بينين تشهد توترات سياسية متصاعدة بعد محاولة انقلاب واعتقال شخصية بارزة، وتثير هذه الأحداث مخاوف بشأن استقرار الديمقراطية في البلاد. فبعد أيام قليلة من محاولة الانقلاب الفاشلة، أعلن حزب “الديمقراطيون” عن اعتقال شابي جورج نادجيم يايي، أمينه الوطني للشؤون الخارجية ونجل الرئيس السابق بوني يايي. هذا التطور، إضافة إلى قضية تسليم الضابط الهارب إلى توغو، يضع بنين على مفترق طرق سياسي حساس.
محاولة الانقلاب الفاشلة وتداعياتها على بنين
في تطور مفاجئ، شهدت بنين في الفترة الأخيرة محاولة انقلاب أطلقها العقيد باسكال تيغري وعدد قليل من العسكريين. استهدفت المجموعة مقر التلفزيون الرسمي في محاولة للإطاحة بالرئيس الحالي باتريس تالون. سرعان ما تدخلت القوات المسلحة البنينية، مدعومة بقوات من نيجيريا ومعلومات استخبارية من فرنسا، لإحباط المحاولة واستعادة الأمن في كوتونو، العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وقد أسفرت هذه الأحداث عن اعتقال 14 مشتبهاً بهم، وذكرت السلطات عن وقوع ضحايا من كلا الجانبين. تمكن تيغري والعديد من رفاقه من الفرار إلى الأراضي التوغولية المجاورة. وقد أرسلت المخابرات البنينية مذكرة رسمية إلى نظيرتها التوغولية، تطالب بتسليم العقيد الفار، مشيرةً إلى وجود دليل على تواصله مع رقم هاتف توغولي في يوم محاولة الانقلاب.
اعتقال نجل الرئيس السابق: تصعيد للتوترات السياسية
الاعتقال المفاجئ لشابي جورج نادجيم يايي، نجل الرئيس السابق بوني يايي، أدخل بنين في دوامة جديدة من التوتر السياسي. أعلن حزب “الديمقراطيون” أن الاعتقال تم في ساعة متأخرة من الليل من قبل عناصر يرتدون زي الشرطة، واصفين العملية بأنها “انتهاك صارخ لمبادئ دولة القانون”.
ويُعد يايي شخصية مؤثرة في الحزب، واعتقاله يثير تساؤلات حول دوافع السلطات وتوقيتها. الحزب يطالب بالإفراج الفوري عنه، مُدينًا عدم إبلاغ أسرته أو قيادة الحزب قبل أو أثناء عملية الاعتقال. تزامن هذا الاعتقال مع تحقيقات أمنية مكثفة في أعقاب محاولة الانقلاب في بنين، مما دفع البعض إلى التكهن بوجود صلة بينهما.
ردود الفعل المحلية والدولية على الاعتقال
أثار اعتقال يايي إدانة واسعة النطاق من قبل المعارضة ومنظمات المجتمع المدني في بنين. يرى الكثيرون أن هذا الاعتقال هو محاولة لقمع المعارضة السياسية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.
على الصعيد الدولي، تتابع الأوساط الدبلوماسية الوضع في بنين بقلق بالغ. هناك مخاوف من أن تصاعد التوتر يمكن أن يؤثر على الاستقرار الإقليمي، خاصةً مع وجود ملف تسليم المطلوبين المعلق بين بنين وتوغو. تخشى بعض الجهات من أن يرفض توغو تسليم الضابط تيغري، مما قد يشير إلى تورطها في دعم محاولة الانقلاب.
مستقبل العلاقة بين بنين وتوغو وتأثير ذلك على الاستقرار الإقليمي
إن رد توغو على طلب التسليم سيكون له تأثير كبير على مستقبل العلاقات بين البلدين وعلى الاستقرار الإقليمي. رفض تسليم تيغري قد يُنظر إليه على أنه دعم ضمني للانقلابيين، مما قد يؤدي إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية وتصعيد التوترات الحدودية.
من ناحية أخرى، قد يؤدي الاستجابة الإيجابية إلى تهدئة الأوضاع، وإعادة بناء الثقة بين البلدين. لكن تظل المخاوف قائمة بشأن احتمال وجود شبكة دعم أوسع للانقلابيين تمتد عبر المنطقة.
الانتخابات الرئاسية القادمة والمشهد السياسي في بنين
في ظل هذه الظروف المتوترة، تستعد بنين لانتخابات رئاسية حاسمة. يُتوقع أن تنهي هذه الانتخابات عهد الرئيس الحالي باتريس تالون، الأمر الذي يزيد من أهمية ضمان إجراءها بنزاهة وشفافية.
يعتبر وزير المالية روموالد واداغني المرشح الأوفر حظاً لخلافة تالون، ولكن المشهد السياسي لا يزال مفتوحاً على جميع الاحتمالات. ويشكل مستقبل السياسة في بنين تحديًا كبيرًا في ظل تزايد الانقسامات السياسية والاجتماعية. يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معًا لضمان انتقال سلمي للسلطة وحماية الديمقراطية في البلاد.
الخلاصة
يشهد الوضع في بنين تصاعدًا خطيرًا في التوترات السياسية، بدءًا من محاولة الانقلاب الفاشلة وصولًا إلى اعتقال شخصيات معارضة بارزة. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، من الضروري أن تعمل السلطات البنينية على تهدئة الأوضاع، واحترام سيادة القانون، وضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة. كما أن دور توغو في التعامل مع قضية تسليم الضابط الفار سيكون حاسمًا في تحديد مستقبل العلاقة بين البلدين والاستقرار الإقليمي. يجب على المجتمع الدولي مواصلة مراقبة الوضع في بنين عن كثب، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز الديمقراطية والاستقرار في البلاد.


