أكد المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، أن وضع أكواد البرمجيات بشكل شبه مفتوح أمام تصرف كل مستعملي الذكاء الاصطناعي، قد يتحول إلى أداة خطرة في يد التنظيمات الإرهابية، إذا امتلكوا القدرة على إعادة برمجة الكثير من الأدوات الرقمية بما يناسب أجنداتهم الخطرة.

وبين «اعتدال»، أن التحكم في الأكواد حين يضاف إلى إتاحة المعارف المرتبطة بالمعادلات الرياضية والكيميائية، قد يفتح بوابة كبرى لخطر تحويل هذه المعارف إلى أدوات فتك مبتكرة ما يجعل سقف العنف في هذه الحالة وبفعل الإمكانات الحديثة مرتفعًا، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن نحمّل المعرفة وزر الأذى الذي يمكن أن يلحق بالناس جرّاء استغلالها من قبل المتطرفين والإرهابيين، إذ إن الخطر في سوء توظيفها لا في جوهرها، لكن هذا لا يمنع من ضرورة بناء ضوابط معيارية ومقاييس شفافة توازن بين منافع الانفتاح العلمي ومتطلبات الأمن والحفاظ على الحياة البشرية، والتكامل بين الجهات المتخصصة في هذا الشأن عالمياً.

وأضاف «اعتدال»، أن المتتبع لتاريخ التطرّف والإرهاب الحديث، سيلاحظ العلاقة الانتهازية التي تقيمها التنظيمات المتطرّفة مع الأدوات الجديدة التي يوفرها التقدم التقني، إذ بدأت هذه العلاقة تتجلّى بوضوح منذ نهاية القرن التاسع عشر مع اكتشاف مادة الديناميت المتفجرة، التي كان الغرض منها تسهيل العمل في كسر الصخور، فإذا بها تصبح في يد التنظيمات الإرهابية وسيلة قتل مرعبة. وهو مثل الذي وقع حينما استغل الإرهابيون نهاية القرن العشرين تقنيات تحديد الإحداثيات الجغرافية التي كان الغرض منها تسهيل حياة الناس من خلال تجويد الفعالية اللوجستية، لكنها تحولت لدى التنظيمات الإرهابية لطريقة جديدة في تحديد مواقع الأهداف خدمة لأجنداتها التدميرية، مشيراً إلى أنه ومع كل تطور يمكن أن ينفع الناس لا يتوقف الإرهابيون عن البحث في توظيفه لتدمير كل ما تطاله أياديهم وتستهدفه مخططاتهم، وصولاً إلى المرحلة الراهنة التي تشهد ثورة للذكاء الاصطناعي الذي لا أحد يمكنه أن يجزم بطبيعة أفق تطوراته القريبة، حيث لا تُخطئ العين محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال الأدوات الخارقة للذكاء الاصطناعي، وتُرصد بالفعل أنشطة للمتطرفين وهم يحاولون توظيف تلك الثورة التقنية في خدمة ترسانتهم الدعائية والأيديولوجية؛ بعد أن أصبح في المتناول إمكانات متفوقة مقارنة بما كان متوفراً في السابق، وهذا مثلما أنه يُعتبر مكسباً حضارياً وبشرياً، إلا أنه يحمل في طياته الكثير من المخاطر تعلقاً بالتنظيمات المتطرفة.

محتويات عابرة للحدود اللغوية

لفت المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، إلى أن الكثير من المحتويات المتطرفة أصبحت عابرة للحدود اللغوية بين دول العالم، وهذا ما يؤشر إلى ارتفاع عمليات الاستغلال التقني للتنظيمات المتطرفة التي تُراهن على الإغراق، من خلال إطلاق نفس المواد الإعلامية من جهات متعددة وبشكل متزامن وفي صورة صيغ ولغات مختلفة، ولهذا تصبح عملية الرصد والتتبع والإغلاق أكثر تعقيداً من السابق، وما كان يتطلب في الماضي موارد بشرية وبأعداد كبيرة، قد أصبح بفعل الذكاء الاصطناعي أمراً متاحاً بأقل كلفة مادية وأمنية، مشيراً إلى أن العالم بات أمام مسؤولية تشاركية وملحة أكثر من أي وقتٍ مضى، ومُلزماً بأخذ الاحترازات الكافية لمنع وصول التطرف والإرهاب لبعض المعلومات الحساسة، التي نتفاجأ كيف أصبحت متاحة بمجرد تطمينات شكلية، يمكن أن يُقدّمها مستعمل منصات الذكاء الاصطناعي. وفي السياق ذاته، تتجلى أهمية التحكم في نوعية البيانات الضخمة التي تغذي هذه النماذج اللغوية الكبرى المحايدة من حيث الأصل، والمساهمة وتعزيز أي دور دولي مُلزم يحدد مقومات ومعايير المصداقية في هذه الأدوات، بما يحدّ – على أقل تقدير – من تحول إمكانات الذكاء الاصطناعي إلى وسيلة جديدة للتضليل، ومسلك آخر لإتاحة أدوات الفتك في يد الإرهابيين.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version