أكد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة أن كوكب الأرض يمر حالياً بمرحلة من التسارع غير المتوقع في دورانه، الأمر الذي يؤدي إلى تسجيل مجموعة من أقصر الأيام في تاريخ البشرية، دون أن يكون لذلك تأثير محسوس على حياة الناس اليومية.

وأوضح أن الأرض التي تدور حول محورها خلال 24 ساعة (ما يعادل 86.400 ثانية)، بدأت منذ عام 2020 تسجل أياماً أقصر بمقادير تُقاس بأجزاء من الألف من الثانية، بفضل الرصد الدقيق للساعات الذرية، مشيراً إلى أن يوم 5 يوليو 2024 سُجل أقصر يوم معروف في العصر الحديث، إذ كان أقصر بـ1.66 مللي ثانية من اليوم القياسي.

وبيّن أن التوقعات الفلكية تشير إلى أن صيف 2025 سيشهد تسجيل ثلاثة من أقصر أيام العام وربما أقصر أيام العصر الحديث، مبيناً أن هذه البيانات تُحدد بحسابات دقيقة تنفّذها مؤسسات مثل «الخدمة الدولية لدوران الأرض والمراجع»، التي تراقب الفروقات الدقيقة بين الزمن الفلكي (UT1) والزمن الذري (TAI).

وحول أسباب هذا التسارع، أوضح أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى تفسير قاطع، لكن هناك عدة فرضيات قيد الدراسة، أبرزها: تغيرات في حركة نواة الأرض السائلة، وذوبان الجليد القطبي وإعادة توزيع الكتلة، والزلازل الكبرى وتأثيرها على التوازن الداخلي، والتغيرات في تأثير القمر والمد والجزر.

وأكد أن تأثير هذا التسارع لا يشعر به الإنسان في حياته اليومية، إلا أن تأثيره التقني قد يكون ملموساً في الأنظمة الرقمية الدقيقة مثل أنظمة الملاحة GPS، والأقمار الصناعية، والبنى التحتية الحساسة مثل توقيتات البث والخوادم البنكية، موضحاً أنه في حال استمرار هذا التسارع، قد تضطر الهيئات الدولية المعنية بالزمن إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة تعرف بـ«الثانية السالبة»، التي تعني حذف ثانية واحدة من التوقيت العالمي المنسق (UTC) لتعويض الفارق المتزايد.

وأوضح رئيس الجمعية الفلكية بجدة أن جميع التعديلات السابقة على التوقيت كانت بإضافة ثوانٍ كبيسة موجبة، لكن لم تُحذف ثانية واحدة من قبل، ويُتوقع أن يحدث ذلك لأول مرة في عام 2029 إذا استمر النمط الحالي.

واختتم المهندس أبو زاهرة حديثه بالتأكيد أن هذه الظاهرة رغم غرابتها وأهميتها العلمية، لا تمس حياة الناس بشكل مباشر، لكنها تذكير بديناميكية كوكبنا المعقدة، وبأن الأرض ليست مجرد جرم ثابت، بل آلة كونية دقيقة لا تزال تفاجئنا وتسبق الزمن.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version