تُعد مدينة الرياض اليوم نموذجًا ملهمًا للمدن الذكية والمستدامة في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد إعلان الهيئة الملكية لمدينة الرياض عن نشر التقرير الطوعي المحلي الأول للمدينة على منصة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (UN DESA). هذه الخطوة التاريخية تجعل الرياض أول مدينة سعودية تنضم رسميًا إلى شبكة المدن العالمية التي تلتزم بمراجعة أدائها التنموي والمساهمة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الحضري. يمثل هذا الإنجاز تأكيدًا على التزام المملكة العربية السعودية برؤية 2030، ويسلط الضوء على التقدم الملحوظ الذي حققته الرياض في مختلف المجالات.
الرياض تتصدر المشهد الحضري المستدام
إن نشر هذا التقرير ليس مجرد إنجاز إداري، بل هو دليل قاطع على رؤية القيادة الحكيمة – حفظها الله – في إعطاء المدن والمناطق دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المستدامة وتوطين أهدافها. تتماشى هذه الخطوة بشكل كامل مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة، والتي تهدف إلى بناء مدن أكثر استدامة وازدهارًا، قادرة على توفير جودة حياة عالية لمواطنيها والمقيمين فيها. الرياض، بصفتها العاصمة والقلب النابض للمملكة، تتصدر الآن المشهد الحضري المستدام في المنطقة.
مؤشرات أداء متقدمة في مجالات حيوية
يعكس التقرير الطوعي المحلي للرياض تقدمًا ملحوظًا في العديد من المجالات الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان. يشمل ذلك مجالات الصحة والتعليم والنقل وجودة الحياة بشكل عام. على سبيل المثال، شهدت المدينة انخفاضًا كبيرًا في معدل وفيات الحوادث المرورية، حيث انخفض من 15 وفاة لكل 100 ألف نسمة في عام 2019 إلى 5.2 وفاة في عام 2022.
تحسين السلامة المرورية والبنية التحتية
هذا الانخفاض الملحوظ يعزى إلى الاستثمار الكبير في البنية التحتية المرورية، وزيادة استخدام أنظمة الكاميرات المرورية بنسبة مذهلة بلغت 320%. بالإضافة إلى ذلك، تم فحص أكثر من 12.3 مليون شاحنة في محطات الوزن، مما ساهم في ضمان سلامة الطرق وتقليل الحوادث. كما تم إنشاء ثلاثة مراكز عمليات أمنية (911) جديدة لتعزيز الاستجابة السريعة للحالات الطارئة.
تعزيز المساحات العامة وتحسين جودة الحياة
لم يقتصر التقدم على السلامة المرورية فحسب، بل امتد ليشمل تحسين جودة الحياة بشكل عام. ارتفعت نسبة السكان الذين يعيشون على بُعد أقل من 300 متر من المساحات العامة من 28% في عام 2019 إلى 35% في عام 2022، مع زيادة ملحوظة في هذه النسبة بين الشباب، حيث ارتفعت من 3.8% إلى 15%. هذا يدل على التزام الرياض بتوفير بيئة حضرية صحية ومريحة لجميع فئات المجتمع.
الرياض.. مدينة آمنة ومزدهرة
تعتبر مدينة الرياض من بين المدن الأكثر أمانًا في العالم، حيث سجلت متوسط 1.05 جريمة لكل 100 ألف نسمة، وهو معدل أقل بكثير من مدن عالمية كبرى مثل باريس (2) ونيويورك (5). كما انخفض معدل الجرائم العنيفة إلى 99 جريمة لكل 100 ألف نسمة، مما يعكس فعالية الإجراءات الأمنية المتخذة في المدينة. هذه المؤشرات تؤكد أن الرياض مدينة آمنة ومزدهرة، تجذب السكان والمستثمرين على حد سواء.
شراكات واسعة لتحقيق الاستدامة الحضرية
إن إعداد هذا التقرير لم يكن جهدًا فرديًا، بل هو نتاج شراكات واسعة مع أكثر من 46 جهة من القطاعين الحكومي والخاص والقطاع غير الربحي. تم إعداده وفق منهجية تشاركية تعكس نموذج الحوكمة المؤسسية في المدينة، والذي يركز على التخطيط الحضري المستدام وبناء قاعدة معرفية متينة تدعم اتخاذ القرار. هذه الشراكات تعزز التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية، مما يضمن تحقيق أفضل النتائج.
خطوة نوعية نحو العالمية
إن إدراج التقرير ضمن مراجعات المدن الطوعية في الأمم المتحدة يمثل خطوة نوعية تعزز مكانة الرياض كعاصمة حضرية على الخارطة الدولية. يفتح هذا الإدراج آفاقًا أوسع لبناء شراكات دولية، وتبادل الخبرات، وتوسيع نطاق التأثير التنموي للمملكة على المستويين المحلي والعالمي. كما يؤكد التزام الرياض بتبني أفضل الممارسات العالمية في مجال التخطيط الحضري والتنمية المستدامة.
في الختام، يمثل التقرير الطوعي المحلي لمدينة الرياض على منصة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إنجازًا تاريخيًا يعكس التزام المملكة العربية السعودية بتحقيق أهداف التنمية المستدامة. الرياض، بفضل رؤيتها الطموحة وجهودها الدؤوبة، أصبحت نموذجًا يحتذى به للمدن الذكية والمستدامة في منطقة الشرق الأوسط والعالم. ندعو الجميع إلى الاطلاع على التقرير الكامل والاستفادة من الخبرات التي تقدمها الرياض في مجال التنمية الحضرية المستدامة.


