أصدر مجلس الوزراء السعودي قرارًا بتعديل تنظيم المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية، وذلك بهدف تعزيز استقلاليته الإدارية والمالية وتحسين كفاءة عمله. جاء القرار خلال الجلسة التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بعد دراسة مقترحات من وزارة الصحة وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. يمثل هذا التعديل خطوة مهمة في دعم جهود المملكة لتطوير خدمات الصحة النفسية.
نُشر القرار في جريدة أم القرى الرسمية، ويهدف إلى تحديث الإطار التنظيمي للمركز بما يتواكب مع التطورات في مجال الصحة النفسية، ويزيد من قدرته على تحقيق أهدافه الاستراتيجية. وتأتي هذه التعديلات في سياق رؤية المملكة 2030 التي تولي اهتمامًا كبيرًا بتحسين جودة الحياة وتوفير الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين.
تعديلات تنظيم المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية
تضمنت التعديلات الرئيسية تغييرًا في تبعية المركز الإدارية، حيث أصبح يرتبط مباشرة بوزير الصحة بدلاً من وزارة الصحة بشكل عام. يهدف هذا التغيير إلى تسريع عملية اتخاذ القرار وتمكين المركز من العمل بمرونة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، تم تعديل بعض الصلاحيات المتعلقة باللوائح المالية والإدارية.
تفاصيل التعديلات
أولاً، تم تعديل المادة الثانية لتصبح صياغتها “يرتبط المركز تنظيمياً بوزير الصحة”. هذا التعديل يعزز من سلطة المركز في إدارة شؤونه اليومية. ثانياً، فيما يتعلق باللوائح الداخلية، نص القرار على أن إقرار اللوائح الإدارية سيكون بالاتفاق مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بينما سيكون إقرار اللوائح المالية والأحكام ذات الأثر المالي بالاتفاق مع وزارة المالية. هذا الإجراء يضمن التنسيق والالتزام بالأنظمة المالية والإدارية للدولة.
كما تضمنت التعديلات إضافة عبارة “بما لا يتعارض مع الأنظمة والقرارات ذات الصلة” إلى المادة الثامنة، المتعلقة بأجور ومزايا موظفي المركز. هذا يوضح أن المركز يتمتع بصلاحية تحديد الأجور والمزايا، ولكن ضمن الإطار العام للأنظمة والقوانين المعمول بها.
علاوة على ذلك، تم تعديل المادة التاسعة لتؤكد على استقلالية ميزانية المركز السنوية. ويشمل ذلك تحديد مصادر الإيرادات التي تعتمد على التخصيصات الحكومية بشكل أساسي.
تحديد المقابل المالي للخدمات
فيما يتعلق بالمقابل المالي للخدمات التي يقدمها المركز، فقد تقرر أن يتم تحديده بالاتفاق بين وزارة المالية ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية، وذلك إلى حين صدور نظام “حوكمة ممارسة فرض المقابل المالي للخدمات والأعمال المقدمة من الجهات التي من صلاحيتها نظاماً فرض مقابل مالي”. هذا الإجراء يهدف إلى ضمان الشفافية والعدالة في تحديد الرسوم، وتجنب أي تأثير سلبي على المستفيدين من خدمات الصحة النفسية.
وتشمل التعديلات أيضًا تأكيدًا من وزارة الصحة والمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية بأنه لن يكون هناك أي تكاليف مالية إضافية على الميزانية العامة للدولة نتيجة لهذه التعديلات، ولا طلب لزيادة المخصصات المالية المعتمدة. هذا يعكس حرص الحكومة على ترشيد الإنفاق العام وضمان الاستدامة المالية.
تأتي هذه التعديلات في وقت تشهد فيه المملكة اهتمامًا متزايدًا بمجال الرعاية النفسية، وتعمل على تطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة للمواطنين. وتسعى وزارة الصحة إلى توفير خدمات صحية نفسية عالية الجودة ومتاحة للجميع، وتعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية.
من المتوقع أن تساهم هذه التعديلات في تحسين أداء المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية، وزيادة فعاليته في تقديم الخدمات والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز الصحة النفسية للمجتمع. وسيكون من المهم متابعة تنفيذ هذه التعديلات وتقييم أثرها على المدى القصير والطويل.
وفيما يتعلق بالخطوات القادمة، من المنتظر أن تقوم وزارة الصحة بتحديد آليات تنفيذ هذه التعديلات، وإعداد اللوائح والقرارات اللازمة لتطبيقها على أرض الواقع. كما سيكون من المهم التنسيق مع الجهات المعنية، مثل وزارة المالية ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، لضمان سلاسة عملية التنفيذ.
يُذكر أن المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية يهدف إلى تطوير وتنفيذ السياسات والبرامج التي تعزز الصحة النفسية، وتساهم في الوقاية من الأمراض النفسية، وتوفير الرعاية والدعم للمرضى وأسرهم. ويعتبر المركز جزءًا أساسيًا من منظومة الرعاية الصحية في المملكة، ويسعى إلى تحقيق التكامل والتنسيق بين مختلف الجهات العاملة في هذا المجال.



