في أحد الحقول المزدهرة في المدينة المنورة، يقف المزارع علي الحربي أمام أشجار النخيل المتلألئة بالثمار، مبتسمًا بفخر يقول إن ما كان حلمًا بعيد المنال قبل سنوات أصبح اليوم واقعًا ملموسًا: اكتفاء ذاتي في منتجات أساسية يتجاوز 100%. ولم يكن هذا مجرد تقدير ميداني، بل كشفته وزارة البيئة والمياه والزراعة في حديث لـ«عكاظ»، لتؤكد أن المملكة حققت أكبر قفزة زراعية في تاريخها الحديث.
«الأمن الغذائي لم يعد هدفًا بعيدًا، بل أصبح حقيقة يومية»، هكذا أكدت الوزارة، مذكرة بأن وصول الناتج الزراعي المحلي إلى 118 مليار ريال يعتبر الرقم الأعلى على الإطلاق.
الوزارة أكدت لـ«عكاظ» أن هذه القفزة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة رؤية السعودية 2030 التي وضعت الزراعة ضمن ركائز الاقتصاد الوطني، وبرامج طموحة شملت تحسين البنية التحتية الزراعية، وتبني التقنيات الحديثة، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوجيه الإقراض نحو الابتكار والاستدامة.
ثم جاءت النتيجة في إجمالي إنتاج غذائي يبلغ نحو 12.5 مليون طن، مع نسب اكتفاء مذهلة:
- التمور والحليب الطازج وبيض المائدة: 100%
- الخضراوات: 80%
- لحوم الدواجن: 70%
- الأسماك: 54%
تمكين الريف وصغار المزارعين
لا يقتصر الإنجاز على الأرقام فقط، بل يشمل تمكين آلاف المزارعين والأسر الريفية.
- برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة: دعم أكثر من 80 ألف مستفيد و50 ألف أسرة، بقيمة 2.5 مليار ريال، لتطوير القطاعات الإنتاجية في المناطق الريفية.
- برنامج الإعانات الزراعية: دعم 6.7 مليار ريال لصغار مربي الماشية.
- تدريب 15 ألف نحّال لإنتاج أجود أنواع العسل السعودي.
وفي جانب التمويل، أظهرت الوزارة أن صندوق التنمية الزراعية سجل أعلى مستوى إقراض في تاريخه، بأكثر من 7.1 مليار ريال، بزيادة تجاوزت عشرة أضعاف مقارنة بعام 2016، مع ارتفاع عدد المستفيدين إلى 14 ألف مستفيد مقابل 1300 فقط قبل تسع سنوات.
كما ارتفع إنتاج الخضراوات من البيوت المحمية المطورة إلى 796 ألف طن، ما عزز الكفاءة الإنتاجية وترشيد استهلاك المياه باستخدام تقنيات متقدمة.
ريادة مستدامة تغزو الأسواق العالمية
وفي صعيد التصدير، واصلت التمور السعودية ريادتها عالمياً، محققة المرتبة الأولى في قيمة الصادرات بإجمالي 1.7 مليار ريال وتوزيع إلى 133 دولة.
كما بلغت صادرات الأسماك أكثر من 40 ألف طن بقيمة 600 مليون ريال خلال عام 2024، ما يعكس نجاح المملكة في تنويع القاعدة التصديرية وتعزيز حضورها في الأسواق الدولية.
هذه الإنجازات تشكل تحولًا نوعيًا في منظومة الزراعة الوطنية، وتؤكد قدرة المملكة على تحقيق أمن غذائي مستدام، ودعم الاقتصاد الوطني، وتمكين الريف والمزارعين، ومواكبة معايير الاستدامة العالمية.
وتختم الوزارة حديثها لـ«عكاظ» بالتأكيد على أن الزراعة السعودية اليوم نموذج عالمي للابتكار والريادة، يعكس نجاح رؤية 2030 في جعل الاستدامة ركيزة للتنمية والازدهار.
أخبار ذات صلة


