وفقًا لدراسة حديثة، قد يكون تناول حمض الفوليك والفيتامينات المتعددة أثناء الحمل خطوة مهمة للحماية من اضطراب طيف التوحد لدى الأطفال. هذه النتائج، التي نشرت في مجلة “بلوس وان” (PLOS One) وتشير إليها مصادر طبية مرموقة مثل موقع “أبونيت.دي” الألماني، تثير الأمل وتؤكد على أهمية التغذية السليمة قبل وأثناء الحمل. النقاش حول التوحد والحمل يزداد أهمية مع ظهور المزيد من الأبحاث التي تسلط الضوء على عوامل الخطر المحتملة وكيفية التخفيف منها.
أهمية حمض الفوليك والفيتامينات المتعددة في الوقاية من التوحد
أظهرت دراسة ضخمة شملت بيانات أكثر من 3 ملايين أم وطفل أن تناول مكملات الفيتامينات المتعددة ارتبط بانخفاض خطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد بنسبة 34%، بينما ارتبط تناول حمض الفوليك بانخفاض خطر الإصابة بنسبة 30%. هذه النسب الملحوظة تجعل من الضروري إعادة النظر في الإرشادات الغذائية الحالية للنساء الحوامل أو اللاتي يخططن للحمل.
دور حمض الفوليك في النمو العصبي للجنين
خلال المراحل الأولى من الحمل، يشهد الجنين انقسامًا سريعًا في الخلايا، وهي فترة حاسمة لتكون الجهاز العصبي. يزداد الطلب على حمض الفوليك بشكل خاص في هذه الأسابيع الأولى، حيث يساهم بشكل فعال في التكوين السليم للأنبوب العصبي وفي نمو الدماغ الهيكلي. إن نقص حمض الفوليك يمكن أن يؤدي إلى تشوهات خطيرة، مما يؤكد دوره الحيوي في التطور الصحي للجنين.
الفيتامينات المتعددة: دعم شامل لنمو الدماغ
لا تقتصر فوائد الفيتامينات المتعددة على مجرد توفير العناصر الغذائية الأساسية؛ بل إنها تحتوي عادةً على فيتامين “ب12” وفيتامين “د” واليود، بالإضافة إلى العديد من المغذيات الدقيقة الأخرى. هذه المغذيات تلعب دورًا مهمًا في تنظيم الالتهابات، ودعم جهاز المناعة، وتحسين استقلاب البروتين، والأهم من ذلك، إنتاج النواقل العصبية في الدماغ.
وبالتالي، تعمل الفيتامينات المتعددة على تهيئة بيئة مثالية لنمو دماغ الجنين وصحته، وهذا ما قد يفسر انخفاض خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد. فالدماغ النامي يحتاج إلى مجموعة واسعة من العناصر الغذائية لضمان تطور الوظائف المعرفية والسلوكية بشكل سليم.
توصيات الخبراء: متى وكيف تتناولين الفيتامينات؟
بناءً على نتائج الدراسة، يوصي الخبراء بالإضافة إلى التوصية الحالية بتناول حمض الفوليك، بتناول مكملات الفيتامينات المتعددة أثناء الحمل، والأفضل من ذلك، البدء في تناولها حتى قبل الحمل. هذا يضمن حصول الجنين على العناصر الغذائية الضرورية في المراحل الحرجة من تطوره.
أهمية الاستشارة الطبية قبل البدء بتناول المكملات
على الرغم من الفوائد المحتملة، يجب التأكيد على أنه لا يجوز تناول مكملات الفيتامينات المتعددة دون استشارة الطبيب أو الصيدلي. الجرعة الزائدة من بعض الفيتامينات، مثل فيتامين “أ”، قد تؤدي إلى تشوهات خلقية. لذلك، من الضروري الحصول على تقييم طبي لتحديد الجرعة المناسبة واختيار المنتج الأنسب لحالتك.
فوائد التخطيط المسبق للحمل والتغذية السليمة
التخطيط للحمل هو فرصة رائعة لتبني نمط حياة صحي وتعديل نظامك الغذائي لضمان حصولك وحصول جنينك على جميع العناصر الغذائية اللازمة. التركيز على الأطعمة الغنية بحمض الفوليك، مثل الخضروات الورقية والبقوليات، بالإضافة إلى تناول مكملات الفيتامينات المتعددة تحت إشراف طبي، يمكن أن يزيد بشكل كبير من فرصتك في الحصول على حمل صحي وولادة طفل سليم. كما أن هذا النهج الاستباقي يعزز الصحة العامة للأم ويقلل من مخاطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل.
فهم التوحد وعوامل الخطر
التوحد هو اضطراب نمو عصبي يؤثر على كيفية تفاعل الشخص مع الآخرين، والتواصل، والتعلم. تتراوح أعراضه من خفيفة إلى شديدة، وتختلف من شخص لآخر. على الرغم من أن الأسباب الدقيقة للتوحد لا تزال غير معروفة، إلا أن الأبحاث تشير إلى وجود عوامل وراثية وبيئية تلعب دورًا في تطوره.
عوامل الخطر المحتملة الأخرى
بالإضافة إلى التغذية، هناك عوامل خطر أخرى محتملة مرتبطة بالتوحد، مثل:
- العمر المتقدم للوالدين.
- التعرض لبعض المواد الكيميائية أثناء الحمل.
- تاريخ عائلي للإصابة بالتوحد.
- مضاعفات أثناء الحمل والولادة.
أهمية البحث المستمر لفهم التوحد
البحث حول التوحد مستمر، وهناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لفهم الأسباب المعقدة لهذا الاضطراب بشكل كامل. مع زيادة الوعي بأهمية التغذية السليمة في المراحل المبكرة من النمو، يمكننا اتخاذ خطوات فعالة لتقليل عوامل الخطر المحتملة وتحسين صحة الأجيال القادمة.
خلاصة وتوصيات
تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى أن تناول حمض الفوليك والفيتامينات المتعددة أثناء الحمل يمكن أن يقلل من خطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد. إن تبني نمط حياة صحي وتخطيط الحمل بشكل مسبق، بالإضافة إلى استشارة الطبيب أو الصيدلي، هي خطوات أساسية لضمان صحة الأم والطفل. إضافة إلى ذلك، من المهم البقاء على اطلاع بأحدث الأبحاث والتوصيات المتعلقة بـ صحة الأم والجنين و التغذية خلال الحمل. نحث القارئات على مشاركة هذا المقال مع الأصدقاء والعائلة لزيادة الوعي بأهمية هذه المعلومات. لا تترددي في طلب المزيد من المعلومات من أخصائي الرعاية الصحية الخاص بك.



