أعاد معرض “بنان 2025” الذي استضافته الرياض مؤخرًا، إلى الأذهان جماليات مدينة دمشق القديمة، وذلك من خلال الأعمال الفنية المميزة للحرفي السوري بشّار المجركش. ورغم غيابه الجسدي عن المعرض، إلا أن منمنماته الفنية الدقيقة نجحت في أن تكون حاضرة بقوة، لتنقل الزائر في رحلة عبر الزمن إلى قلب الشام العتيقة. هذه الأعمال الفنية تجسد منمنمات دمشق، وهي ليست مجرد قطع فنية بل ذاكرة بصرية حية.

منمنمات دمشق: إحياء للذاكرة الجماعية في “بنان 2025”

لم يكن جناح بشّار المجركش في معرض “بنان 2025” مجرد مساحة عرض لأعمال فنية، بل كان بمثابة نافذة تطل على دمشق التي نعرفها ونحبها. من خلال صناديق زجاجية تعرض مشاهد مصغرة نابضة بالحياة، استطاع المجركش أن يعيد إحياء تفاصيل الحياة اليومية في المدينة، من البيوت التقليدية إلى الأسواق الصاخبة والعادات الأصيلة. لقد كانت هذه المنمنمات بمثابة شهادة حية على جمالية دمشق، وقدرة أهلها على الحفاظ على تراثهم العريق.

تفاصيل دقيقة تحكي قصصًا كبيرة

تمتعت أعمال المجركش بدقة متناهية في التفاصيل، حيث تجسدت في كل منمنمة قصة كاملة. أحد المشاهد اللافتة كان يصور عائلة دمشقية تعد الكبة، مع التركيز على حركة اليدين وإبتسامات الوجوه. لم يغفل المجركش حتى أصغر التفاصيل، مثل وجود قطة تحاول سرقة قطعة لحم، مما أضفى على المشهد واقعية وحيوية. بالإضافة إلى ذلك، تنوعت الموضوعات لتشمل دكانًا تقليديًا يعج بالبضائع، ولقطات من الحياة اليومية كالفوانيس في الفجر، والنجارين في الأزقة الضيقة.

“بنان 2025”: منصة عالمية للحرف اليدوية والتراث السوري

يعتبر معرض “بنان” منصة مهمة للاحتفاء بالحرف اليدوية من مختلف أنحاء العالم، وتسليط الضوء على مساهمة الحرفيين في الحفاظ على التراث الثقافي. ويمثل تواجد أعمال المجركش في هذا المعرض فرصة مهمة لإبراز الفن السوري، والتعريف بجمالياته وإبداعاته. إن مشاركة مثل هذه الأعمال في المعارض الدولية يساعد في تعزيز التبادل الثقافي، وبناء جسور التواصل بين الشعوب.

رسالة فنية تتجاوز حدود الحرب

لم يخفِ المجركش رؤيته الفنية، حيث كان يعتبر أن عمله ليس مجرد تمثيل بصري للحياة الشامية، بل محاولة لإحياء الذاكرة الجماعية. وكما كان يقول دائماً: “الحرب تغيّر المدن، لكنها لا تنتزع قدرة الحرفيين على حفظ تفاصيلها.” وهذا القول يجسد عمق رسالته الفنية، وإيمانه بقوة الفن في مقاومة النسيان. إن هذه المنمنمات ليست مجرد أعمال فنية جميلة، بل هي صرخة مدوية في وجه الحرب، وتأكيد على أن التراث والثقافة هما أساس الهوية.

أبعاد منمنمات المجركش الفنية

إن حجم هذه المنمنمات، الذي لا يتجاوز حجم كف اليد، لا يقلل من قيمتها الفنية أو من تأثيرها العاطفي. على العكس، فإن هذا الحجم الصغير يجعلها أكثر جاذبية، وأكثر قدرة على الوصول إلى قلوب وعقول المشاهدين. كما أن هذا الحجم يرمز إلى قدرة الحرفيين السوريين على الإبداع والابتكار، حتى في ظل الظروف الصعبة. إن أعمال المجركش هي دليل على أن الفن يمكن أن يزدهر في أي مكان وزمان، وأن الإبداع لا يعرف حدودًا.

خاتمة: منمنمات دمشق.. إرث ثقافي يستمر

لقد نجح بشّار المجركش من خلال منمنمات دمشق في معرض “بنان 2025” في أن يقدم للعالم صورة حية وواقعية لمدينة دمشق، وأن يذكرنا بجمالها وتراثها العريق. إن هذه الأعمال الفنية ليست مجرد تحية للماضي، بل هي دعوة للحفاظ على الحاضر، وبناء مستقبل أفضل. ندعوكم لزيارة معرض “بنان” واستكشاف هذه الأعمال المميزة، والتفاعل معها، ومشاركة تجربتكم مع الآخرين. إنها فرصة لا تعوض للتعرف على الفن السوري، والتعبير عن دعمكم للحرفيين السوريين.

يمكنكم أيضاً متابعة أخبار الحرف اليدوية والمعارض الفنية عبر موقعنا للاطلاع على المزيد من الإبداعات والابتكارات في هذا المجال.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version