحديات مستقبلية.



